نقاش حول المواطنة ونبذ ثقافة الكراهية بالأعلى للثقافة
أقام المجلس الأعلى للثقافة تحت رعاية الدكتورة نيفين الكيلانى وزيرة الثقافة، والدكتور هشام عزمى؛ الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، ندوة بعنوان: (المواطنة ونبذ ثقافة الكراهية)، وذلك مساء أمس الخميس الموافق 9 مايو فى تمام الساعة الخامسة، بقاعة المجلس الأعلى للثقافة؛ حيث نظمت هذه الندوة لجنة مواجهة التطرف والإرهاب التى يترأسها الدكتور أحمد زايد؛ أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة القاهرة، ومدير مكتبة الإسكندرية، بالتعاون مع لجنة ثقافة القانون والمواطنة وحقوق الإنسان بحضور مقررها المستشار الدكتور خالد القاضى، وأدار النقاش المستشار أيمن فؤاد رئيس محكمة الاستئناف العالى بالقاهرة، وعضو لجنة مواجهة التطرف والإرهاب، وشارك فيها كل من: نيافة الأنبا أرميا؛ الأسقف العام ورئيس المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى، وعضو لجنة ثقافة القانون والمواطنة وحقوق الإنسان، والأستاذ الدكتور حنا جريس؛ عضو مجلس الشيوخ عضو لجنة مواجهة التطرف والإرهاب، والمستشار عصام شيحة؛ رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، وعضو لجنة ثقافة القانون والمواطنة وحقوق الإنسان، وفضيلة الشيخ الدكتور عمرو الوردانى؛ مديرالفتوى ومركز الإرشاد الزواجى بدار الإفتاء المصرية، وعضو لجنة ثقافة القانون والمواطنة وحقوق الإنسان.
تحدث الدكتور عمرو الوردانى متناولًا عدة عناصر رئيسية تؤدى إلى خطاب الكراهية، مختصرًا إياها فى ما وصفه بسباعية تحديات العيش المشترك، والتى تأتى على النحو التالى: المزاجية (فقدان المعايير)، والفردانية (العشوائية)، والتشكك (فقدان الثقة المتبادل)، والمظلومية (تجييش الضحايا)، والإحباط (تبرير التمرد)، والحساسية (العيش مع التوتر)، وتابع معددًا عدة معايير ومؤشرات للكراهية، كمحاولة منه لتشريح عقل الشخص الداعم للكراهية، موضحًا أنها تتمثل فى رفض حقيقة التنوع وإقصاء الآخر، وتسويد الحياة، ومفاصلة المجتمع وإنشاء مجتمع مواز، رفض منظومة القيم الإنسانية، واستعداء العالم وصولا لوجوب عداوته، والتحريض على تهديد المجتمع، وتبنى العنصرية المجتمعية، وإهدار قيمة الحوار، واحتكار الحقيقة والصواب والحكمة، واعتقاد المظلومية، والسلوك العادئى تجاه المرأة، والدعوة إلى مبدأ الثأرية التاريخية، وإدعاء عدم شرعية القوانين والدعوة لرفضها، والسعى لإفساد الريادة الوطنية، رصد السلبيات فى المجتمع وجعلها هى الحياة العامة، وتشويه رموز المجتمع الوطنية، وشرعنة التعدى على المجتمع والدولة، وفى مختتم حديثه أكد أن معايير جودة الخطاب المكافح للكراهية تتمثل فى الدعوة لحب الحياة وتطهير المجتمع من مخلفات التطرف، والتفاعل مع الواقع ومراعاة أصول العلوم الاجتماعية، علاوة على وجود قابلية للتنوع والتفكير متعدد الرؤى وتبنى المشترك، والعمل على اعتماد المرجعيات العلمية، ومقاومة فلسفة المظلومية، وكذلك إنسانية الخطاب بإعلاء القيم وعلى رأسها الرحمة والخير والجمال ومقاومة العشوائية الدينية، ومقاومة حتمية الصدام وتوجه العالم ضد الأديان. وبطبيعة الحال المساهمة فى التنمية الوطنية، والاعتقاد فى رحمة الإيمان لا سلطويته، وتأكيد الدعوة لسواسية التدين لا الطبقية الدينية، وإنكار السلوك المنحرف مع عدم كراهية السالك، والتمييز بين الجهل فى المجتمع والجاهلية الاعتقادية؛ حيث أن عدم المعرفة لا يعنى إنكار العلم والإصرار على المخالفة.
