الجمعة 05 يوليو 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

مدرسة غائبة وعودة مرتقبة .
متى تعود المدرسة إلى المدرسة ؟ 
متى ينسب النجاح إلى المدرسة ؟
أين المدرسة من التربية ؟ 
وأين المدرسة من التعليم ؟
لمن ينسب نجاح الناجحين وتفوق المتفوقين في الثانوية العامة ؟ 
هل للدروس الخصوصية الحاضرة  وهي ممنوعة  ؟ 
هل للدروس الخصوصية المساهمة في صناعة النجاح وهي مرفوضة ؟ 
( هل نكرهها ولا نقدر على بعدها ؟ ) 
هل  ينسب النجاح لأولياء الأمور الكادحين : ماديا ونفسيا ؟ 
هل ينسب النجاح لأولادنا المأزومين نفسيا وعصبيا وكأن لسان حالهم : في الثانوية أكون  أولا أكون . حياة او موت .
ألقاه في اليم مكتوفا وقال إياك إياك أن تبتل بالماء .
الحقيقة أننا أمام مدرسة غائبة وعودة مرتقبة . ( باعتراف أوائل الجمهورية )
* إذا غابت المدرسة :
فمن لتشكيل وعي طلابنا ؟
متى تقوم المدرسة بدورها ؟ 
متى تخدم المدرسة وطنا وترتقي بمجتمع وتنهض بفضيلة ؟ 
من لغرس القيم وتنميتها ؟ 
من لبناء الحس الجمالي ؟  ( في ظل تربية فنية غائبة : تدريسا وممارسة ) 
من لتكوين الوعي الديني الوسطي المنضبط ؟ ( في ظل دين لايضاف للمجموع ومقرر لايدرس وكتاب لايفتح من طالب يصارع الزمن لدقيقة تأتي بدرجة يرجو بها نجاة  ....) 
من لتكوين الوعي الديني الذي يمثل حراسة للفضيلة ووقاية من الرذيلة . وأمانا للنفس وسكينة للقلب ؟!!
من لبناء الضمير ( في ظل غش مترامي الأطراف متعدد المظاهر والأهداف .....) ؟!!!
من لتكوين الوعي البيئي ( في ظل بيئة مفترى عليها : تُربةً وماءً وهواءً و......) ؟!!!
من لاكتشاف الموهوبين ورعاية النابغين ؟ !
من للأخذ بيد الضعفاء والعاجزين ؟!
من لبناء الثقافة ورعايتها ؟ !
من لبناء الأجيال ؟ !
من لقيم المواطنة والانتماء ؟ !
إذا غاب المعلم أو غُيب فمن لبناء الأوطان ؟!  . 
من لصناعة الإنسان ؟! 
من لتشكيل الضمير الإنساني ؟! 
من لأولادنا في ظل ضعف أو غياب المؤسسات التربوية البانية .
# النجاح والدرجات مسؤولية من :: 
مع الواقع التعليمي المؤلم  : 
يبدو - وللأسف -  أن التعليم  ( أقصد تحصيل الدرجات والمرور من عنق الزجاجة - إلى غير أين ؟ - 
يبدو أن المسؤولية ثلاثية الأبعاد : 
* البعد الأول :  
الدروس الخصوصية : 
البقاء فيها للأقوى 
البقاء فيها للمعلم المتمرس في فهم  طموحات أو أطروحات او تحديات  الوزارة .
( يبدو أن التطوير في عقل المسؤولين . وعلى المعلمين فك الألغاز . ومعرفة خارطة الطريق الموصلة إلى تحصيل الدرجات  . وهنا يكون البقاء او الفناء  للسناتر ومسنتريها )  
والعجيب أن الدروس الخصوصية حاضرة مع منعها وموجودة مع تجريمها .
والحاجة إليها في ازدياد كالماء المالح تماما ...
وبالمناسبة : لن تنتهي الدروس الخصوصية إلا إذا عادت المدارس
فمن لأولادنا الحيارى  إذا أغلقت المدارس وأغلقت السناتر . والبقاء للأقوى حضورا وفائدة .
والبقاء للأكثر واقعية . 
والبقاء لمن يقدم خارطة الطريق  وكلمة المرور من شبح الثانوية وإن كان ذلك بمسكنات عاجلة الأثر حتى لو دمرت الجهاز المناعي :  الأخلاقي والاجتماعي والثقافي والإنساني ....( كل هذا طبعا للأسف  )  
* البعد الثاني في المسؤولية عن النجاح وتحصيل الدرجات :  الطالب الهمام الذي من  أهم سماته أنه : 
طالب : سباح ماهر يجيد العوم والغوص .
طالب :  طيار يحسن الطير في الهواء والسير على الماء .
طالب : يمتلك القدرة على التحدي حتى للنفس .
طالب : شعاره إني نذرت للرحمن صيام عام واستعددت له أعواما .
طالب يصوم عن الرياضة والثقافة والتغذية السليمة . 

