الأربعاء 03 يوليو 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

يظن بعض الناس أن مهمة نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا سهلة، وأن حمله خفيف، لكن إن صح هذا في جامعات أخرى إلا أنه غير صحيح في جامعة الأزهر لكثرة كلياتها والدراسات العليا الموجودة بها، واللجان العلمية المتعددة لترقيات الأساتذة والأساتذة المساعدين.
إن كثرة الشكاوى من طلاب وطالبات الدراسات العليا، وباحثي الماجستير والدكتوراه، لا تحصى ولا تعد بعضها يأتي من عدم فهم للإداريين بالقوانين واللوائح مما يؤدي إلى تورط الباحثين في مشكلات لا يعلمون عنها شيئا وإن لم يتدخل نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا لحلها فمن الممكن أن تنهي مستقبل الباحث العلمي.
وبعض هذا المشكلات تأتي من تعنت بعض الأساتذة المشرفين، الذين أحيانا لا يتابعون الباحث، وإن تابعوه احتقروه وازدروه دون أن يوجهوه.
ومن أكثر المشكلات وأشدها تعقيدا تلك التي تأتي إلى نائب رئيس الجامعة من اللجان العلمية لترقية الأساتذة والأساتذة المساعدين، فنجد بعض اللجان  تتباهى بين أخواتها بأنه لا ينجح أمامها إلا القليل النادر من الباحثين، وأن من ينجح لا بد أن يكون قد تكرر طلب اللجنة منه بتقديم دعم لمرات عديدة  لتصل مؤلفاته إلى ثلاثة أضعاف ما هو مطلوب منه، مما يصيب الباحثين الآخرين بخيبة الأمل، لشعورهم بأنهم مهما كتبوا لن يرقوا، وأذكر أن باحثا كان طُلب منه بحث واحد كدعم، فكان في كل مرة يقدمه يُطلَب منه دعم جديد حتى وصلت مؤلفاته إلى سبعة عشر بحثا في سبع عشرة سنة، وفي المرة التي تعطفوا فيها وقبلوا البحث الأخير كان الزميل قد مات،  إن أمثال هذه اللجان ضربت البحث العلمي في مقتل إلى درجة أن كثيرا من أفاضل الباحثين يحالون إلى التقاعد دون أي ترقية بسبب هذه الرهبة التي تنشرها هذه اللجان بين الباحثين، وإن حصل على درجة بعد جهد جهيد، ولوم وتوبيخ وتقريع أَقْسَم أنه لن يفعلها مرة أخرى.
مما ترتب عليه أن كثيرا من الأقسام العلمية لاتجد الآن أساتذة للإشراف على الرسائل العلمية أو تولي مناصب إدارية، وكادت الجامعة التي كانت تمتلئ بالأساتذة في كل التخصصات أن تتحول إلى حالة من التصحر العلمي، وأخشى أن يأتي يوم تنتدب  فيه الجامعة من الجامعات  الأخرى من يشرفون على أبنائنا في تخصصات، علماء الأزهر هم من أسسوها وأرسوا قواعدها وبخاصة في الكليات الأصيلة (الشريعة والقانون أصول الدين اللغة العربية) وأقسامها في كليات الدراسات الإسلامية والعربية للبنين والبنات.
وهذه ستكون كارثة بالمعنى الحرفي.
وليس معنى هذا أنني أطالب بالتساهل والحزم وعدم الجدية، إنني أبدا لم أقصد هذا، وإنما أقصد أن هناك من يُطلب منه دعم لعدة مرات لأنه يحتاج إلى نصف درجة  حتى يحصل على الدرجة المطلوبة للترقية، فالأستاذ المحكِّم ليس لديه ميزان دقيق يزن به البحث ويقيمه حتى يمنع عن الباحث هذا القدر الضئيل من الدرجات التي تنهي مأساته، وتجاوز هذه الدرجات القليلة يعد من باب الرحمة، وليس من باب الحزم والجدية، أذكر أن زميلا من المحكمين في إحدى اللجان كان يقرأ بجدية ويعطي الدرجة المناسبة فلما تكررت منه البحوث التي أعطاها درجة النجاح، رأت اللجنة العلمية  أن يده (سايبه)، وتوقفوا عن إرسال بحوث إليه لتحكيمها، يعني إما أن تكون على خطهم في التشدد وإما أن يبعدوك عنهم.
وللأسف فإن هناك شعورا متمددا في أعماق كثير من أعضاء هذه اللجان أنهم لا يسألون عما يفعلون.
إن أهم وصف وصف الله به معلم موسى، هو ( الرحمة) "آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما" فالرحمة في الأستاذ يجب أن تسبق علمه وقدره ومنزلته.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

تم نسخ الرابط