مدرسة غائبة وعودة مرتقبة .
متى تعود المدرسة إلى المدرسة ؟
متى ينسب النجاح إلى المدرسة ؟
أين المدرسة من التربية ؟
وأين المدرسة من التعليم ؟
لمن ينسب نجاح الناجحين وتفوق المتفوقين في الثانوية العامة ؟
هل للدروس الخصوصية الحاضرة وهي ممنوعة ؟
هل للدروس الخصوصية المساهمة في صناعة النجاح وهي مرفوضة ؟
( هل نكرهها ولا نقدر على بعدها ؟ )
هل ينسب النجاح لأولياء الأمور الكادحين : ماديا ونفسيا ؟
هل ينسب النجاح لأولادنا المأزومين نفسيا وعصبيا وكأن لسان حالهم : في الثانوية أكون أولا أكون . حياة او موت .
ألقاه في اليم مكتوفا وقال إياك إياك أن تبتل بالماء .
الحقيقة أننا أمام مدرسة غائبة وعودة مرتقبة . ( باعتراف أوائل الجمهورية )
* إذا غابت المدرسة :
فمن لتشكيل وعي طلابنا ؟
متى تقوم المدرسة بدورها ؟
متى تخدم المدرسة وطنا وترتقي بمجتمع وتنهض بفضيلة ؟
من لغرس القيم وتنميتها ؟
من لبناء الحس الجمالي ؟ ( في ظل تربية فنية غائبة : تدريسا وممارسة )
من لتكوين الوعي الديني الوسطي المنضبط ؟ ( في ظل دين لايضاف للمجموع ومقرر لايدرس وكتاب لايفتح من طالب يصارع الزمن لدقيقة تأتي بدرجة يرجو بها نجاة ....)
من لتكوين الوعي الديني الذي يمثل حراسة للفضيلة ووقاية من الرذيلة . وأمانا للنفس وسكينة للقلب ؟!!
من لبناء الضمير ( في ظل غش مترامي الأطراف متعدد المظاهر والأهداف .....) ؟!!!
من لتكوين الوعي البيئي ( في ظل بيئة مفترى عليها : تُربةً وماءً وهواءً و......) ؟!!!
من لاكتشاف الموهوبين ورعاية النابغين ؟ !
من للأخذ بيد الضعفاء والعاجزين ؟!
من لبناء الثقافة ورعايتها ؟ !
من لبناء الأجيال ؟ !
من لقيم المواطنة والانتماء ؟ !
إذا غاب المعلم أو غُيب فمن لبناء الأوطان ؟! .
من لصناعة الإنسان ؟!
من لتشكيل الضمير الإنساني ؟!
من لأولادنا في ظل ضعف أو غياب المؤسسات التربوية البانية .
# النجاح والدرجات مسؤولية من ::
مع الواقع التعليمي المؤلم :
يبدو - وللأسف - أن التعليم ( أقصد تحصيل الدرجات والمرور من عنق الزجاجة - إلى غير أين ؟ -
يبدو أن المسؤولية ثلاثية الأبعاد :
* البعد الأول :
الدروس الخصوصية :
البقاء فيها للأقوى
البقاء فيها للمعلم المتمرس في فهم طموحات أو أطروحات او تحديات الوزارة .
( يبدو أن التطوير في عقل المسؤولين . وعلى المعلمين فك الألغاز . ومعرفة خارطة الطريق الموصلة إلى تحصيل الدرجات . وهنا يكون البقاء او الفناء للسناتر ومسنتريها )
والعجيب أن الدروس الخصوصية حاضرة مع منعها وموجودة مع تجريمها .
والحاجة إليها في ازدياد كالماء المالح تماما ...
وبالمناسبة : لن تنتهي الدروس الخصوصية إلا إذا عادت المدارس
فمن لأولادنا الحيارى إذا أغلقت المدارس وأغلقت السناتر . والبقاء للأقوى حضورا وفائدة .
والبقاء للأكثر واقعية .
والبقاء لمن يقدم خارطة الطريق وكلمة المرور من شبح الثانوية وإن كان ذلك بمسكنات عاجلة الأثر حتى لو دمرت الجهاز المناعي : الأخلاقي والاجتماعي والثقافي والإنساني ....( كل هذا طبعا للأسف )
* البعد الثاني في المسؤولية عن النجاح وتحصيل الدرجات : الطالب الهمام الذي من أهم سماته أنه :
طالب : سباح ماهر يجيد العوم والغوص .
طالب : طيار يحسن الطير في الهواء والسير على الماء .
طالب : يمتلك القدرة على التحدي حتى للنفس .
طالب : شعاره إني نذرت للرحمن صيام عام واستعددت له أعواما .
