أدونيس ومشروعه الفكري في دراسة نقدية لرسالة دكتوراه بمرتبة الشرف الأولي بالازهر
نوقشت رسالة علمية بقسم الثقافة الإسلامية – كلية الدعوة الإسلامية بالقاهرة– جامعة الأزهر، وقد حملت الرسالة التي قدمها الباحث: محمد مصطفى محمد شلاطة ، لنيل درجة العالمية الدكتوراه، عنوان: المشروع الفكري لأدونيس دراسة نقدية في ضوء الرؤية الإسلامية، وأجيزت الرسالة بتقدير مرتبة الشرف الأولي
وقال الباحث أن الشاعر والمفكر علي أحمد سعيد إسبر، والمعروف (بأدونيس)، أحد الشُّعراء والمفكّرين الذين تبنوا الفكر الحداثي، وأخذوا على عواتقهم التبشير به، والتنظير له، وقد ارتبط اسمه بالحداثة وما تطرحه من إشكالات إلى حد جعله أحد أقطابها في القطر العربي؛ وقد قدّم للمكتبة العربية قائمة طويلة من الكتب فكرًا وشعرًا تختزل الحداثة بداخلها، مما جعله مشروعًا قائمًا بذاته، وليس مجرد أحد المنتمين لتيار فكري بعينه.
وقد حمل مشروعه الكثير من الأفكار المقيتة والدعوات الهدامة التي تهاجم الإسلام، وتنتقد نظمه وتشـريعاته، وتدعو إلى هدم تراثه، لو تأملناها بعين العدل والبحث، وأنشأ فى خدمة ذلك الكثير من الدراسات الفكريَّة، ويعد أهمها: الثابت والمتحول بحث في الاتباع والإبداع عند العرب الذي نال به درجة الدكتوراه من جامعة القديس يوسف في لبنان، وفاتحة لنهايات القرن، وموسيقى الحوت الأزرق، والنص القرآني وآفاق الكتابة، والصوفية والسريالية، وغبار المدن، وديوان الكتاب ... وغيرها من الدراسات التي يهاجم فيها الدين والثقافة والتراث؛ استنادًا على عقله وفهمه ومقومات أخرى ملفقة من ثقافات تغاير ثقافتنا العربية والإسلامية، بالإضافة إلى تلفيق الأدلة وليّ عنقها لخدمة أهدافه.
وقد قسّم الباحث رسالته إلى مقدمة، وتمهيد، وأربعة أبواب، وخاتمة. أمّا المقدمة: ففيها بيان أهمية الموضوع، وأسباب اختياره، وأهدافه، وتساؤلاته، ومنهجه، والدراسات السابقة فيه. ويتلوها التمهيد، وفيه: التعريف بأدونيس وحياته العلمية والأدبية والسياسية وروافده الفكريَّة ومؤلفاته وجوائزه التي أحرزها.
وجاءت عناوين الأبوب الأربعة كالتالي: الباب الأول: المرجعيات الفكرية والأسس المنهجية لأدونيس.
الباب الثاني: موقف أدونيس من أصول الاعتقاد، وإبداله لها.
الباب الثالث: موقف أدونيس من مصادر التشريع الإسلامي، ونظمه.
الباب الرابع: موقف أدونيس من النظم الإسلامية.
وقد خلصت الدراسة في خاتمتها إلى العديد من النتائج، من أهمها:
• أن المشروع الفكري لأدونيس يتبنى موقفًا معاديًا من الدين، ويعتبره عائقًا في طريق النهوض، فلا وجود لحداثة عربية - بزعمه –إلا بعد التّحرر الكامل من أي خلفية دينية، وأن أبرز عائق للحداثة في المجتمع العربي هو الثّقافة الدِّينيَّة السائدة التي تحكم المجتمع وترفض أيَّ تَغَيُّر.
• توصّلت الدراسة إلى أن موقف أدنيس من الألوهية موقف متطرف مغالٍ إلى أبعد مدى، حيث ينفي وجود الإله تارة، ويدعو إلى قتله -تعالى الله- تارة أخرى، ويتمرّد عليه ويعلن له عصيانه تارة ثالثة، بل ينفي عنه القدرة والخلق في محاولة لإزاحته وإحلال الإنسان محله، وتحويله من قوة عليا تتجاوز الزَّمان والمكان، إلى إله ميت - تعالى الله عن ذلك .