وعن جميع احتياجاته ومتطلبات تكوينه  ( مكتفيا برياضة التجوال بين السناتر : صباحا ومساءً وليلا ونهاراً ) 
ومن الثقافة يكفيه : سبر أغوار المقررات وفك ألغاز الامتحانات التي لم يسبقها شرح وتفصيل وبناء وتكوين وإعداد وتدريب بفصول أنفقت عليها الدولة الملايين والمليارات ...... 
فهل الامتحانات من أجل الامتحانات ؟ 
هل الامتحانات غاية في حد ذاتها ؟
أليس المنشود  قياس نواتج تعلم لعملية  تعليمية شاملة : معرفيا ووجدانيا ومهاريا ؟! 
هل يوجد صعود بغير مصعد .
طالب : ينسى  الإبداع فلا مجال ولا مكان . فالفرض عنده  -  الدروس والتحصيل -  مقدم على النافلة  - النشاط . الإبداع ..... -  والإبداع ترف والدرجات العليا شرف  . وليس في الإمكان أبدع مما كان .
( هذا طبعا : للأسف وبكل حرقة ومرارة )  
طبعا : الحديث عن الطلاب الجادين المهمومين المحترمين . فماذا عن الطلاب الغائبين المغيبين عن كل شيء إلا السبل المجهولة المفضية إلى الهاوية ؟!!! : فراغا وبطالة  وإدمانا وعنفا وتخريبا وهدما للوطن وضياعا لمقدراته ( أبناؤنا إذا لم يجدوا تربية كريمة حانية جادة أصبحوا قنابل موقوتة وخناجر حادة في ظهر الوطن )  
* البعد الثالث في المسؤولية عن النجاح وتحصيل الدرجات : الآباء والأمهات الذين يعلنون الطوارئ في بيوتهم فيحرمون أنفسهم من الطيبات وطيب الأوقات وجميع الملذات . فالدروس أولى والطموحات تستحق الفداء بالمال والوقت وكل ماتملك الأسرة .
تحرم الأسرة بقية أولادها من المتعة بحياة طبيعية فكل المباحات ممنوعات حتى ينجح أخوكم او أختكم وتحصل الدرجات . ( أليس هذا استنزاف مكتمل الأركان ؟! )
وتقطع الأنفاس  وتحبس أحد عشر شهرا أو يزيد حتى تطلق صافرة إعلان النتيجة ( وما أدراك ما تلك اللحظات :  أحاسيس  ومشاعر  وأعصاب . خوف واضطراب . ) 
الكل ينتظر مصيره ومآله ( هل في القمة المرتقبة أم في القاع  المحظور  ؟ - للكاتب مقال سابق بعنوان : وهم القمة والقاع ) 
وطبعا لابد وللأمانة أن أسجل وأقدر  العبء الكؤود الذي يقع على الوزارة : تأليفا للمقررات وإدارة ومتابعة للامتحانات وتصحيحا وإعلانا للدرجات ؟ 
وقبل ذلك : زيارات ومرتبات وميزانيات .
وماذا بعد ؟ 
ماالعائد ؟  أين التعليم وأين المخرجات ؟
هل هذه آلية تمكن من امتلاك مهارات القرن الحادي والعشرين ؟ 
هل هذه آلية تسهم في تحقيق قدرة تنافسية ؟
هل هذه آلية تحقق تنمية مستدامة ؟
هل هذا ماتحتاجه بلادنا ؟!!
ماالحل ياسادة ؟
مؤكد أن الحلول كثيرة .
وجامعاتنا عامرة بالخبراء التربويين  المتخصصين المخلصين الوطنيين الغيورين على وطنهم .
والحل من وجهة نظري : 
- أن تعود المدرسة إلى المدرسة .
فالمدارس بمعانيها ومبانيها .
- أن تعود للمعلم مكانته .
- أن يأخذ المعلم دوره في الريادة والتوجيه والبناء .
- أن يلقى المعلم التكريم اللائق به : أدبيا وماديا .
أعتقد : كلنا يذكر  في حياته ويسجل في ذكريات عقله وفؤاده :  معلمين نبلاء ومربين فضلاء .
- الحل في تعظيم قيمة المعلم صانع النجاح .
- الحل : أن يرتبط المعلم بمدرسته من طابور الصباح إلى جرس انتهاء اليوم الكامل ( على أن يأخذ حقوقه كاملة بما يغنيه عن التفكير في  مصادر أخرى تؤثر على قيمته الأدبية وصحته النفسية والجسمية و و ..... ) 
-الحل : في العناية بمكتبة الفصل والمدرسة .
-الحل : في إعادة وتفعيل مسابقات أوائل الطلبة بين الفصول والمدارس والإدرات ،( أقصد التعميم بذلك  لتكون ثقافة مجتمع ولا أقصد الحالات الفردية  ) 