طالب يصوم عن الرياضة والثقافة والتغذية السليمة .
وعن جميع احتياجاته ومتطلبات تكوينه ( مكتفيا برياضة التجوال بين السناتر : صباحا ومساءً وليلا ونهاراً )
ومن الثقافة يكفيه : سبر أغوار المقررات وفك ألغاز الامتحانات التي لم يسبقها شرح وتفصيل وبناء وتكوين وإعداد وتدريب بفصول أنفقت عليها الدولة الملايين والمليارات ......
فهل الامتحانات من أجل الامتحانات ؟
هل الامتحانات غاية في حد ذاتها ؟
أليس المنشود قياس نواتج تعلم لعملية تعليمية شاملة : معرفيا ووجدانيا ومهاريا ؟!
هل يوجد صعود بغير مصعد .
طالب : ينسى الإبداع فلا مجال ولا مكان . فالفرض عنده - الدروس والتحصيل - مقدم على النافلة - النشاط . الإبداع ..... - والإبداع ترف والدرجات العليا شرف . وليس في الإمكان أبدع مما كان .
( هذا طبعا : للأسف وبكل حرقة ومرارة )
طبعا : الحديث عن الطلاب الجادين المهمومين المحترمين . فماذا عن الطلاب الغائبين المغيبين عن كل شيء إلا السبل المجهولة المفضية إلى الهاوية ؟!!! : فراغا وبطالة وإدمانا وعنفا وتخريبا وهدما للوطن وضياعا لمقدراته ( أبناؤنا إذا لم يجدوا تربية كريمة حانية جادة أصبحوا قنابل موقوتة وخناجر حادة في ظهر الوطن )
* البعد الثالث في المسؤولية عن النجاح وتحصيل الدرجات : الآباء والأمهات الذين يعلنون الطوارئ في بيوتهم فيحرمون أنفسهم من الطيبات وطيب الأوقات وجميع الملذات . فالدروس أولى والطموحات تستحق الفداء بالمال والوقت وكل ماتملك الأسرة .
تحرم الأسرة بقية أولادها من المتعة بحياة طبيعية فكل المباحات ممنوعات حتى ينجح أخوكم او أختكم وتحصل الدرجات . ( أليس هذا استنزاف مكتمل الأركان ؟! )
وتقطع الأنفاس وتحبس أحد عشر شهرا أو يزيد حتى تطلق صافرة إعلان النتيجة ( وما أدراك ما تلك اللحظات : أحاسيس ومشاعر وأعصاب . خوف واضطراب . )
الكل ينتظر مصيره ومآله ( هل في القمة المرتقبة أم في القاع المحظور ؟ - للكاتب مقال سابق بعنوان : وهم القمة والقاع )
وطبعا لابد وللأمانة أن أسجل وأقدر العبء الكؤود الذي يقع على الوزارة : تأليفا للمقررات وإدارة ومتابعة للامتحانات وتصحيحا وإعلانا للدرجات ؟
وقبل ذلك : زيارات ومرتبات وميزانيات .
وماذا بعد ؟
ماالعائد ؟ أين التعليم وأين المخرجات ؟
هل هذه آلية تمكن من امتلاك مهارات القرن الحادي والعشرين ؟
هل هذه آلية تسهم في تحقيق قدرة تنافسية ؟
هل هذه آلية تحقق تنمية مستدامة ؟
هل هذا ماتحتاجه بلادنا ؟!!
ماالحل ياسادة ؟
مؤكد أن الحلول كثيرة .
وجامعاتنا عامرة بالخبراء التربويين المتخصصين المخلصين الوطنيين الغيورين على وطنهم .
والحل من وجهة نظري :
- أن تعود المدرسة إلى المدرسة .
فالمدارس بمعانيها ومبانيها .
- أن تعود للمعلم مكانته .
- أن يأخذ المعلم دوره في الريادة والتوجيه والبناء .
- أن يلقى المعلم التكريم اللائق به : أدبيا وماديا .
أعتقد : كلنا يذكر في حياته ويسجل في ذكريات عقله وفؤاده : معلمين نبلاء ومربين فضلاء .
- الحل في تعظيم قيمة المعلم صانع النجاح .
- الحل : أن يرتبط المعلم بمدرسته من طابور الصباح إلى جرس انتهاء اليوم الكامل ( على أن يأخذ حقوقه كاملة بما يغنيه عن التفكير في مصادر أخرى تؤثر على قيمته الأدبية وصحته النفسية والجسمية و و ..... )
-الحل : في العناية بمكتبة الفصل والمدرسة .
