"عين على التراث"فى اكسبوجر 2024
ريتشارد وايلدينغ: السياحة أنقذت التراث الثقافي من الضياع
على مدار 20عاما عمل المصور والمخرج البريطاني ريتشارد وايلدينغ جاهدا على الحفاظ على التراث الثقافي من الاندثار والانهيار بسبب التقدم التكنولوجي والسعى نحو العولمة، وهنا من قلب إمارة الشارقة كان اكسبوجر 2024المهرجان الدولى للتصوير خير منبر له، لنقل وجهه نظره فى رفع الوعى الجمعى بدور الصورة فى حماية والحفاظ على التراث، فقد سلط ريتشارد الضوء على ثلاث دول من منطقة الشرق الأوسط، وتوقف في عدة محطات من تاريخها وحاضرها، من خلال مجموعة من الصور التي تسلط الضوء على تعرض التراث الثقافي في المنطقة لخطر وجودي بسبب الإهمال والتدمير المتعمد والممارسات غير القانونية.
وأكد وايلدينغ خلال الخطاب الملهم الذي احتضنته المنصة "إكس" تحت عنوان "تراث منطقة الشرق الأوسط المهدد بالخطر"، أن السياحة سلاح ذو حدين، فهي تؤثر على الأماكن الطبيعية بشكل سلبي، لكنها في الوقت نفسه تساعد في دعم التراث التقليدي والحرف اليدوية التي يصعب الحفاظ عليها، ويمكن القول إنها أنقذت التراث الثقافي من الضياع.
وأشار قائلا "كانت بعض الحرف تحتضر وفي طريقها إلى الاندثار، لكن السياحة أسهمت في انتعاشها وكان لها أثر إيجابي على المجتمعات المحلية في كل من سوريا والعراق والسعودية، لأن السياح يريدون شراء هذه القطع التي تعبر عن التراث الأصيل، فكثير من أبناء تلك المناطق يضطرون لمغادرتها إلى مدن أكبر للبحث عن فرص عمل، ولكن السياحة ونوعية المبادرات التي تطلقها الحكومات مكنت الشباب والنساء من البقاء في بلداتهم مع عائلاتهم".
الصورة وثقت تدمير الآثار على يد داعش في اربيل بالعراق
وقدم ريتشارد وايلدينغ مقارنات بين صور قديمة من القرن الماضي والوقت الحاضر لمواقع في العراق، ضمن مدينتي أربيل والعمادية، والقلاع المبنية فوق الجبال والمرتفعات، والصروح الدينية والأقبية المتواجدة تحتها، والمقابر المخصصة للأزيديين، إلى جانب مدينة القوش، بالإضافة إلى مكتبة الدومينيكان التي تتضمن كتباً ومخطوطات قديمة ونادرة، اضطر إلى نقلها إلى مناطق آمنة خلال هجوم تنظيم داعش الإرهابي على المنطقة، وصولاً على مدينة الموصل، ومئذنة مسجد النوري، الذي تدمر في عام 2017 خلال انسحاب التنظيم من المدينة، ومسجد النبي يونس في نينوى الذي تدمر في عام 2014، لنفس السبب.
منصة "عين على تراث" لحفظ التراث الغير مادى
وانتقل وايلدينغ إلى سوريا، حيث أسس منصة "عين على تراث" في عام 2019، لتوثيق التراث والحفاظ على الإرث غير الملموس، من خلال مقاطع تستعرض التقاليد الموسيقية والشعرية، والسرد القصصي، في منطقة الفرات، والتي واجهت خطر الضياع بسبب الحرب، حيث عمل على تدريب وتقديم خدمات لوجستية ومعدات لسكان منطقة الفرات بسبب قربها من العراق وتركيا، ونجح الفريق بإطلاق قناة "تراث الفرات" على منصة "يوتيوب" لتوثيق وأرشفة العادات والتقاليد وذاكرة المكان التي كان من الممكن أن تضيع إلى الأبد.
ريتشارد وثق الأزياء التقليدية السعودية
وفي المحطة الثالثة والأخيرة، اصطحب وايلدينغ الحضور إلى المملكة العربية السعودية، حيث عمل لأكثر من 20 عاماً في مشاريع التراث على نحو مكثف مع مجموعة من النساء السعوديات في جدة وأسس معهن "مؤسسة منسوجات" الخيرية للحفاظ على الأزياء التقليدية السعودية، وتوثيقها، مشيراً إلى تنوع أنماط الملابس وألوانها بحسب القبيلة والمنطقة، واستعرض مجموعة من الأزياء التقليدية من ميناء جدة على امتداد شاطئ البحر الأحمر، إلى منطقة عسير الجبلية، وجازان، المعروفة بزهور الياسمين والقلادات المزينة بالخرز الفضي.
واختتم وايلدينغ رحلته بالتنقل بين البيوت والقلاع المبنية من الحجارة، والمواقع الأثرية المبنية من الرخام الطبيعي، وتقنيات بناء البيوت وتزيينها بطرق وأنماط تراثية باستخدام ألوان معينة من الطلاء، و المقابر التاريخية المنحوتة في الصخر والجبال، التي يعود تاريخها إلى الحضارة النبطية، والتي تشبه آثار مدينة البتراء في الأردن.