• توصلت الدراسة إلى أن موقف أدونيس من أصول الاعتقاد لا يختلف عن موقفه من الألوهية، حيث أنكر وجود الملائكة وسخر منهم، وأثار الكثير من الافتراءات حول قدسيَّة الكتب المنزَّلة من عند الله، وطعن في مصدرها الإلهي ومعانيها وإعجازها، وزعم أنه لا أهمية للأنبياء والرسل، ويمكن الاستغناء عنهم بالعقل، وأنكر الغيبيات جميعها وفي مقدمتها اليوم الآخر، وأنكر القدر باعتباره معارضًا لحرية الإنسان وإرادته، وقد ردت الدراسةُ على كل هذه الافتراءات، بالأدلة العقلية والنقلية.
• أظهرت الدراسة موقف أدونيس المتطرف من مصادر التشريع الإسلامي، وألقت الضوء على إنكاره إعجاز القران الكريم واعتباره السنة محض تجربة شخصية غير ملزمة ورفضه الإجماع بزعم جوره على حقوق الفرد في الاختيار، وإنكاره القياس لتعلقه بالنَّص الديني
• أظهرت الدراسة موقف أدونيس المزدري للمرأة، حيث يرفض الزواج ويدعو إلى الحرّيّة الجنسية، وينكر الحجاب، بدعوى أن فيه نوعًا من الهيمنة الذكوريَّة التي تفرض سطوتها على الأنثى، وموقفه المعادي للخلافة الإسلامية؛ حيث زعم أن الخلافة هي مشكلة الإسلام الكبرى؛ وأنّها فرضت الدين على الدنيا وسيطرت باسم حراسة الدين على جميع مناحي الحياة.
• أظهرت الدراسة زعم أدونيس أن الدِّين الإسلامي يؤصل الاتِّباع والذي يعني (الثبات والجمود)، فالمعرفة في رحاب الإسلام بزعمه تعتمد النَّقل فقط وتتنكر للعقل، فبنيتها بنية نقليَّة ثابتة لا إبداع فيها، ومصدرها النَّص والخبر، ولا مجال فيها للرأي.
• أظهرت الدراسة موقف أدونيس المتأرجح تجاه التراث، حيث يدعو أحيانًا إلى القطيعة التّامَّة معه باعتباره سبب تخلف الأمة وتأخرها، وأحيانًا إلى الاتصال به والاستمداد الانتقائي منه، مما يدلّ على الذبذبة وانعدام الرؤية.
• أظهرت الدراسة تحامل أدونيس على التاريخ الإسلامي، وأن قراءته للتاريخ قراءة إجحافية انتقائية تنبش على هامش التاريخ وتحاول فضح ثغراته وتستدعي صفحاته السوداء وتختزله في مشاهد في مشاهد العنف والقتل فقط، متجاهلا الجوانب المضيئة فيه، وما قدمته الأمة عبر تاريخها من مساهمات في البناء الحضاري والإنساني والثقافي.
وقد تكونت لجنة الحكم والمناقشة من الأستاذ الدكتور محمود محمد الصاوي أستاذ الثقافة الإسلامية بكلية الدعوة الإسلامية والوكيل السابق لكليتي الدعوة الإسلامية والإعلام بنين – جامعة الأزهر "مناقشًا داخليًّا".
والأستاذ الدكتور السيد محمد سيد عبد الوهاب أستاذ ورئيس قسم الفلسفة الإسلامية ومدير مركز المخطوطات السابق بكلية العلوم -جامعة المنيا "مناقشًا خارجيًّا".
والأستاذِ الدكتور طلعت محمد عفيفي سالم، أستاذ الثقافة الإسلامية، ووزير الأوقافِ السابقِ، والعميد الأسبقِ لكليةِ الدعوةِ الإسلاميةِ "مشرفًا رئيسًا".
والدكتور محمود رشاد محمد عبدالنبي الأستاذ المساعد بقسم الثقافة كلية الدعوة الإسلامية "مشرفًا مشاركًا".