-الحل : في إعادة وتفعيل مسابقات أوائل الطلبة بين الفصول والمدارس والإدرات ،( أقصد التعميم بذلك لتكون ثقافة مجتمع ولا أقصد الحالات الفردية )
- الحل : في العناية بالرحلات المدرسية الممنهجة الهادفة التي يدرك طلابنا من خلالها عظمة بلادهم وتاريخها العظيم الضارب بشرف في أعماق الزمان والمكان .
إن الرحلات الهادفة التي يقف فيها طلابنا على عظمة الحضارة المصرية بكل أشكالها ومراحلها من شمال البلاد إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها . أعتقد أنها أفضل من حفظ مجلدات التاريخ - وكما قيل : ليس راء كم سمع -
إن هذه الرحلات تربي في أبنائنا الانتماء والوطنية دون محاضرات ومن غير محفوظات ( لماذا لاتعد خطة على مستوى المراحل التعليمة العامة والأزهرية والفنية . خطة يطلع فيها أولادنا منذ المرحلة الابتدائية حتى الجامعة على جميع متاحفنا ومظاهر حضارتنا وموروثاتنا الثقافية وكذلك المنجزات الحضارية المعاصرة . ( المصانع ومؤسسات الإنتاج والمؤسسات الثقافية والدينية والتعليمية والرياضية وغيرها.......) على أن يتم ذلك من المرحلة الابتدائية حتى الجامعة ابتداء من البيئة المحلية ....... على مستوى القرية والمركز والمحافظة والدولة . .. ..
- هل هذا مستحيل ؟!
- هل هذا كثير على أولادنا وشبابنا ؟!
- أليس هذا طريق عملي لبناء الوطنية في نفوس أولادنا ؟
- أليس هذا أولى من التشدق بالشعارات الرنانة الجوفاء.
الحل : أن تعود الأنشطة إلى المدرسة . ( ثقافية و رياضية وفنية واجتماعية......)
- الحل : أن تعود المحاسبية المنضبطة العادلة إلى المدرسة .
الحل : ان يقام ميزان الحقوق والواجبات للجميع وعلى الجميع .
- الحل : أن يعيش أولادنا في مدارسهم حياة تربوية طبيعية :
أخلاقية . تعليمية . اجتماعية . اقتصادية . رياضية . ثقافية . فنية .
#عندما تعود المدرسة بحق إلى المدرسة :
- سوف تتراجع او تنحسر الجريمة .
- سوف يسود الاحترام والأدب . - سوف تسود منظومة القيم متكاملة .
- سوف تبرز وتصنع القدوات الحسنة المشرفة في كل المجالات . بدلا من شيوع وغلبة القدوات المدمرة لشبابنا والمستنفزة لثرواتنا . والتي أغلاها الثروة البشرية . الهابطة - المصدرة للبلطجة والتنمر . والإسفاف باسم الفن .....
ياسادة :
عندما تعود المدرسة إلى المدرسة .
سوف يتحقق السلم المجتمعي . حيث تنصهر جميع فئات المجتمع في بيئة تربوية صحية راشدة ترعاها الدولة وتحرسها بالمربين الأمناء والمعلمين الفضلاء أهل الخبرة ومحل الثقة والأمانة .
سوف يسود النظام ويعم الانضباط أركان حياتنا . ( إعادة نظام الشرطة المدرسية )
سوف يقضى على الفوضى والعشوائية والسلبية .
سوف يكون البناء الاقتصادي والاجتماعي ( تفعيل المقصف المدرسي )
سوف تمحى الأمية الأبجدية والثقافية والأخلاقية .
عندما تعود المدرسة إلى المدرسة
سوف تكون المكان المرغوب والمحبب لتلاميذنا وطلابنا .
سوف نسعد بجيل جديد من الشعراء والأدباء والمفكرين والعباقرة والمبدعين .
سوف تكون المدرسة صانعة لجودة حقيقية .
هكذا يكون إعداد المواطن .
وهكذا تكون المدرسة مجتمعا . مصغرا آمنا .
عندها تكون المدرسة جبهة وطنية حقيقة تعد المواطن وتخدم الوطن . تحت رعاية الدولة وبصرها وخبرائها من المربين الكرام أصحاب الهمة العالية والرسالة السامية .
تحية لكل مدرسة تقوم بدورها .
تحية لكل مدرسة تنهض برسالتها .
تحية لكل معلم شريف .
تحية لكل طالب جاد ( بصرف النظر عن نتيجته )
تحية لكل ولي أمر يعرف مسؤوليته تجاه اولاده .
تحية لكل الجاديين المخلصين .
تحية لكل محب لوطنه بأفعاله .
حفظ الله مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا ووطننا .
أستاذ أصول التربية .
وكيل كلية التربية الأسبق للدراسات العليا .
جامعة الأزهر .