إن المقاومة في غزة كانت تدرك أن معركتها لن تقتصر على القتال بالسلاح فقط، بل رأت أن من أهم مقومات النصر في تلك المعركة هو توظيف الصورة الإعلامية التي لاتكذب ولا تتجمل، لأنها تدرك قوة الميديا الإسرائلية، والتي تساندها وتدعمها في كل ما تقول - وما تقوله كذب- الميديا العالمية، ولذلك عملت المقاومة على توظيف كل الأسلحة التي تستطيع أن تحمي بها تلك الصورة لتكون شاهدة على كل ما يدور من وقائع سواء في ميدان المعركة أم في غيرها من ميادين التحدي الأخرى، ثم تبثها للعالم كله من غير تلفيق ولا تزوير، فحرصت على أن يحمل مقاتلوها في أيدبهم وخوزهم كاميرات تنقل كل مواجهة مع العدو، وما تُوقِعه فيه من خسائر في الجنود والعتاد، وفي الأيام الأولى من المعركة أخذ العدو يروج - كعادته- عددا من الأكاذيب والأضاليل لِيَسِم المقاومة بالداعشية، فالدعى أنها قَطَعَت - بوحشية- رؤوس الأطفال، وقتلت الكبار من النساء والرجال، بسرعة تفاعلت الميديا العالمية مع هذه الدعاية الكاذبة فأخذت ترددها في كل أركان الدنيا، وللأسف فإن الرئيس الأمريكي بايدن نفسه سقط في هوة تلك الدعاية الكاذبة، حتى لكأنه المتحدث الرسمي لدولة الاحتلال، ثم ثبت بعد ذلك أنها من إحدى أكذوبات الصهاينة الذين لم يستطيعوا أن يثبتوا للعالم صحة ما ادعوه، مما أدى إلى أن يفقد الإعلام العالمي كثيرا من مصداقيته، وبعدها بدأ يتراجع ويراجع كل ما يقال على لسان الإعلام الصهيوني.
كما حاول جيش الكيان أن يرفع من الروح المعنوية لمواطنيه في الداخل فادعى أنه استولى على مساحات واسعة من غزة، وأن المقاومة فقدت السيطرة على هذه الأجزاء فخرجت الصورة من إعلام المقاومة لتكذب تلك الدعاية حيث أظهرت رجال المقاومة في هذه المناطق وهم يتحركون فيها، فينصبون الألغام، ويوقعون بجنود العدو وآلياته خسائر فادحة من خلال القنص، أو بمدافعهم التي فجروا بها أحصن دباباتهم ( الميركافا والنمر) مما اضطرت بعض سراياهم إلى الانسحاب من الميدان من شدة بأس المقاومة وكثافة نيرانها.
ثم ادعت إسرائيل بأن أسراها يعاملون معاملة سيئة، وطالبت الصليب الأحمر بمقابلتهم للاطمئنان على أحوالهم، فجاءت الصورة الإعلامية من طرف المقاومة لتدحض هذا الدعاية حيث تم تصوير الأسرى بعد الإفراج عنهم وهم يتعاملون مع رجال المقاومة بكل ود وتقدير واحترام، وعند الوداع أظهرتهم الصورة وهم يلوحون لأهل غزة بإشارات التقدير والمودة، فأسقط في يد الإسرائليين، بعدما تأكدوا أنهم خسروا معركتهم الإعلامية القائمة على التضليل وإشاعة الأكاذيب؛ لأن المقاومة استطاعت أن تخوض معركتها الإعلامية عن جدارة واستحقاق، بعدما وظفت الصورة لتكون هي الحكم أمام العالم بين ما تبثه إسرائيل من أكاذيب وأباطيل ليس معها ما يؤكد على صحتها، وبين ماتنشره المقاومة من حقائق لا تقبل الشك لأنها موثقة من خلال الصورة التي لا تكذب ولا تتجمل.