- الحل : في العناية بالرحلات المدرسية الممنهجة الهادفة التي يدرك طلابنا من خلالها عظمة بلادهم وتاريخها العظيم الضارب بشرف في أعماق الزمان والمكان .
إن الرحلات الهادفة  التي يقف فيها طلابنا على عظمة الحضارة المصرية بكل أشكالها ومراحلها من شمال البلاد إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها . أعتقد أنها أفضل من حفظ مجلدات التاريخ - وكما قيل : ليس راء كم سمع - 
إن هذه الرحلات تربي في أبنائنا الانتماء والوطنية دون محاضرات ومن غير محفوظات ( لماذا لاتعد خطة على مستوى المراحل التعليمة العامة والأزهرية والفنية . خطة يطلع فيها أولادنا منذ المرحلة الابتدائية حتى الجامعة على جميع متاحفنا ومظاهر حضارتنا وموروثاتنا الثقافية  وكذلك المنجزات الحضارية المعاصرة . ( المصانع ومؤسسات الإنتاج والمؤسسات الثقافية والدينية والتعليمية والرياضية  وغيرها.......)  على أن يتم ذلك من المرحلة الابتدائية حتى الجامعة ابتداء من البيئة المحلية ....... على مستوى القرية والمركز والمحافظة والدولة . .. ..
- هل هذا مستحيل ؟!
- هل هذا كثير على أولادنا وشبابنا ؟! 
- أليس هذا طريق عملي لبناء الوطنية في نفوس أولادنا ؟ 
- أليس هذا أولى من التشدق بالشعارات  الرنانة الجوفاء.  
الحل : أن تعود الأنشطة إلى المدرسة . ( ثقافية و رياضية وفنية واجتماعية......) 
- الحل : أن تعود المحاسبية المنضبطة العادلة إلى المدرسة .
الحل : ان يقام ميزان الحقوق والواجبات للجميع وعلى الجميع . 
- الحل : أن يعيش أولادنا في مدارسهم حياة  تربوية طبيعية : 
أخلاقية . تعليمية . اجتماعية . اقتصادية . رياضية . ثقافية . فنية .
#عندما تعود المدرسة بحق  إلى المدرسة  : 
- سوف تتراجع او تنحسر الجريمة .
- سوف يسود الاحترام والأدب . - سوف تسود منظومة القيم متكاملة .
- سوف تبرز وتصنع القدوات الحسنة المشرفة في كل المجالات . بدلا من شيوع وغلبة القدوات  المدمرة لشبابنا والمستنفزة لثرواتنا . والتي أغلاها الثروة البشرية . الهابطة - المصدرة للبلطجة والتنمر . والإسفاف باسم الفن ..... 
ياسادة : 
عندما تعود المدرسة إلى المدرسة .
سوف يتحقق السلم المجتمعي . حيث تنصهر جميع فئات المجتمع في بيئة تربوية صحية راشدة ترعاها الدولة وتحرسها بالمربين الأمناء والمعلمين الفضلاء  أهل الخبرة ومحل الثقة والأمانة .
سوف يسود النظام ويعم الانضباط أركان حياتنا . ( إعادة نظام الشرطة المدرسية )  
سوف يقضى على الفوضى والعشوائية والسلبية .
سوف يكون البناء الاقتصادي والاجتماعي ( تفعيل المقصف المدرسي ) 
سوف تمحى الأمية الأبجدية والثقافية والأخلاقية .
عندما تعود المدرسة إلى المدرسة
سوف تكون المكان المرغوب والمحبب لتلاميذنا وطلابنا .
سوف نسعد بجيل جديد من الشعراء والأدباء والمفكرين والعباقرة والمبدعين .
سوف تكون المدرسة صانعة لجودة حقيقية .
هكذا يكون إعداد المواطن .
وهكذا تكون المدرسة مجتمعا . مصغرا آمنا .
عندها تكون المدرسة جبهة وطنية حقيقة تعد المواطن وتخدم الوطن . تحت رعاية الدولة وبصرها وخبرائها من المربين  الكرام  أصحاب الهمة العالية والرسالة السامية .
تحية لكل مدرسة تقوم بدورها .
تحية لكل مدرسة تنهض برسالتها .
تحية لكل معلم شريف .
تحية لكل طالب جاد ( بصرف النظر عن نتيجته ) 
تحية لكل ولي أمر يعرف مسؤوليته تجاه اولاده .
تحية لكل الجاديين المخلصين .
تحية لكل محب لوطنه بأفعاله .
حفظ الله مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا ووطننا .

أستاذ أصول التربية . 

وكيل كلية التربية الأسبق للدراسات العليا . 

جامعة الأزهر .

تم نسخ الرابط