الجمعة 05 يوليو 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

نعيش طيلة حياتنا ما بين اختيارات وبناء على تلك الاختيارات تأتي القرارات وانت وحدك من تتحمل نتيجة ذلك وتدفع ثمن اختياراتك وقراراتك ؛ نتساءل دوما : الإنسان مصيَر أم مخيًر؟! فعندما يندم الإنسان على قراراته يبدأ بالقول بأن الإنسان مصير ! ولكن في الحقيقة نحن مخيرين طيلة الوقت حتى ما كان مصير بالأمس فأصبح اليوم مخير ؛ فالإنسان من الممكن أن يغير اسمه ولونه وشكله ومن الممكن أن يغير أيضا البيئة التي نشأة بها ؛ فالإنسان مخير طيلة حياته فحينما يأتي الموت ينتهي الأختيار.
ولكن عندما نختار يجب أن نتحمل نتائج ذلك الاختيار ولا نلقي خطأ الاختيار على شماعة الظروف والنصيب ؛ فالإنسان مُخير في حدود ما كُلف به ومُسير فيما عدا ذلك، فالله سبحانه وتعالى آياته كلها تُخيير للانسان ، فقال تعالى :"فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى  وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى  وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى  وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى" ، فالإنسان مخير، وخياره في ملايين الموضوعات خيار قبول أو رفض، اي الإنسان له حرية الأختيار واتخاذ القرار ولكن عليه أن يتحمل نتيجة قراره واختياره.
حياتك كمسلسل وبطلها الوحيد أنت ، ففي الحقيقة كل شخص منّا يتعرض في كل وقت ، كل لحظة، كل مكان ، كل زمان للأختيار، ما بين الخير والشر، الحلال والحرام، الثبات على المباديء ام التخلي عنها،  فأنت المسئول الوحيد عن اختياراتك في الحياة واختيار  الطريق الذي تريد أن تسلكه.
فكل شيء يحدث في هذه الحياة لسبب ما، قد نجهله في الوقت ذاته ولكن حتمًا سيعلمه البعض ولو بعد حين، فنحن في الحقيقة مخيرون فيما نعلم مسيّرون فيما لا نعلم، والله سبحانه وتعالى يهب لنا منح ونعم طول الوقت متمثلة في أشياء وأشخاص ؛ وهناك من يختار أن يغتنم تلك الفرص ويحافظ عليها وهناك من يضيعها ويندم عليها ؛ ولقائنا بالأشخاص ليس صدفة بل قدر مقدر من الله سبحانه وتعالى ؛ فحينما نلتقي بأشخاص سيئيين الله يريد أن يعلمنا درس من خلالهم ويريد أن يصلح ما فينا من عيوب عن طريقهم ؛ فاللقاء قدر ولكن بإرادتنا أن نختار أن نحتفظ بهؤلاء للمستقبل ام تنتهي علاقتنا بهم فور انتهاء الدرس ؛ فهناك من يلتقي بإنسان ويعطيه الله سبحانه وتعالى رسائل وعلامات في بداية الطريق ولكن يتجاهلها ويختار بإرادته أن يكمل ظناً منه أن العلاقة ستتحسن أو يجدها كما يرغب فهذا قرار بناء على الاختيار هنا يتحمل الإنسان نتائج ذلك الاختيار والقرار الذي نتج عنه ؛ وهناك انسان يلتقي بشخص قدر ولكن ينسحب فور انتهاء الدرس فقد قرر النجاة من ذلك الاختيار .
فالفرق بين الشخص الناجح في حياته العاطفية والعملية هو اتقان فن الاختيار ومعرفة اختيار الوقت المناسب أو استخدام الظرف الزمني متى ؛ متى يبدأ ومتى ينتهي ؛ متى يتكلم ومتى يصمت ؛ متى يستمر ومتى ينسحب ؛ فكل دقيقة في إتخاذ القرار تفرق في مصير إنسان ؛ فهناك قرارات يجب أن تتخذ في وقت مبكر لأنها ستكون قرارات فردية وهناك قرارات الانسحاب منها في وقت متأخر يترتب عليها مصير جماعي كأسرة بأكملها وليس قرار فردي يخص الشخص ذاته ؛ فتمعنوا في الاختيار فما الحياة إلا اختيار ومن ثم قرار .

تم نسخ الرابط