الأربعاء 03 يوليو 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

لا شك أن للكلمة أثرا بالغا في بناء الأمة وتشكيل وجدانها سواء أكانت تلك الكلمة لفظا مسموعا يقوله أستاذ في محاضرة أو معلم في فصل أو واعظ في مسجد أو كنيسة أو إعلامي من خلال وسيلته المقروءة أو المسموعة أو ممثل علي خشبة المسرح أو عبر مشهد في فيلم أو مسلسل أو تمثيلية أو  كانت كلمة صامتة عبرت عنها صورة مصور أو تمثال نحات .
كل أولئك وغيرهم لهم دور كبير في بناء الأمة ونهضتها وتكوين وجدانها وتشكيل ضميرها .

ومن ثم كان للكلمة خطرها في الإسلام وأهميتها في الضمير الإنساني الحي ؛ إذ ميز الله تعالى الإنسان بنعمة النطق ومنحه ملكة البيان قال تعالي : 
"الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ "
فبالكلمة يتواصل  مع غيره، ويُعبِّر عما في داخله، وبالكلمة تتحقق كافة تعاملات البشر؛ لذلك كانت للكلمة أهمية وخطر في حياة كل شخص، " وأكبر الأدلة على خطورة الكلمة أن الإنسان يدخلُ الإسلامَ بكلمة، ويخرج منه بكلمة، ويبني بيتًا وأسرة بكلمة، ويهدم بناءً ويُفرِّق جَمعَ أسرة بكلمة، ويدخل الجنة بكلمة، ويسقط في النار بكلمة.
قال الله تعالى في كتابه العزيز: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [سورة ق: ١٨]. وقال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ، مَا كَانَ يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ، يَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ بِهَا رِضْوَانَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ، مَا كَانَ يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ يَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ بِهَا سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ" [حديث حسن صحيح رواهُ مالك والترمذي].
وانطلاقا من هذا أقول : إذا كان للكلمة تلك المكانة وهذا القدر من الأهمية فلتكن في بناء الإنسان بناء سليما وفي بناء وطن له فيه مقومات حضارية وأسباب نهضة حقيقية وليؤد كل واحد من أولئك الذين يملكون الكلمة المسموعة والمؤثرة فليؤد دوره نحو الإنسان والوطن وليتق الله ربه وليعلم أنه لا محالة موقوف للحساب وأن التاريخ سيسجل له أو عليه.

تم نسخ الرابط