الأربعاء 03 يوليو 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

من علامات التوفيق و القبول أن ينشغِلَ العبدُ بإصلاحِ نَفسِه: 
عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرَ فَنَادَى بِصَوْتٍ رَفِيعٍ فَقَالَ : (يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الْإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ ، لَا تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ ، وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ ، وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ ؛ فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ)  "صحيح الترمذي" .
فليحذر المسلم من تتبع عورات المسلمين ، وترصد زلاتهم ، والوقوع في أعراضهم ، ولينشغل إما بإصلاح نفسه ، أو إصلاح غيره بالحكمة والموعظة الحسنة .
وعلى الواحد منا أن يسأل الله للناس الهداية ، ويسعى في هدايتهم وإرشادهم ، دون أن يقع في ذمهم ، وينشغل بذكر عيوبهم ، إلا لمصلحة شرعية تترتب على ذلك ، كالتحذير من فعلهم ، سواء في ذلك مسلمهم وكافرهم ، وهو مع ذلك يبغض ما هم عليه من الانحراف أو الضلال ، ولا يواليهم ولا يتابعهم ، ولكن يسعى بهم إلى سبل السلام .
قال الحَسنُ البَصريُّ: (يا بنَ آدَمَ، إنَّك لا تُصيبُ حقيقةَ الإيمانِ حتَّى لا تَعيبَ النَّاسَ بعَيبٍ هو فيك، وحتَّى تبدَأَ بذلك العَيبِ مِن نَفسِك فتُصلِحَه، فإذا فعلْتَ ذلك لم تُصلِحْ عيبًا إلَّا وجدْتَ عَيبًا آخَرَ لم تُصلِحْه، فإذا فعلْتَ ذلك كان شُغُلُك في خاصَّةِ نَفسِك، وأحَبُّ العِبادِ إلى اللهِ تعالى مَن كان كذلك)  ، وقيل للرَّبيعِ بنِ خُثَيمٍ: ما نراك تَعيبُ أحدًا ولا تذُمُّه! فقال: ما أنا عن نفسي براضٍ؛ فأتفرَّغَ مِن ذمِّها إلى ذمِّ النَّاسِ  !
وقال الرِّياشيُّ:
لَعَمرُك إنَّ في ذنبي لشُغلًا
                      لنَفسي عن ذُنوبِ بَني أميَّهْ
على ربِّي حِسابُهم إليه
                           تناهى عِلمُ ذلك لا إلَيَّهْ
وليس بضائِري ما قد أتَوه
                        إذا ما اللهُ أصلَح ما لَدَيَّهْ

وقال بعضهم : تقيدت ببيت سمعته :

لَنفسي أبكي لست أبكي لغيرها   
             لنفسي في نفسي عن الناس شاغل

وقال آخر : لا أحسب أحدا لا يتفرغ لعيب الناس إلا عن غفلة غفلها عن نفسه ، ولو اهتم لعيب نفسه ما تفرغ لعيب أحد .

نسأل الله تعالى الهداية والتوفيق

تم نسخ الرابط