بشأن محاربة المفاهيم والأفكار الغير سوية ومواجهة الفكر المتطرف ووجوب الارتقاء الفكري كان حتما علينا أن نسلط الضوء حول فكرة التطرف والانحراف الفكري .
أن من أكثرالمشكلات التي تواجه المجتمع الإنساني عامةً والعربي خاصةً هي مشكلة التطرف الفكري وانحرافه ؛ وذلك علي اختلاف ديانات ومعتقدات تلك المجتمعات إذ نمت هذه الظاهرة مؤخراً بشكل خطير بل وأصبح من أهم أسباب تفكك المجتمع وانحلاله وعلي هذا فهو يمثل خطر كبير علي جميع الأنظمة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
1-مفهوم الانحراف الفكري :
ان التطرف والانحراف الفكري هو مصطلح يشير الي الخروج عن الإعتدال والتوازن في الفكر والتصورات والمعتقدات والذي ينبني عليه وجود تأثيرات سلبيه علي جميع الافراد والمجتمع. كما يشمل الخروج عن القواعد الفكرية والثقافية المقبولة والمعترف بها داخل المجتمع الواحد فهو مفهوم يتجه الي الغلو والتشدد في الأفكار والتعصب لها دون ضرورة مما يؤدي الي سلوكيات ضارة بالأفراد والجماعات ومن ثم المجتمعات .
وعلي هذا فقد كانت الانحرافات الفكرية المعاصرة والقراءات التأويلية المتعسفة قد اتسعت في مفهومها لتشتمل علي دوائر اخري متنوعة من طرق التفكير ومناهج الفكر وخلفيات المذاهب مما يجعله مفهوم معقد ومتداخل ومتشعب.
2-مظاهر الانحراف الفكري:
تتجلي الانحرافات الفكرية في سلوكيات وتصرفات ومواقف تدل علي ذلك وهذه المظاهر كثيره ومتنوعة ومتداخلة ، تتصل بعالم الافراد كما تتصل بعالم المؤسسات والمجتمع والدول والتي تمثل الزيغ عن الطرق عن السوية في عالم الأفكار والعلوم والمعارف ومنها :
-الانحراف العقدي والإيماني : الذي يتمثل في الالحاد والوثنية والشرك وسائر أشكال الغلط في مجال الاعتقاد .
-الانحراف التعبيري والخطابي :الذي يتمثل في اتهام الدين بما ليس فيه واتهام المؤسسات والمرجعيات بما ليس فيهم واطلاق الاوصاف المهينة والمخلة دون استناد الي مسوغات ذلك في الشرع والقانون والعرف .
-الانحراف علي مستوي بعض المؤسسات العلمية ومدارس التعلم :
من حيث تشويه الحقائق العلمية والتي تعتمد التغليط والمغالطة وضرب ما شهر من معارف الشرع والواقع . -حملات تكفير المجتمعات وتفسيق الناس وتكفيرهم:
والذي يتمثل في القتل بالشبهه والفوضي والتشكيك في المؤسسات والعلماء مما يمثل مظهرا خطير من مظاهر الانحراف الفكري والاجتهادي والفقهي والخطابي والثقافي. -حملات الإساءة الي الدين :
والتي تتمثل في المقدسات والرموز والمرجعيات والحرمات والاوطان والتحريض علي الفضيلة والفضلاء . 3-اثر الانحراف الفكري علي الأمن الاجتماعي :
-اثارة الفتن : يمكن أن يؤدي الانحراف الفكري الي تفاقم الصراعات والتوتر في المجتمع . -التضليل والتغرير بالناشئين: والذي يؤثر سلبا علي الشباب ويؤدي الي انحرافهم أخلاقيا . -سيادة العنف وشيوع الجريمة : حيث يزيد الانحراف الفكري من اعمال عنف واضطرابات تؤدي الي انتهاك الحقوق لدي الافراد والجماعات . -الاخلال بمنظومة القيم الأخلاقية الراسخة في المجتمعات الراسخة في المجتمعات. -محاولة السعي في زعزعة مصادر المعرفة والعلم الراسخ في وجدان .
-توصيف منهج الامة في فهم الدين بالتطرف والإرهاب الفكري .
-ضعف عقيدة الولاء والبراء وذلك بمحبه القرب من الكفار والثناء عليهم وتمجيدهم وكثيرمن الأفعال التي تخالف الإسلام بل وتجاوز الحد بالاعتداء علي المعاهدين والمستأمنين منهم .
-ضعف الاعتقاد بواجبية الحكم بما انزل الله وتسويغ الحكم بغيرة
• وانطلاقا مما سبق كان السبيل الي الوقاية من الانزلاق في هاويات الانحراف الفكري هو ان نبدأ بإصلاح انفسنا أولا ومن ثم المجتمع
& إضافة الي إعادة هيكلة وصياغة الشخصية السوية
& والدعوة الي الوسطية والالتزام بمنهج الاعتدال وأداء الواجبات الشرعية والبعد عن المحرمات
& والتأكيد علي توثيق صلة الشباب بعلماء الأمة الربانيين الراسخين في العلم.
ومن هنا كان الأساس المنهجي الصحيح لمواجهة الانحراف الفكري والتصدي له هوما سيكون الاتي:
-الاهتمام بالدوائر التربوية
اذ انه من الأكيد أن التربية الايمانية هي الدرع الواقي والحصن الحصين ضد الانحراف الفكري والذي يتمثل في :
× دور الاسرة في تفعيل الامن الفكري. × دور المسجد في تفعيل الامن الفكري . × دور المدرسة في تفعيل الامن الفكري . -*شغل أوقات الفراغ ومحاربة الرفاهية الزائدة لانها احدي أسباب وقوع الشباب في براثن الانحراف الفكري . -*البعد عن الاعلام الهادم والهابط لاعتباره من اقوي الوسائل تاثير علي المجتمع . -*الحوار وهو من افضل الطرق والأسلحة الفتاكة من حيث الاقناع والحوار الهادئ المقنع يفعل مالا تفعله أي قوة غيرة -*حب الوطن : والانتماء له والسعي في مصلحته والحرص علي وحدته وطاعتة ولي الامر هو احدي الوسائل التي من شأنها أن تحقق الكثير لدينا من الامن الفكري. -*التصدي لوسائل التاثير الفكري السلبي والتي تنقسم الي وسائل نظرية واخري عمليه . والنظريه المقصود منها الكتب والمجلات والنشرات والصحف .والعمليه هي تحرك الدعوات الباطلة والباطلين للدعوة الي مذاهبهم بصورة عملية من خلال الاتصال بالشخص او الحوار والجدل والتدريس .
بهذا يكون الانحراف ميل الفكر ومخالفته لدين المجتمع وما يؤمن به من قيم واخلاق وما تسود فيه من ثقافه وما تحكمه من أنظمة وقوانين وانحرافه عن الوسطية والاعتدال . ومن هنا كان من الوجوب الحث علي عدم الانصياع وراء الأفكار والاراء المغلوطة التي تكون سببا في ظهور العنف والتطرف بكل اشكاله والتاكيد علي ان الحروب الحديثة هي حرب فكر ومعرفة يكون الهدف منها شق صف المجتمع وظهور الفتنه بين جميع طوائفة .