فيما تحدث المستشار عصام شيحة مؤكدًا أن فكرة المواطنة تحد من انتشار خطاب الكراهية؛ حيث تُعد ثقافة الكراهية نتاجًا لفكر متطرف، وتساهم فى نشر هذه الأفكار المذمومة عدة عناصر من بينها على سبيل المثال بعض الأفكار المتطرفة فى المناهج التعليمية، فللأسف إن ثقافة الكراهية تزرع فى العقل منذ الصغر، وأوضح أنه من أبرز العناص السلبية التى تدعم ثقافة الكراهية كذلك، تتمثل فى تنامى الشعور بالتمييز لدى الشباب، وحرمان الأشخاص من حقوقهم مما يؤدى إلى العزلة وبالتالى تحدث الكراهية؛ فدائمًا ما تؤكد ثقافة الكراهية على إقصاء الآخر واعتبار كل من هو مختلف عدو، وأشار إلى أهمية دعم فكرة المواطنة لمواجهة ثقافة الكراهية وخطابها، موضحًا أن اصطلاح المواطنة يشير إلى الانتماء إلى مجتمع معين، والتمتع بحقوق وواجبات محددة كعضو فى ذلك المجتمع. من أهم واجبات المواطن نبذ الكراهية والترويج للتعايش السلمى بين جميع أفراد المجتمع، بغض النظر عن اختلافاتهم في الدين، العرق، الجنس، أو أى صفة أخرى؛ فالمواطن الصالح هو الذى يحترم حقوق الآخرين، ويتقبل الاختلافات، ويعمل على نشر ثقافة التسامح والاحترام المتبادل، دون أى من أشكال التعبير اللفظى أو المكتوب الذى يشجع على الكراهية أو التمييز ضد مجموعة من الأشخاص بناءً على دينهم أوعرقهم أو جنسهم، وفى مختتم كلمته أكد أن ثقافة الكراهية لها تأثير سلبى كبير على المجتمع؛ حيث تؤدى إلى انتشار العنف والتمييز والانقسام الاجتماعى.
فيما أكد نيافة الأنبا أرميا، الأسقف العام للمركز القبطي الثقافي الأرثوذكسي، على أهمية مفهوم المواطنة كركيزة أساسية لبناء الوطن، مشددًا على التزام الدولة بحفظ حقوق جميع المواطنين دون تمييز على أساس العرق أو الدين أو الجنس، وتابع مؤكدًا أن المسيحية والإسلام يدعوان لتقبل الآخر وإفشاء السلام مشيرًا إلى أن الله عز وجل كان قادر على خلق جميع البشر منتميين إلى أمة واحدة ولكن جاءت حكمته تبارك وتعالى فى الاختلاف بين البشر، مستشهدًا بقول الله تعالى: "لِكُلٍّۢ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ۚ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَٰحِدَةً" [سورة المائدة:48]، وفى مختتم كلمته أكد على أهمية رفع قيمة المواطنة ونبذ الكراهية، من خلال مواصلة العمل الجماعى والحوار نحو بناء مجتمع مصرى أكثر عدلاً وسلامًا، حيث يتمتع فيه المواطنين كافة بكرامة متساوية وحقوق متساوية.
ومن جانبه أكد الدكتور حنا جريس أن ثقافة تفشى ثقافة الكراهية يمثل خطرًا جسيمًا على تماسك المجتمعات وازدهارها، كونها تُعيق التنمية وتُشعل الصراعات وتُهدد الحقوق والحريات، وفى المقابل، تُمثل المواطنة سلاحًا فعالًا لمواجهة هذه الظاهرة؛ فهى تُعزّز قيم التعايش والاحترام والتسامح، وتُرسّخ مبادئ المساواة والعدالة، وأشار فى حديثه إلى أهمية تعزيز الهوية الوطنية؛ حيث يكمن لُب فكرة المواطنة فى تعزيز الشعورٍ بالانتماء للوطن، بغض النظر عن الاختلافات الدينية أو العرقية أو الثقافية، وفى مختتم حديثه شدد على أهمية المشاركة فى صنع القرار وإدارة شؤون المجتمع، مما يُعزّز الشعور بالمسؤولية ويُقلّل من فرص التهميش والإقصاء، ومواصلة الحوار الوطنى البنّاء بين مختلف فئات المجتمع، الذى يُساعد بطبيعة الحال على حلّ تعزيز التقارب ووأد أى خلافات واستيعاب وجهات النظر المختلفة مجتمعيًا، وهو ما يتأتى بواسطة سيادة العدالة والقانون على أفراد المجتمع كافة؛ فلا شك أن أهم أسس المواطنة هو مبدأ سيادة القانون والعدالة للجميع، مما يحد من انتشار ثقافة الكراهية والتمييز.