ads
الجمعة 22 نوفمبر 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

()
رحم الله تعالى الأستاذ الدكتور هاني الناظر الملقب ب(طبيب الغلابة)الذي وافته المنية اليوم .
هذا الرجل لم ألتقه يوماً ولكنني أحببته في الله ، أحببته عالماً متواضعاً أفاد من علمه ومساعداته أناس كثيرون .
ولمن لا يعرفه هوالدكتور هاني محمد عز الدين الناظر، ابن حي المنيل ولد في ٢٦ ديسمبر عام ١٩٥٠م، وتمتد جذوره إلى عائلة (أبو دومة) الشهيرة في مدينة طما بمحافظة سوهاج، وقد ورث الطب عن والده الذى يعتبر أول قدوة له، حيث كان يذهب معه إلى عيادته في شبرا.
ومنذ طفولته نشأ وهو يشاهد والده أثناء قيامه بمهام مهنته وطريقة تعامله الإنسانية مع المرضى، ليتشبع بكل هذه التفاصيل وكبر معه حلم أن يصبح "دكتور الغلابة". وفى  عيادة والده نفسها استكمل الدكتور هاني الناظر مشوار والده الطبي، وفى نفس تخصص "الأمراض الجلدية".
إن موت العالم مصيبة وفاجعة لأنه فقد لجزء من ميراث الأنبياء وهو العلم .
فقد كان الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري في درسِه، وطلابُه من حوله، فورد إليه كتابٌ فيه نعيُ عبدالله بن عبدالرحمن الدارمي، فنكس البخاري رأسه، ثم رفع واسترجع، ودموعه تسيل على خدَّيه، ثم أنشأ يقول:

عَزَاءٌ فَمَا يَصْنَعُ الجَازِعُ 
                          وَدَمْعُ الْأَسَى أَبَدًا ضَائِعُ 
بَكَى النَّاسُ مِنْ قَبْلُ أَحْبَابَهُمْ 
                            فَهَلْ مِنْهُمُ أَحَدٌ رَاجِعُ 
تَدَلَّى ابْنُ عِشْرِينَ فِي قَبْرِهِ 
                         وَتِسْعُونَ صَاحِبُهَا رَافِعُ 
وَلِلْمَرْءِ لَوْ كَانَ يُنْجِي الْفِرَا 
                رُ فِي الْأَرْضِ مُضْطَرَبٌ واسعُ 
يُسلِّمُ مُهْجَتَهُ سَامِحًا 
                          كَمَا مَدَّ رَاحَتَهُ الْبَائِعُ 
وَكَيْفَ يُوَقَّي الْفَتَى مَا يَخَافُ 
                       إِذَا كَانَ حَاصِدَهُ الزَّارِعُ 

إن فقد العالم ليس فقدًا لشخصه ولا لصورته، وليس فقدًا للحمه ودمه؛ ولكنه فقد - كما قلت - لجزء من ميراث النبوة، وهو العلم، وذلك مؤذنٌ بقرب الساعة وفشوِّ الضلالة؛ عن عبداللَّه بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: سمعت رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إِنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رؤوسًا جُهَّالاً، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا))؛ رواه البخاري ومسلم.
وقال ابن عباس - رضي الله عنهما - في تفسير قوله - جل وعلا -: ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ﴾ [الرعد: ٤١]، قال: خراب الأرض بموت علمائها وفقهائها وأهل الخير منها.

الْأَرْضُ تَحْيَا إِذَا مَا عَاشَ عَالِمُهَا 
                    مَتَى يَمُتْ عَالِمٌ مِنْهَا يَمُتْ طَرَفُ 
كَالْأَرْضِ تَحْيَا إِذَا مَا الْغَيْثُ حَلَّ بِهَا 
                    وَإِنْ أَبَى عَادَ فِي أَكْنَافِهَا التَّلَفُ 
أسأل الله تعالى أن يرحمه رحمة واسعة وأن يسكنه فسيح جناته.

تم نسخ الرابط