ads
الأحد 22 ديسمبر 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

هل تتخيل أنني كنت واحدا ممن يقدسون الكتاب الورقي، ولا أستطيع أبدًا أن يحاكي مستحدثات العصر واللجوء إلى القراءة في الكتاب الإلكتروني؟!

نعم كنت ولوقت قريب حينما أشاهد من يقرأ الكتب الإلكترونية، أجزم أنه ليس بقارئ، ولا يعرف شيئا عن لذة القراءة، ولا يعرف متعة الكتاب، ولا يسعد أو ينتشي بشم رائحته وما يبعثه الورق من عبير يبهج الروح.

كان هذا حالي حتى جاء الغلاء تارة، وتارة أخرى صارت هناك نوادر الكتب التي لم تعد طباعتها مرة أخرى، فأضحت نادرة ولا يوفرها لنا إلا الشبكة العنكبوتية، وأنا رجل من هوة القديم، حتى أنني لا أهوى من الكتب الإلكترونية إلا الكتب التي صورت عن الطبعات القديمة، فذلك أحب إلى نفسي وطبعي.

ومن هنا اضطررت أن أحاول وأتمرس وأعود نفسي وأدربها على القراءة الإلكترونية، ووجدت في البداية صعوبة وعسرًا، لكنني مع المحاولة نجحت وتمكنت واستطعت أن أقرأ في الكتاب الإلكتروني.

حمدت الله على ذلك لأنني كباحث استطاع الميدان الإلكتروني أن يوفر لي كتبا كثيرًا كنت أسمع عنها ولا أستطيع شراءها أو الحصول عليها، لكن المفاجأة التي لم تكن في الحسبان أنني لم أكن أتخيل أنني سأعشق الكتاب الإلكتروني وأفضله على الكتاب الورقي.. 

وهذا ما حدث وما كان وما صرت إليه.

نعم فلو أنه عرض الآن أمامي كتابا أحدهما ورقي والآخر إلكترونيا لملت إلى الإلكتروني.

ولكن يحدث هذا فقط في الكتاب الصغيرة أما الموسوعات الضخمة التي أحب الرجوع إليها بين الحين والحين، فأفضل فيها الكتب الورقية، وذلك لأنني أشعر أنها بحر كبير تتوه فيه نفسي وحينما أراه أمامي ورقيا أستطيع إلجام أولها من آخرها.

لكن بقيت حقيقة أريد التعريف بها وهي أن القراءة الإلكترونية جعلتني سريعا في القراءة وأنها لا تجعل من الكتاب عبئا مع طوله أو زيادة صفحاته أحيانا، فإنني قرأت كثيرا من الكتب الالكترونية ووجدت تمرير الصفحات باليد أسهل وأرشق وأسرع.

لكن شيخي قد اعترض عليه وقال لي الكتاب الورقي أفضل شيء في الدنيا وله المستقبل الكبير، لأن كتب الإنترنت يمكن لها وفي وقت من الأوقات أن يتحكم فيها من يزيل عوالمها وبضغطة زر واحدة وساعتها لن يبقى لنا إلا الكتاب الورقي.

وأنا هنا أتأمل ما قاله لي أحد الأستاذة الكبار: ماذا بك لو كان الكتاب الإلكتروني موجودا وقت غزو المغول وتدميرهم لمكتبة بغداد؟ فهل كانت تضيع هذه الثروة العظيمة من المعرفة والعلوم؟

بل انظر في العصر الحديث وكيف ضرب اليهود جامعة غزة ومكتباتها وما فيها من الراسات والأبحاث وسووها بالأرض.

هل بقي منها شيء ورقي؟

لقد ضاعت وتبددت، لكنني لا أعتبرها ضاعت لأنها موجودة إلكترونيا

تم نسخ الرابط