التسبيح يعني : التقديسُ والتنزيه فقولك: سبحان الله يعني: ليس لك يا الله مِثْلٌ ولا شبيه فيما خلقتَ لا في ذاتِك ولا صفاتِك ولا أفعالك .
وهي كلمةٌ ارتضاها الحقُّ لتقديس ذاته، فغرَّد بها الكونُ كلُّه، قال تعالى :" تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ " ]الإسراء :44[
لذا تجدها في القرآن مع الأمور العظيمة التي لا يملك العقلُ أمامها إلا التسليمَ بأن اللهَ قُدوسٌ سُبُّوح قبل أن يَخلقَ من يُسبِّحُه ويقدسه ، قال تعالى:
" وَٱلَّذِي خَلَقَ ٱلۡأَزۡوَٰجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلۡفُلۡكِ وَٱلۡأَنۡعَٰمِ مَا تَرۡكَبُونَ. لِتَسۡتَوُۥاْ عَلَىٰ ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذۡكُرُواْ نِعۡمَةَ رَبِّكُمۡ إِذَا ٱسۡتَوَيۡتُمۡ عَلَيۡهِ وَتَقُولُواْ سُبۡحَٰنَ ٱلَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُۥ مُقۡرِنِينَ " [الزخرف :12،13] أي: لم، ولن تكون لنا طاقة على التمكن منه بقوانا البشرية لولا هذا التسخير الإلاهي.
فسبحان من سخر البحار لتجريَ فيها الجوارِ المنشآتُ كالأعلام .
وقد سبح الحقُّ ذاتَه وقدَّسَها وأظهر عظمتَه التي لايحيط بها إنس ولا جنٌّ فقال : " وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدۡرِهِۦ وَٱلۡأَرۡضُ جَمِيعٗا قَبۡضَتُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُ مَطۡوِيَّٰتُۢ بِيَمِينِهِ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ [الزمر: 67]
وتُسبحه الملائكةُ دون استكبارٍ ولا انقطاع ولا فُتورٍ. قال تعالى :" إِنَّ ٱلَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لَا يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِهِۦ وَيُسَبِّحُونَهُۥ وَلَهُۥ يَسۡجُدُونَۤ ]الأعراف :206 [
وسبحتْه مع داوود ـ عليه السلام ـ الجبالُ والطيورُ، قال تعالى : " وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا دَاوُۥدَ مِنَّا فَضۡلٗاۖ يَٰجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَٱلطَّيۡرَ " ]سبأ :10 [ فكان إذا سبَّحَ سبَّحتْ معه الجبالُ الراسيات ، وأوَّبَتْ معه الطيور السارحات.
فسبحوا اللهَ وقدسوه، فتسبيحه ذهابٌ للضيق، وشرحٌ للصدور، قال تعالى " وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ .فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ "]الحجر: 97ـ98[
سبحوا الله وقدسوه، فتسبيحه تفريجٌ للكروب. قال تعالى :" فَلَوۡلَاۤ أَنَّهُۥ كَانَ مِنَ ٱلۡمُسَبِّحِینَ لَلَبِثَ فِی بَطۡنِهِ إِلَىٰ یَوۡمِ یُبۡعثون " ]الصافات 143ـ144[
جعلنا الله وإياكم من المسبحين