ads
الخميس 26 ديسمبر 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

والحيثيات تؤكد: استحقاق الطفل فى المهد للتعويض جراء موت المصاب.. وليس له حقوق إلا ما حدده القانون فى شأن الولاية على المال

النقض تتصدى لمفهوم "الحمل المستكن": عدم استحقاق "الجنين" للتعويض المطالب به

خلف الحدث

أرست الدائرة المدنية – بمحكمة النقض –عدة مبادئ قضائية بشأن إشكالية الحمل المستكن، قالت فيه: "عدم استحقاق الحمل المستكن للتعويض المطالب به قبل ميلاده واستحقاق الطفل فى المهد للتعويض جراء موت المصاب".   
 

ملحوظة:

الحمل المستكن هو الحمل "الراكد" أو الحمل "الراكن"، يعرف أنه مرحلة بدء التكوين بعد حدوث التلقيح والاستقرار فيه، حتى يبلغ الأسبوع الثامن من عمره في بطن أمه، فإن بلغ الأسبوع الثامن يسمى حملًا، وهناك من يرى إمكانية أن تحمل المرأة ويدوم حملها عدة سنوات وليس تسعة أشهر، وقد كان هناك أراء فقهية شاذه كون أن الحمل من الممكن أن يدوم لأكثر من 3 سنوات، وقد حسم ابن حزم الخلاف: حيث قال : "لا يجوز أن يكون الحمل أكثر من 9 أشهر، ولا أقل من 6 أشهر، لقول الله تعالى: وحملُهُ وفِصالُهُ ثلاثونَ شهراً.

وكذا قوله تعالى: "والوالدات يُرْضِعْنَ أولادَهُنَّ حولَيْنِ كاملينِ لِمَنْ أرادَ أنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ، فمن ادعى حملاً وفصالاً في أكثر من ثلاثين شهراً فقد قال بالباطل والمُحال، وردّ كلامَ اللهِ عزَّ وجلَّ جهاراً"، ثم قال رحمه الله تعالى عن الأخبار التي تروى عن نساء حملن لعدة سنين :"وكلُّ هذه أخبارٌ مكذوبةٌ راجعةٌ إلى مَنْ لا يَصْدق ولا يُعرف من هو، ولا يجوز الحكم في دين الله تعالى بمثل هذا".  
وقائع الطعن المقيد برقم 7887 لسنة 74 قضائية - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 65 لسنة 2004 مدني على الطاعنة بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي إليهم مبلغ 100 ألف جنيه تعويضًا عن الأضرار الأدبية، وقالوا بيانًا لذلك إنه بتاريخ 16 يناير 2000 تسبب قائد السيارة المؤمن عليها لدى الطاعنة بخطئه في موت مورثتهم، وأدين عنها بحكم جنائي بات، وإذ لحقهم من جراء الحادث أضرارًا أدبية فقد أقاموا الدعوى، حكمت المحكمة بالتعويض الذي قدرته، ثم استأنف المطعون ضدهم الحكم، كما استأنفته الطاعنة، فضمت المحكمة الاستئنافين، وقضت بتعديل مبلغ التعويض المقضي به، ثم طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض.  

مذكرة الطعن تستند على الخطأ في تطبيق القانون


مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم حيث ذكرت أن الطعن أقيم على سبب تنعى به الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك حين قضى للمطعون ضده الأول بصفته وليًا طبيعيًا على القاصرات "سعادة وفاطمة ومنى" بالتعويض عن الضرر الأدبي، رغم أن القاصرتين الأولى والثانية لم تكونا في سن التمييز وإدراك حقيقة الموت فلا يمكن أن يكون نالهما من جراء وفاة شقيقتهما ثمة آلام نفسية يستحقان التعويض عنها، وأن الثالثة منهن إنما كانت حملاً مستكنًا في تاريخ وفاة شقيقتها جراء الحادث، فلا تستحق التعويض المطالب به لانتفاء موجب الضرر بما كان يتعين عدم القضاء بالتعويض المطالب به لانعدام الإدراك، وإذ خالف الحكم المطعن فيه هذا النظر فإنه يكون معيبًا بما يوجب نقضه.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت أن هذا النعي في شقه الأول في غير محله، ذلك أن مؤدى نص المادة 222 من القانون المدني أنه يجوز الحكم بالتعويض للأزواج والأقارب إلى الدرجة الثانية عما يصيبهم من ألم من جراء موت المصاب، مما مؤداه أن المشرع نص على استحقاق هؤلاء للتعويض عن الضرر الأدبي متى تحقق حصول هذا الضرر، وأن التعويض هو مقابل الضرر الذي يلحق المضرور من الفعل الضار، ولم يشترط القانون سنًا معينًا بالمضرور في حالة القضاء بالتعويض في هذا الخصوص، وأن الأمر متروك لتقدير قاضي الموضوع الذي له التحقق من وقوع هذا الضرر للمضرور أو نفى ذلك وفقًا للظروف الملابسة وطبقًا لما نصت عليه المادة 170 من ذات القانون.

