باتت ليلتها فى صحراء حالكة الظلام تبحث عن درب يوصلها إلى مكان فيه بشر أو بنايات تدل على الحياة تصعد جبالا وتهبط وديانا دون أن ترى تحت قدميها تنزلق انخفاضا وتسقط انكفاء حتى شعرت بإجهاد وعدم القدرة على الحركة فسكنت فى مكانها تتلاحق أنفاسها ويسيل العرق من جسدها كنهر انفجرت فيه البراكين فارتمت على الرمال تتصاعد الحرارة من جسدها وكأنها تحتضن موقد نار مشتعل كلما تحاول أن ترفع رأسها تسقط مرة ومرات أيقنت أنها ستموت خلال دقائق قليلة وبينما هى على ذلك الحال المأساوى المميت تناهى إلى سمعها صهيل خيل من بعيد لاتعرف اتجاهه فدبت حماسة سرت فى جسدها فتحسست جرابها وأخرجت قارورة مياه صغيرة ارتشفت منها نقطة مياه أعادت لعابها ومسحت على وجهها فهدأت قليلا ومازال سمعها وفؤادها معلق بأصوات الخيل التى ارتفع مما يؤذن بقربها من المكان ثم تناولت جرعة أخرى من المياه وبدأت تشعر بأن الأمل فى الحياة بات قريبا منها فاستسلمت لهذا الأمل وفى تلك اللحظة سمعت عواء ذئاب مروع فاختلط صهيل الخيل بعواء الذئاب فسيطر عليها أن الذئاب تشم رائحة الإنسان أو الفريسة عن بعد وأن الذئاب حتما ستأتي بحثا عنها وستنهش جسدها وتمزقه اربا دون أن تقوى على الدفاع عن نفسها فدبت القوة فى جسدها ونهضت تترنح ولكنها استطاعت الوقوف والسير وأثناء ذلك اصطدمت بصخرة فأمسكت بها وتحسست جوانبها فاذا بفتحة فى جدرانها سلكتها وشعرت أنها تسير فى ممر ضيق لانهاية له وكأنها مغارة فى جبل يبدو أنها مطروقة من قبل وانتابها تفكير بأن هذا المكان به بشر وبدأ عواء الذئاب يتلاشى وكذا صهيل الخيل فحدثتها نفسها أن الخطر جب الأمل وقضى عليه ولكن مازالت الحياة قائمة وبزوع الفجر ونور الصباح أصبح قريبا وعندها ربما يعود الأمل مرة أخرى وجلست فى الممر الضيق تنتظر حتى أخذتها سنة من النوم العميق شاهدت خلاله مناما عجيبا وأشخاصا على هيئة لم تعهدها من قبل يتحدثون بلغة ليست لغتها وأصواتا ليست كأصوات البشر وأحداثا أيقظتها من سباتها العميق
إلى اللقاء فى الحلقة التالية