الإثنين 08 يوليو 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

منذ فترة ليست بالقصيرة وأنا أتابع منشورات الزملاء الأفاضل على صفحاتهم الشخصية أو الجروبات القانونية ، ثم أجدني محجم عن التعليق ، وأنظر في التعليقات فيزداد يقيني بأن إحجامي هذا في موضعه الصحيح.

المشكلة تكمن في أن نسبة لا بأس بها أحجمت استسهالا أو كسلا عن إجهاد نفسها بالبحث عن الآراء القانونية السديدة والحلول العملية السلمية للمسائل القانونية التي تعترض طريقها أثناء ممارسة عملها ، وارتكنت إلى مجرد التساؤلات الفيسبوكية التي كثيراً ما يغلب على صياغتها عدم الإحكام والوضوح ، واقتنعت بالإجابات والردود السريعة الغير مصقولة بالرأي القانوني أو السند الصحيح.

والأغرب من هذا أنك تجد السائل بكل فجاجة يطالب المجيب على تساؤله بالسند القانوني للإجابة !!!

في الحقيقة هذا الذي يحدث ، ما هو إلا نذير شؤوم على المحاماة وآدابها وأخلاقياتها ، ونذير شؤوم على مستقبل المحامين والمحاماة على حدٍ سواء.

لأن الذي يرى أستاذه في المكتب لا يبحث ولا يقرأ ، يستهل هو الآخر كتابة منشور للقضايا التي يُكلّف بأداء دور فيها ، وينتظر أن يبحث غيره عن الإجابة ويقدمها له على طبق من ذهب.

والحقيقة أن من يفعل ذلك ؛ يقتل نفسه مهنيًا بالبطيء ، لأن المحامي لا يصبح محاميًا ، ولا يصلح أن يكون كذلك ، إذا أفتقد لمهارات ومقومات المحامي ، وأولها: مهارة البحث القانوني ، وثانيها: مهارة التكييف القانوني ، وثالثها: مهارة التطبيق العملي الصحيح للنصوص التشريعية ، ورابعها: مهارة الكتابة باللغة القانونية السليمة ، وخامسها: مهارة التعليق على الأحكام القضائية ، ولا ننسى أهم المهارات وأدقها وأخطرها ، والتي ما أخرت إلا أهميتها وهي مهارة الفهم أو التفسير القانوني المنضبط.

فكيف تقنع نفسك وموكلينك ومن حولك بأنك محام ، وأنت تفتقر لمقومات ومهارات المحامي.

كيف تعتقد أنك تستطيع أن تؤتمن على حياة وحريات وأموال ومصالح العباد ؛ وتبادر مسرعًا إلى فتح مكتب ووضع لافتة تعنونها بمكتب الأستاذ/ة فلان/ة الفلاني/ة  المحامي/ة ، وأنت لا تستطيع قراءة النصوص القانونية قراءة منضبطة ؟!!

كيف تواجه النيابة بخطئها في القيد والوصف ، إن لم تكن تعمقت في فهم النص ومراميه ومقصد الشارع منه ؟!!

كيف تواجه الحكم بخطئها في تطبيق النص ، وأنت لم تصل بعد إلى تفسيره على النحو الصحيح ؟!!

يجب أن ننشغل جميعًا نقابة ومكاتب بتكوين ملكات الفهم الصحيح والتطبيق العملي السليم للنصوص التشريعية بكافة درجاتها.

والواجب أولاً وأخيراً وقبل الكل عليك عزيزي المحامي ؛ فعليك أن تبادر إلى اكتساب تلك المهارات بكل ما أوتيت من قوة ، لأنك بدونها لن تكون محاميًا.

تم نسخ الرابط