الطفل في مرحلة المهد يصيبه الضرر الأدبي ويستحق التعويض

وتضيف حيثيات الحكم أن التعويض عن الضرر الأدبي إنما يكون عن ضرر حال وبالتالي يتعين تعويض الأزواج وهؤلاء الأقارب عن الضرر الحقيقي الذي يصيبهم، ولا شك في أن الطفل في مرحلة المهد يصيبه الضرر الأدبي من جراء وفاة والده أو والدته أو أي من إخوته لأن الطفل في هذه الحالة يرتبط بمن حوله من هؤلاء ومن الصعوبة فصله عنهم ويتحقق بفراقهم الألم والضرر الأدبي الذي يستحق عنه التعويض، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى للقاصرتين بالتعويض عن الضرر الأدبي الذي أصابهما عن مقتل أختهما فإنه يكون قد طبق صحيح القانون، ويضحى النعي على غير أساس.
واستمرت الحيثيات في تنفيد الحكم بقولها: إن النعي في شقة الثاني سديد، ذلك أنه من المقرر أن النص في المادة 29 من القانون المدني يدل على أن المشرع أحال في بيان حقوق الحمل المستكن إلى القانون، فليس له حقوق إلا ما حدده القانون، وقد نظم المرسوم بقانون 119 لسنة 1952 في شأن الولاية على المال - الولاية على الحمل المستكن - وأثبت له قانون الجنسية الحق في اكتساب جنسية أبية، واعترف له قانون المواريث بالحق في الإرث، أما حقه في التعويض عن الضرر الشخصي المباشر الذي يلحق به نتيجة الفعل الضار الذي يصيب مورثه قبل تمام ولادته حيا فلم يعنيه القانون وترك أمره للقواعد العامة والتي تأبى على الحمل المستكن الذي لم يولد بعد، وقد انعدم إدراكه أن يكون محلاً لضرر أدبي قوامه الشعور والعاطفة. 

 

النقض ترسى عدة مبادئ قضائية عن "الحمل المستكن"


وأرست محكمة النقض عدة مبادئ قضائية بشأن أزمات "الحمل المستكن" قالت فيه: "إنما كان الحمل المستكن لا يستحق التعويض المطالب به لانتفاء موجب الضرر لانعدام الادراك  ذلك أنه من المقرر أن النص فى المادة 29 من القانون المدنى يدل على أن المشرع احال فى بيان حقوق الحمل المستكن إلى القانون، فليس له حقوق إلا ما حدده القانون رقم 119 لسنة 1952 فى شأن الولاية على المال والذى أعطاه الحق فى اكتساب جنسية والده، واعطاه الحق فى الميراث أما الحق فى التعويض فتركه القانون للقواعد العامة التى تأبى ذلك على الحمل المستكن الذى لم يولد بعد.
وأوضحت حيثيات الحكم: أما بالنسبة للاستحقاق الطفل فإن مؤدى نص المادة 222 من القانون المدني أنه يجوز الحكم بالتعويض للأزواج والأقارب حتى الدرجة الثانية عما يصيبهم من آلم من جراء موت المصاب، مما مؤداه أن المشرح نص على استحقاق هؤلاء للتعويض عن الضرر الأدبي متى تحقق حصول هذا الضرر وأن التعويض هو مقابل الضرر الذى يلحق المضرور من الفعل الضار، ولم يشترط القانون سنا معينا بالمضرور في حالة القضاء بالتعويض فى هذا الخصوص والتعويض عن الضرر الأدبي، إنما يكون عن ضرر حال، وبالتالي يتعين تعويض الأزواج والأقارب عن الضرر الحقيقى الذى يصيبهم ولا شك فى أن الطفل فى مرحلة المهد يصيبه الضرر الأدبي من جراء وفاة والده او والدته أو اى من اخوته لأن الطفل فى هذه الحالة يرتبط بمن حولة من هؤلاء ومن الصعوبة فصلة عنهم ويتحقق بفراقهم الآلم والضرر الأدبي الذى يستحق عنة التعويض.

كانت حملاً مستكنًا فلا تستحق بعد ولادتها التعويض المطالب به
 

لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن المجني عليها التي أصيبت في الحادث سبب دعوى التعويض الماثلة قد قبل ميلاد شقيقتها القاصر "منى" على نحو ما ثبت من شهادة قيد ميلادها، فإنها كانت حملاً مستكنًا فلا تستحق بعد ولادتها التعويض المطالب به، لأن الحق في التعويض عن الأضرار الشخصية المباشرة التي تدعى أنها أصابتها لم يكن من بين الحقوق التي حددها القانون للحمل المستكن وحددها على سبيل الحصر ولا يتصور أن يصيبها ثمة ضرر من جراء وفاة شقيقتها السابق على ولادتها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وقضى بإلزام الشركة الطاعنة بالتعويض عن الضرر الأدبي أصاب الصغيرة "منى" فإنه يكون معيبًا بما يوجب نقضه جزئيا في هذا الخصوص.  

 

تم نسخ الرابط