استوقفني لقاء القارىء الطبيب أحمد نعينع اليوم مع صاحبة السعادة، الرجل كلما تحدث عن أي شيء يتعمد ذكر الشيخ مصطفى إسماعيل، ويستفيض بالحديث عنه، وعينيه تلمعان من فرط الحنين، حتى إذا أخذ الحديث طريقا لا يخص الشيخ مصطفى، بات وكأنه يبحث عنه ليضعه في الصورة من دون مناسبة، وكأن لسان حاله يقول: يا شيخ مصطفى أنت الغائب عن الدنيا، الحاضر في ذهني، المنطوق على لساني!
مَن يتتبع لقاءاته السابقة تراه أيضا لا يفتأ يذكر الشيخ مصطفى، هذا هو الوفاء في أبهي صورة، مرت السنون الكثيرة على وفاة السلطان، وبرغم أن الطبيب صار قارئا له وزنه وثِقله وتاريخه، إلا أنه بدافع الحب والوفاء للمعلم لم يغب عن ذهنه ولو لحظة.
أنا أهيم في أحب الأوفياء، مَن لم تهن العشرة عليهم، لم تزدهم مرور الأيام إلا قوة في ذكرهم.
وهكذا نفعل نحن، فقد يتعمد الإنسان أن يختلق لحبيبه سببا لكي يضعه في كلامه؛ إذ لا يحلو الحديث دون ذِكر الأحبة، ولا أُنسٌ دون أن يطيب اللسان بذكرهم.