الخميس 07 نوفمبر 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

ما إن بدأ رمضان حتى تجلت علينا الرحمات واستشعرنا فضل الله علينا، وفجأة الأيام المعدودات تمضى بنا سريعا فى شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، فقد انقضى ثلث الرحمة من رمضان كلمح البصر، ثم بدأنا ثُلث المغفرة من الشهر الكريم, الذى تتنوع فيه العطاءات والمنح من الله سبحانه وتعالى لعباده الصائمين، ثم أوشكنا أن نستقبل الثلث الأخير، الذى فيه ليلة القدر وهو ثلث العتق من النار.
وإذا كان الثلث الثانى من شهر رمضان المعظم قد ارتبط بالمغفرة، كما بشرنا بذلك النبي صلوات الله وسلامه عليه حيث روى عنه أن شهر رمضان "أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار"، وقال العلماء إن رمضان كله مغفرة ولكن خص الله أوسطه بالمغفرة على سبيل زيادة المغفرة في تلك الأيام لنغتنمها قبل رحيلها. 
وفي عموم المغفرة في الشهر المبارك قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدَّم من ذنبه"، وقال كذلك: "من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدَّم من ذنبه".
لذا فإن النبي الخاتم سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - قد حثنا على اغتنام الأوقات في شهر رمضان طلبا للمغفرة من الله - عز وجل - بأن نؤدى فريضة الصيام على أكمل وجه، مؤمنين بجزيل ثواب الله وكرمه، محتسبين الأجر عنده سبحانه، وهو الكريم الذي لا تنفد خزائنه.
ودعونا من الحديث عن السنة والبدعة فى التسابق خلال هذا الشهر إلى فعل الخيرات والطاعات التى لها أصل فى دين الله وإن اختلفت هيأتها وطريقتها وأسلوبها بما يتناسب وطبيعة العصر الذى نعيشه، ما دامت لا تُدخل فى أصل العبادة ماليس فيها، ومن ذلك ما يقوم به البعض بالوقوف على الطرقات قبيل أذان المغرب لإعطاء المارة وراكبى السيارات والمواصلات العامة ما يكسرون به صيامهم من تمر أو عصير أو زجاجة مياه، فلا يأتى متنطع ذات جهل ويقول: إن هذا لم يفعله الرسول ولا الصحابة ولا التابعون، وهو إن أراد أن يمحو أميته الدينية ويخرج من ظلمة جهله وسأل أهل العلم الشرعى، لأوضحوا له أن هذا الفعل له أصل فى الدين، ومن السنن الحسنة التى تملأ حياتنا ولم يكن لها سابق مثال على نفس الهيئة فى حياة النبى أو الصحابة، وإنما لها أصل فى عموم مفهوم النصوص القرآنية والأحاديث النبوية التى لا يدركها إلا أهل العلم والبصيرة من المتخصصين فى علوم الدين.
إن هذا النوع من التواصل والتراحم بين المسلمين يؤكد أن الخير باق فى أمة محمد – صلى الله عليه وسلم – إلى أن يرث ألله الأرض ومن عليها، وقد اعتدنا على هذه الظاهرة فى عصرنا الحاضر، وحدثت واقعة شهيرة منذ عشرات السنين فى شهر رمضان عام 1917م، حيث تعطل أحد القطارات فى قرية أكياد بمركز فاقوس شرقية، وكان ذلك وقت قرآن المغرب، فما كان من أهل هذه القرية إلا أن قاموا بإحضار إفطارهم من منازلهم وأسرهم وذهبوا لمكان تعطل القطار وقاموا بإنزال الركاب وتناولوا معهم الإفطار حول موائد الطعام التى أعدوها على طول رصيف المحطة فى صورة إنسانية رائعة، تشير الى التراحم والكرم فى هذا الشهر العظيم.
وللأسف قد يتنمر البعض على أهل الشرقية ويتخذون من هذه الواقعة ذريعة لأن يصفوهم بالعبط، وحقيقة الأمر أنها دليل كرم وشهامة.
وما أشبه الليلة بالبارحة، إذ تداولت مواقع التواصل الاجتماعى منذ بضعة أيام فديو تحت عنوان: "البنهاوية أهل كرم.. عزموا القطار على الإفطار بوجبات كفتة وفراخ".
اللهم اجعل الخير فينا وبيننا إلى قيام الساعة.
[email protected]

تم نسخ الرابط