ads
الإثنين 25 نوفمبر 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

حتماً سيأتي الوقت الذى لا نستطيع فيه أن نقترب إلا لمن يشبهنا .

هذا أمر من المفروض أن يكون طبيعياً لكن الأوقات القاسية تفرض ذلك بصورة أكثر إلحاحاً . 

تنبئك تلك الأوقات بأنه لا يجب أن تقترب فيها إلا لمن يشبهك .

لم نعد نمتلك تلك الرفاهية التي يمكن أن ندخل معها في تجربة صداقة أو تعارف .

لم يعد هناك متسع من طاقة لكي نخطو خطوات جديدة نحو نتيجة علاقة إنسانية وما إذا كان يجب أن تستمر أم لا .

لم يعد هناك متسع أبداً لتلك المغامرة . 

اقترب ممن يشبهك فقط .

أكررها اقترب ممن يشبهك فقط .

ابتعد عن هؤلاء الذين يشكل وجودهم عبئاً ثقيلاً على وجدانك وعقلك وضميرك .

ليس عليك أبداً وزراً فيما لو أغلقت دائرة الاقتراب منك .

أنت لست مالاً شائعاً يجوز للملاك أن ينتفعون بكل جزئية فيه وليست أرضاً بلا صاحب يجوز لكل مارٍ أن يرتع فيها .

لا يجب أن تكون هذا أو ذاك .

 يجب أن تصنع لك سياجاً آمنناً يحميك من السطو على كينوننك التي هي أعظم ما يمكن أن تميزك كإنسان . 

ربما هذا الكلام يوحي بأنني أقصد به الانعزال عن المجتمع والدخول في انفصام عنه .

لا .

 لا أقصد ذلك أبداً.

شارك هذا المجتمع بكل ما يجب عليك القيام به .

 كن عنصراً فعالاً .

 كن أحد أركان الدائرة الاجتماعية التي حولك .

 كن إيجابياً بمعني الكلمة لكن حين تركن إلى أحد منهم فتخير من يشبهك . 

من يشبهك فقط . 

لقد أديت دورك المجتمعي وانتهى الأمر وبقي دورك أنت لنفسك وكيانك وذاتك الإنساني . 

هذا أمر يختلف كل الاختلاف أيضاً عن قبول الآخر والتحاور مع من يخالفنا في الفكر والمعتقد . 

لا أقصد هذا أيضاً .

 هذا أمر يتعلق بحوار العقل وضرورة من ضرورات الحياة المعقدة وما أقصده شىء يختلف . 

ستظل بوصلتك تبحث عن هذا الشخص الذى يشبهك حتى تحدث المعجزة فتلقاه .

 هو أيضاً كان يبحث عنك فيلقاك.

 فضاء خارجي واسع المدى مثل السماء كانت هى رقعة البحث . 

عندما تحدث هذه المعجزة لن تهتم بصخب لا يمثل لديك سوى صوت ضجيج أجوف . 

لن تهتم بمن يتخلى عنك . هو يتوهم أنه صنع ذلك بينما لا تعلم أنت متى اقترب ومتى بعد . 

كل الذين يتركوك دون أن يشبهوك لن تشعر بغيابهم . 

مفهوم جديد ستعلمه عن الوحدة والعزلة .

لن يكون له أدنى جانب سلبي . على العكس تماماً .

الوحدة تعني أن هناك مساحة تشبهك ركنت إليها وأخفيت رأسك بصدرها كامرأة تحبها . 

والعزلة تعني أن هناك قدراً عظيماً من التأملات تستطيع أن تنسج منه أفكاراً لا يمكن أن تتأتي لك إلا به .

مساحة رحبة تستطيع النفس أن تتحرك في أجوائها دون أن يحد من تحركها قانون الجاذبية . 

كل مرات الفقد العظيمة كانت لهؤلاء الذين كانوا يشبهونني . 

لم تكن كثيرة في الحقيقة لأن هؤلاء الذين ليسوا كثر .

قم بأداء دورك المجتمعي على أكمل وجه .

 أذهب هنا وهناك . تحاور مع هؤلاء الذين يجب أن تتحاور معهم كطقس يومي يفرضه عليك روتين الحياة .

تجاوب مع الطرح والفكرة .

 ابتسم عندما يتحتم عليك أن تفعل ولا مانع من أن تتحول إلى ضحكات . 

كن بشوشاً إلى الدرجة التي تستطيعها . 

افعل كل شىء من أجل انجاز يومك بشكل جيد .

بعد كل هذا ستخرج من تلك الدائرة . 

ستكون حراً طليقاً من قيد الكلمة والفكرة والبسمة والضحكة . 

من قيد التحمل والتعايش والتغاضي والحديث الصامت الذى لا يجب أن يستحيل إلى كلمة .

ستخرج من هذه الدائرة الضيقة التي تفرض عليك أشياءً كثيرة . 

بعدها تدخل الى دائرك أنت .

المنطقة المحرمة . قدس الأقداس لو اعتبرتها لا ضير عليك .

هنا لن تقول إلا ما تحب؟

 لن تبتسم إلا عندما تريد أنت .

 لن تقول حتى مرحباً إلا إذا أحببت . 

تضحك عندما تشعر برغبتك في الصخك .

 تبكي عندما تشعر برغبتك في البكاء .

تهرع إليها أو إليه لا يهم .

تحادثها أو تحادثه لا يهم . 

تحكي لها أو له لا يهم .

هنا ترتشف الهدوء والطمأنة .

هنا تجد السلام الداخي وهدئة الروح ورجاحة الفكرة وسلامة العقل وراحة الضمير .

هنا أنت مع ما يشبهك . 

هنا أنت مع من بحثت عنه وبحث هو عنك .

هنا أنت في حضرة المعجزة التي بقيت من الزمان .

تم نسخ الرابط