حتماً سيأتي الوقت الذى لا نستطيع فيه أن نقترب إلا لمن يشبهنا .
هذا أمر من المفروض أن يكون طبيعياً لكن الأوقات القاسية تفرض ذلك بصورة أكثر إلحاحاً .
تنبئك تلك الأوقات بأنه لا يجب أن تقترب فيها إلا لمن يشبهك .
لم نعد نمتلك تلك الرفاهية التي يمكن أن ندخل معها في تجربة صداقة أو تعارف .
لم يعد هناك متسع من طاقة لكي نخطو خطوات جديدة نحو نتيجة علاقة إنسانية وما إذا كان يجب أن تستمر أم لا .
لم يعد هناك متسع أبداً لتلك المغامرة .
اقترب ممن يشبهك فقط .
أكررها اقترب ممن يشبهك فقط .
ابتعد عن هؤلاء الذين يشكل وجودهم عبئاً ثقيلاً على وجدانك وعقلك وضميرك .
ليس عليك أبداً وزراً فيما لو أغلقت دائرة الاقتراب منك .
أنت لست مالاً شائعاً يجوز للملاك أن ينتفعون بكل جزئية فيه وليست أرضاً بلا صاحب يجوز لكل مارٍ أن يرتع فيها .
لا يجب أن تكون هذا أو ذاك .
يجب أن تصنع لك سياجاً آمنناً يحميك من السطو على كينوننك التي هي أعظم ما يمكن أن تميزك كإنسان .
ربما هذا الكلام يوحي بأنني أقصد به الانعزال عن المجتمع والدخول في انفصام عنه .
لا .
لا أقصد ذلك أبداً.
شارك هذا المجتمع بكل ما يجب عليك القيام به .
كن عنصراً فعالاً .
كن أحد أركان الدائرة الاجتماعية التي حولك .
كن إيجابياً بمعني الكلمة لكن حين تركن إلى أحد منهم فتخير من يشبهك .
من يشبهك فقط .
لقد أديت دورك المجتمعي وانتهى الأمر وبقي دورك أنت لنفسك وكيانك وذاتك الإنساني .
هذا أمر يختلف كل الاختلاف أيضاً عن قبول الآخر والتحاور مع من يخالفنا في الفكر والمعتقد .
لا أقصد هذا أيضاً .
هذا أمر يتعلق بحوار العقل وضرورة من ضرورات الحياة المعقدة وما أقصده شىء يختلف .
ستظل بوصلتك تبحث عن هذا الشخص الذى يشبهك حتى تحدث المعجزة فتلقاه .
هو أيضاً كان يبحث عنك فيلقاك.
فضاء خارجي واسع المدى مثل السماء كانت هى رقعة البحث .
عندما تحدث هذه المعجزة لن تهتم بصخب لا يمثل لديك سوى صوت ضجيج أجوف .
لن تهتم بمن يتخلى عنك . هو يتوهم أنه صنع ذلك بينما لا تعلم أنت متى اقترب ومتى بعد .
كل الذين يتركوك دون أن يشبهوك لن تشعر بغيابهم .
مفهوم جديد ستعلمه عن الوحدة والعزلة .
لن يكون له أدنى جانب سلبي . على العكس تماماً .
الوحدة تعني أن هناك مساحة تشبهك ركنت إليها وأخفيت رأسك بصدرها كامرأة تحبها .
والعزلة تعني أن هناك قدراً عظيماً من التأملات تستطيع أن تنسج منه أفكاراً لا يمكن أن تتأتي لك إلا به .
مساحة رحبة تستطيع النفس أن تتحرك في أجوائها دون أن يحد من تحركها قانون الجاذبية .
كل مرات الفقد العظيمة كانت لهؤلاء الذين كانوا يشبهونني .
لم تكن كثيرة في الحقيقة لأن هؤلاء الذين ليسوا كثر .
قم بأداء دورك المجتمعي على أكمل وجه .
أذهب هنا وهناك . تحاور مع هؤلاء الذين يجب أن تتحاور معهم كطقس يومي يفرضه عليك روتين الحياة .
تجاوب مع الطرح والفكرة .
ابتسم عندما يتحتم عليك أن تفعل ولا مانع من أن تتحول إلى ضحكات .
كن بشوشاً إلى الدرجة التي تستطيعها .
افعل كل شىء من أجل انجاز يومك بشكل جيد .
بعد كل هذا ستخرج من تلك الدائرة .
ستكون حراً طليقاً من قيد الكلمة والفكرة والبسمة والضحكة .
من قيد التحمل والتعايش والتغاضي والحديث الصامت الذى لا يجب أن يستحيل إلى كلمة .
ستخرج من هذه الدائرة الضيقة التي تفرض عليك أشياءً كثيرة .
بعدها تدخل الى دائرك أنت .
المنطقة المحرمة . قدس الأقداس لو اعتبرتها لا ضير عليك .
هنا لن تقول إلا ما تحب؟
لن تبتسم إلا عندما تريد أنت .
لن تقول حتى مرحباً إلا إذا أحببت .
تضحك عندما تشعر برغبتك في الصخك .
تبكي عندما تشعر برغبتك في البكاء .
تهرع إليها أو إليه لا يهم .
تحادثها أو تحادثه لا يهم .
تحكي لها أو له لا يهم .
هنا ترتشف الهدوء والطمأنة .
هنا تجد السلام الداخي وهدئة الروح ورجاحة الفكرة وسلامة العقل وراحة الضمير .
هنا أنت مع ما يشبهك .
هنا أنت مع من بحثت عنه وبحث هو عنك .
هنا أنت في حضرة المعجزة التي بقيت من الزمان .