انتصارات المسلمين التي حدثت في شهر رمضان المبارك على مر التاريخ، تؤكد أن هذا الشهر الفضيل هو شهر العزة والنصر، بدءا من غزوة بدر الكبرى التي غيرت وجه التاريخ، مرورا بفتح عمورية ومعركة عين جالوت وفتح البوسنة، وغيرها من فتوحات ومعارك رمضان الخالدة، وانتهاء بنصر العاشر من رمضان فى العصر الحديث الذى نحتفل بذكراه بعد بضعة أيام.
شهر رمضان المعظم .. شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار .. شهر الصيام والقيام، شهر إجابة الدعاء، وفى هذه الأيام المباركات .. أذكركم وأذكر نفسى بأن من كان له دعوة مستجابة فليدخرها لوطنه الأم مصر ثم لرئيسها عبدالفتاح السيسي، فبين أذان المغرب والإقامة وبعد الإفطار من الصيام هناك دعوة مستجابة إن شاء الله تعالى.
كان الحسن البصرى والفضيل بن عياض وأحمد بن حنبل يقولون: (لو كان لنا دعوة مستجابة لدعونا بها للإمام)، وقال ابن رجب الحنبلى: (وأما النصيحة لأئمة المسلمين، فحب صلاحهم ورشدهم وعدلهم ووجوب إعزازهم في طاعة الله، ومعاونتهم على الحق وتذكيرهم به وتنبيههم في رفق ولطف ولين، والدعاء لهم بالتوفيق وحث الأخيار على ذلك). جامع العلوم والحكم، مجلد 1/ صفحة 222.
ندعو دعاء بظاهر الغيب لا رياء فيه ولا نفاق، وإنما رجاء وطرق لباب الله سبحانه وتعالى الذى لا يرد سائلا .. أن يصلح حال مصر، وأن يصلح مابين يدى حاكمنا بل كل حكامنا العرب والمسلمين وأن يهيئ لهم من أمرهم رشدا وأن يوفقهم إلى ما يحب ويرضى، وإلى ما فيه صلاح البلاد والعباد، وأن يجمع كلمتهم ويوحد صفهم وأن يفتح علينا وعليهم كنوز السماوات والأرض إنه القادر العظيم، وخزائنه سبحانه ملأى لا تنفد.
نحن يقينا نحتاج إلى عطاء الله دائما فى كل وقت، وخاصة حين تنقطع بنا السبل وتتقطع بنا الأسباب، فليتنا جميعا حكاما ومحكومين نكثر من هذا الدعاء المهم: ﴿رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ﴾ وهو من دعوات سيدنا موسى عليه السلام، ففيه من الخيرات والمنافع الكثيرة التي تعود على العبد بما يصلح أموره وأحواله فى الدنيا والآخرة.
أقول ذلك فى أجواء مليئة بالإحباطات والمؤامرات ونذر بدق طبول حرب عالمية، ولكننا رغم ذلك يجب أن نتفاءل بالخير وبمستقبل أفضل إن شاء الله، وسنجد هذا الخير بفضل الله وحوله وقوته، وعلينا أن نبرأ إليه من حولنا وقوتنا، ونجعله فى نحور الخونة والمتآمرين أعداء الوطن والدين الذين يضمرون الشر لمصر والمصريين.
إن ديننا دين عزة ورفعة وكرامة، ونبل وصدق وشهامة، وهو دين نصرة ونجدة وإغاثة، وعون وإنقاذ ومساعدة، وهو دين الصدق والأمانة، والشرف والأصالة، وهو أصل الوفاء وأساس الولاء، وعنوان المساواة والإخاء، فيه الأمن والأمان، والطمأنينة والسلام، والرحمة والرأفة والشفقة، وفيه العدل والإنصاف، والزهد والمودة والعفاف، وفيه العلم والرقى والفهم، والتطور والحداثة والعلو، وهو حسن المعاملة والعشرة، ودماثة الخلق وسمو الأدب.
الإسلام يا سادة ليس صلاة وزكاة وصياما وحجا إلى بيت الله الحرام وحسب، إنه سلوك وحياة وعمل والتزام، وهو مسيرة أمة وحضارة إنسانية وتعاليم ربانية، إنه كمال الخلق وحسن الأدب، فلا ضرر فيه ولا ضرار، ولا ظلم فيه ولا بغى، ولا قتل ولا اعتداء ولا سفك دماء ولا حرابة فيه، ولا تمثيل بالخلق ولا ذبح للناس، ولا ترويع للآمنين، ولا قتل بغير حق.
نسأله سبحانه أن يرحمنا برحمته الواسعة، وأن يعمنا بمغفرته وأن يكتب لنا عتقاً من النار، وأن يمن علينا بموفور نعمه وآلائه وأن يفتح لمصر وأهلها خزائن السماوات والأرض .. إنه وحده على ما يشاء قدير.