النقض: تقدير حالة المتهم النفسية والعقلية يحتاج إلى خبير
حكما هاما أودعته محكمة النقض برئاسة المستشار عابد راشد وعضوية المستشارين أحمد أحمد خليل وأحمد محمود شلتوت ووليد عـادل نواب بحضور محمد شفيع رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض بأمانة سر محمد فوزي في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة
في يوم الأحد ٢ من ربيع ثان سنة 1440 هـ الموافق 9 من ديسمبر سنة ٢٠١٨ م .
أصدرت الحكم الآتي :
في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم ٢٧١٥٨ لسنة 86 القضائية المرفوع من محكوم عليه – طاعن "
ضد النيابة العامة مطعون ضدها
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم .... لسنة ٢٠١٥ .... ، والمقيدة بالجدول الكلى رقم
.... لسنة ٢٠١٥ شمال القاهرة .
بأنه في يوم ٢٥ من يوليو لسنة ٢٠١٥ بدائرة قسم الزاوية لحمراء - محافظة القاهرة
1 - قتل المجنى عليه عمداً بانه وابان شجاراً شب بينهما على أثر خلاف أسرى حتى أشهر سلاحاً أبيضاً ( سكين ) وكال للمجنى عليه طعنة اصابته في مقتل بنية إزهاق روحه محدثاً أصابته الموصوفة بتقرير الطب الشرعي المرفق بالأوراق والتي أودت بحياته على النحو المبين بالتحقيقات.
٢- أحرز بسلاح أبيض ( سكين ) دون مسوغ قانوني أو مبرر من الضرورة المهنية أو الحرفية .
وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقيته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة .
والمحكمة المذكورة بعد أن عدلت وصف التهمة بجعلة:-
عمداً بسلاح أبيض " سكين " فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي
۱- ضرب المجنى عليه
الدفاع الشرعي ولم يكن قاصداً من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موت المجنى عليه.
۲- احرز سلاح أبيض "سكين " دون مسوغ قانوني أو مبرر من الضرورة المهنية أو الحرفية.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في ٢١ من مايو لسنة ٢٠١٦ وعملاً بالمواد ١/٢٣٦ عقوبات ، ۱/۱ ،
٢٥ مكرر/۱ ، 1/۳۰ من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون ٢٦ لسنة 1978 ، 165 لسنة
۱۹۸۱ والبند رقم 6 من الجدول رقم 1 المرفق بالقانون والمعدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة ٢٠٠٧
مع اعمال المادة 33 من قانون العقوبات بمعاقبة . . بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات عما أسند اليه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في 9 من يونيه لسنة ٢٠١٦
أودعت مذكرة بأسباب طعن المحكوم عليه في 8 من يوليه لسنة ٢٠١٦ موقعاً عليها من الأستاذ .... المحامي.
وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما بمحضر الجلسة
المحكمـة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانونا.
حيث إن الطعن استوفي الشكل المقرر في القانون .
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الضرب المفضى إلى الموت وإحراز سلاح أبيض بغير مسوغ من الضرورة المهنية أو الحرفية قد شابه القصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال - ذلك بأن دفاعه قام على انتفاء مسئوليته الجنائية لما أصابه من اضطراب نفسي، - بيد أن الحكم رد على هذا الدفاع بما لا يصلح ردا - مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث أن الثابت من محضر جلسة المحاكمة بتاريخ ٢٠١٦/٥/٢١ أن المدافع عن الطاعن دفع بانتفاء مسئوليته الجنائية عن الواقعة لما أصابه من اضطراب نفسي، لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن وإطراحه في قوله " وحيث أنه وعن الدفع بامتناع عقاب المتهم عملا بنص المادة 62/1 عقوبات فإنه مردود اذ خلت الأوراق مما يفيد على وجه قاطع أن المتهم كان يعاني وقت ارتكاب الجريمة من اضطراب نفسي أو عقلي أفقده الإدراك أو الاختيار ومن ثم تقضى المحكمة برفض هذا الدفع.
لما كان ذلك، وكان النص في المادة ٦٢ من قانون العقوبات المستبدلة بالقانون 71 لسنة ٢٠٠٩ بإصدار قانون رعاية المريض النفسي وتعديل بعض أحكام قانون العقوبات قد نص على أنه "لا يسأل جنائياً الشخص الذي يعاني وقت ارتكاب الجريمة من اضطراب نفسي أو عقلى أفقده الادراك أو الاختيار أو الذي يعاني من غيبوبة ناشئة عن عقاقير مخدرة أيا كان نوعها اذا أخذها قهراً عنه أو عنه أو عن غير علم منه ويظل مسئولاً جنائياً الشخص الذي يعاني وقت ارتكاب الجريمة من اضطراب نفسي أو عقلي أدى إلى انقاص ادراكه أو اختياره، وتأخذ المحكمة في اعتبارها هذا الظرف عند تحديد مدة العقوبة "وهو نص مستحدث يتمثل في إضافة الاضطراب النفسي للمتهم اذا ما أفقده الادراك أو الاختيار وقت ارتكاب الجريمة واعتبره سبباً للإعفاء من المسئولية الجنائية اما اذا اقتصر أثره على الانتقاص من ادراك المتهم أو اختياره يظل المتهم مسئولاً عن ارتكاب الجريمة ، وان جاز اعتبار هذا الانتقاص ظرفاً مخففاً للمحكمة الاعتداد به عند تقدير العقوبة التي توقع عليه ، وإذ كان دفاع المتهم بالمنازعة في مدى مسئوليته لإصابته باضطراب نفسي أو عقلي ينال من ادراكه أو شعورة، دفاع جوهرى اذ يترتب على ثبوته اعفاء المتهم عن المسئولية أو الانتقاص منها وفق ما تضمنه النص سالف الذكر .
لما كان ذلك، ولئن كان من المقرر أن تقدير حالة المتهم الفعلية أو النفسية من المسائل الموضوعية التي تختص محكمة الموضوع بالفصل فيها، الا أنه لسلامة الحكم يقين اذا ما تمسك به المتهم أن تجرى تحقيقاً في شأنه بلوغاً كفاية الأمر فيه، ويجب عليها تعيين خبير للبت في هذه الحالة اثباتاً أو نفياً، أو أن تطرح هذا الدفاع بما يسوغ .
لما كان ذلك، وكان ما رد به الحكم على دفاع الطاعن في هذا الشأن – على السياق المتقدم - لا يسوغ به اطراحه، اذا لا يصح أطراحه بخلو الأوراق مما يفيد على وجه قاطع أن المتهم كان يعاني وقت ارتكاب الجريمة به الحكم من اضطراب نفسي أو عقلي لأن البداءة يتضمن الدعوة الى تحقيقه ، مما يصم الحكم – في الرد على هذا الدفاع بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
لما كان ذلك، فإنه يتعين نقض الحكم والاعادة، دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكم : بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات القاهرة لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى .