الأربعاء 03 يوليو 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

سؤال يطرح نفسه.
لماذا لا يمنح المفكر الكبير والعلامة الجسور الراحل الدكتور (محمد عمارة) لقب الإمام؟
لماذا لا يمنح له هذا اللقب في الوقت الذي منحناه لأناس من العلماء أقل منه شأنًا وأثرًا وحضورًا وسجالا؟
محمد عمارة كان أمة وحدة، حمل أمانة الدفاع عن الإسلام بما لا تقوى عليه كبرى المؤسسات والمعاهد والمعاقل الدينية، فكان الفارس المغوار، والعبقري التي تحطمت على يديه قلاع العلمانية واليسار.
أنا عن نفسي لن أتحدث عن هذا الرجل أو يأتي ذكره على قلمي ولساني بعد اليوم، إلا وأنعته بالإمام الملهم، فحق الرجل علينا أن نضعه في مقامه الصحيح، فقد قهر رجالا من المتمردين على الفكرة الإسلامية، لا يقوى على سجالهم أحد، ولا يستطيع أن يبزهم ويكشف عوارهم إلا قوة غالبة، تمتلك أقوى ما تجود به الترسانة العلمية من أسلحة الفكر والعقل والعلم.
قام الرجل في حياتنا وفي الفترة التي عايشناه فيها، تماما كما قام الإمام ابن تيمية في قهر الفلاسفة والبدعيين، بل قام فينا كما قام أبو حامد الغزالي الذي تحطمت على يديه دعاوى الفلاسفة والمتشدقين.
إن فقد محمد عمارة، لا يتمثل في نظري إلا أننا فقدنا حصنا عظيما من حصوننا المنيعة، التي كنا نأوي إليها إذا اشتد الخطب، وتملق الكفران، بل هو جيش بأكلمه، قوي قاهر عدمنا حضوره وقت هذه المحن السوداء المتلاطمة، التي يتجاسر فيها الفجرة والمتأمرون على الإسلام وقيمه وشريعته وتعاليمه مسفهين مشككين. 
استطاع محمد عمارة الذي كنت أعده رجلا ملهما، أن يدحر كثيرا من هذه المفتريات، ولم يكن رده مجرد رد يأمل ويطمح أن يكشف بعض الحق، ويجلي بعض الصدق، وإنما كان محمد عمارة في ردوده شيئا مذهلا في إبانه الحقائق وفضح الزيوف، ولا يترك الخصم المتعالم، حتى يظهر ضآلة حجمة، وصغر قامته، بل ويضحك الناس على جهله.
هكذا كان رحمه الله، وقد تميز ببعد النظر وغور الفهم، وعمق الرؤية، ودقة التناول والتحليل.
حتى العلمانيون أنفسهم، ما فرحوا بشيء في الدنيا كفرحهم بموت محمد عمارة، الذي يعلمون تمام العلم، أن موته يكشف الجبهة الإسلامية من بطلها المغوار الذي كانوا يرهبون دفاعه، ويتألمون من سجاله.
رحم الله الإمام محمد عمارة

تم نسخ الرابط