الإثنين 08 يوليو 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

إن أمانة الحكم مسؤولية واتخاذ القرار المصيري مسؤولية كبيرة، وهذا ينطبق على كل من يتولى المسؤولية بدءً من رئيس الدولة وكبار موظفيها وحتى صغارهم وكل من تولى امرا ايا كان متواضعا فهو عقلا ونقلًا أمينا عليه، ومسؤولًا عنه أمام الله أولًا، ثم أمام الناس، وهيئات المساءلة. فالأمانة ليست ذلك المفهوم الضيق في عقول البعض ولكنها تبدأ من أمانة استخلاف الله للإنسان في الأرض وتنتهي بالأمانات المادية!

لماذا؟لان الاوطان بالنسبة للحكام، ومثلها المؤسسات والهيئات، يجب ان تدار بحكمة ووعي وبأمانة المسؤولية.
 

والتاريخ شاهد على حكمة الزعماء والقادة أو رعونتهم واحيانا كثيرة خيانتهم الأمانة.  
 

ومن التاريخ القريب نتذكر قيادة هتلر التي فشلت في النهاية وقضت على الرايخ الالماني. باختصار وببساطة انتاب هتلر الغرور بسبب ما حققه من انتصارات متتالية  ولم يكن يستمع لأحد آخر بعكس خصمه جوزيف ستالين الذي لم يكن بمثل هذه الخبرة العسكرية ولذلك ترك لجنرالاته فرصة قيادة المعركة وفعل ما يرونه صحيحاً.

 واذا كان الحكم مسؤولية وأمانة فكذلك ادارة المؤسسات والهيئات ، فكلاهما يحتاجان الى الخبرة والذكاء والمرواغة واحيانا الصراحة والشدة ، حسب مقتضى الحال.
 

ويذخر التراث الإسلامي بنصوص قرآنية وتوجيهات نبوية وحقائق تراثية جليلة وعظيمة ان تم اتباعها ولكنها موجعة ومفارقة للواقع المعوج في كتير من الاحيان.
 

فقد قال الله تعالى :(إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا )الأحزاب:72.
والمناصب العامة اي ان كان حجمها فهي أمانات مسؤولة، بل هي أدق الامانات واكثرها مسوولية أمام الله ، ومن صور التفريط الفجة فيها هو تسليمها لغير المؤهلين لها بما يُعَد في الاسلام خيانة عظيمة. وهنا يحضر موقف الرسول صلى الله عليه وسلم لابي ذر الغفاري حين سأل النبي ان ( يوليه وظيفة عامة ) ، قال له : (( يا أباذر! إنك ضعيف ، وإنها أمانة ، وإنها يوم القيامة خزي وندامة ، إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها )) رواه مسلم.
وما رواه الحاكم في صحيحه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من ولي من أمر المسلمين شيئاً فولى رجلاً وهو يجد من هو أصلح للمسلمين منه، فقد خان الله ورسوله)) وفي رواية : ((من ولَّى رجلاً على عصابة وهو يجد في تلك العصابة من هو أرضى لله منه، فقد خان الله ورسوله وخان المؤمنين)) ، وقد روي هذا المعنى مرفوعا  لابن عمر رضي الله عنهما. وقال ابيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه : “من ولي من أمر المسلمين شيئاً فولى رجلاً لمودة أو قرابة بينهما، فقد خان الله ورسوله والمؤمنين”.

وبالنظر لموقف الدولة المصرية وقيادة الرئيس وتفاعله مع الواقع المؤلم في احد كرات الصراع الازلي -ايا كان تسميته او وصفه او ايديولوجيته بالامس أو اليوم-  فأنني وبكل موضوعية أجد أن تعاطي مصر في أزمة العدوان على المدنيين في غزة، قيادة ومؤسسات في ظل مفهوم وواجب حمل الأمانة يقتضي ما يقوم به الرئيس والمؤسسات الوطنية، من حكمة وسياسة وشجاعة في آن واحد، وهو  أمر هام ومجهد ولا يقوم به الا من فهم معنى تحمل المسئولية. 

 أما الشعوب فلها كامل الحق في التعاطف ونصرة المظلوم والتعبير عن غضبها، ولكن أي قرار تكون له تبعات خطيرة فهي فقط مسؤولية من تحمل الأمانة ، وواجب الشعوب ان تعن على ذلك ، ولكن عليهم ان ينتبهوا من أن  تخرج انفعالاتهم عن الطريق الصحيح !

تم نسخ الرابط