يعرف تقدم الأمم والدول والشعوب بمدى اهتمامها بالعلم والتعليم ،والبحث العلمي، وقد أولت الدوله المصريه المعرفه على تنوع مشاربها اهتماما بالغا منذ عقود طويله، ومن جامعاتها وعلى يد الجموع الهائلة من علمائها نهضت الغالبيه العظمى من الدول العربية، وقد صار من نافلة القول التأكيد على هذا المعنى والدور الكبير ، ولعل من نقاط التميز والتفرد ما عمد إليه علماء هذا البلد من أن تكون القاهره مرتكز كبير، وجامعة دول أفريقيا بإنشاء معهد الدراسات الأفريقية، كما لنا أن نفخر نحن أبناء محافظة الشرقيه أن تكون الزقازيق: ( جامعة الدول الأسيويه) بوجود معهد الدراسات الأسيويه في ربوع المحافظه ، وعلى مدى ثلاثون عاما أثمرت تجربة هذا المعهد مجموعه هائله من النجاحات في مجالات شتى نجليها ونجملها فيما يلي :-
أولا:- مراعاة البعد الأمني القومي العربي ،وتعزيز العلاقات العربيه- الأسيويه ، وفي طليعة هذا المحور تنمية وتطوير العلاقات المصريه- الخليجيه في المجالات السياسيه، والاقتصادية، والإستراتيجية، فضلا عن تقديم رؤي ،وتحليلات رصينه، للأشقاء في التحديات التي تواجه مستقبل التفاعلات التعاونيه والصراعيه لهذه الدول ،وذلك من خلال النقاشات، ورسائل الماجستير والدكتوراه، وأوراق تقدير الموقف ،فضلا عن المؤلفات العلميه لعلماء هذه المؤسسة العريقه التي سبرت أغوار أعقد المشكلات وأدقها، وكل المسكوت عنه في كافة القضايا والاشكالات ، ومن أدق أولويات هذه الكليه عبر ما يزيد على ربع قرن من الزمان دراسة المخططات والأزمات والحروب لاسيما أحوال الدول العربيه التي تم التخريب فيها مثل العراق، وسوريا ،واليمن ،ولبنان ، والقضية المركزيه في فلسطين تحت زعم من مبررات لا قيمة لها ولا تصمد أمام واقع مرير لحقوق الإنسان وعجز المنظمات الدولية والأمم المتحدة عن التصدي لغائلة العدوان من الحكومه السريه العالم.
ثانيا:-الدراسات والأبحاث والمؤلفات العلميه التي شيدت حول التجارب الأسيويه الناجحه في التطور الإقتصادي والتنميه، والنمو المضطرد للاستثمارات المباشره، وغير المباشره، ودراسات المخاطر، وخطط التكيف وإعادة الهيكله، والتعرف على سياسات ثالوث المعمار المالي العالمي ( صندوق النقد الدولي- منظمة التجارة العالمية- البنك الدولي ) ، والتحذير من العولمه الخبيثه التي يثرى فيها القله ثراءا فاعلا وناجزا على حساب الكثره الكاسره،
ولم تدخر الدراسات وسعا في سبيل البحث عن سبل معالجة الفقر، والبطالة عبر المقاربه بين ايديولوجيات الأسواق الناشئة التي تتأرجح بين عقيدتين للمركز : عقيدة الإشتراكية، وصيحة كارل ماركس في التاريخ ( يا عمال العالم اتحدوا ) ، وعقيدة الرأسمالية ونداء منظرها الأول أدم سميث: ( دعه يعمل دعه يمر )
لتعيش الدول والشعوب في الأطراف تحت شعار كاسح :(أن الضحيه تستحق مصيرها...ولينقذ نفسه من يستطيع ) وإذا كان مشكلة العمال في زمن الإشتراكية أنهم مستغلون،فإن مشكلاتهم في زمن الليبراليه أنهم غير مستغلين أصلا...!!
ثالثا:- تعد كلية الدراسات الأسيوية العليا مركزا علميا لا نظير له في العالم لمحاربة الأفكار المتطرفه وهزيمة الإرهاب بالفكر المستنير على صعيد أنسنة الأديان، والعقائد ، والفلسفات، وسجالات علم الكلام والمتكلمه من خلال أبحاث ودراسات، ورسائل الماجستير والدكتوراه العديده حول التسامح، والتعايش، والحوار، والنزعه الصوفيه الرائقه والمنزهه عن أية أغراض دنيوية ، فكان منتدى قسم الأديان المقارنه، وسيمناراته المنعقده بشكل دائم فرصه استثنائية لملتقى العلماء من شتى المدارس الفكريه ،يناقشون تدينهم وعقائدهم ورؤاهم تحت سقف واحد عنوانه: ( الاستناره ) وارضيته المدنيه البحته:( التعايش ).
رابعا :- عن المجتمعات الأسيويه، وتقلب أحوال العمران فيها، منذ مغامرة العقل الأولى عبر تاريخها، وسوسيولوجياتها، واللغات الأسيويه ،وخرائط جيو - ستراتيجياتها تقدم كلية الدراسات الأسيويه العليا أبحاث ودراسات للأمن القومي المصري والعربي عبر متظومة التخطيط المعرفيه الواسعه: ( الأيديولوجي- السيكولوجي- البيولوجي- الأيكولوجي- السوسيولوجي- الاثنولوجي- الابيستمولوحي ) ،وهي القواعد المؤسسه لأبحاث العلوم الإجتماعية، في زمن الحداثه السائله بتعبير زيجمونت باومان ، والطفرات الهائله في أنماط الحياه عبر ثورات الأنفوميديا والهايبرميديا، وتحديات التقانه الذكيه ،وتقديم أبحاث عن الحروب السيبرانيه، والهجمات الإليكترونية، والذئاب المنفرده حتى إذا كانت في جحر الأرنب، يتم النبش عنها واقتيادها وتسليمها -أي الأفكار المغلوطه- لصناع ومتخذي القرار للتصرف حيالها باستراتيجيات المواجهة، وسبل العلاج.
خامسا:- قدمت جامعة الزقازيق عبر كلية الدراسات الأسيويه العليا أهم تضحيات يمكن أن تقدمها جامعه عربيه لقدس الأقداس ( المسجد الأقصى) من خلال تفرد الجامعه بوجود :( مركز الدراسات الإسرائيلية ) الذي كان مقصدا لكل المتخصصين في الشأن الإسرائيلي في ربوع مصر ،ونافحوا بإخلاص واجتهاد عن القضية الفلسطينيه، عبر العديد من الندوات والمؤتمرات والمشاريع البحثيه مثل : (مستقبل الدوله الفلسطينيه)، و(القدس وسبل تعزيز عروبتها)، و(استراتيجية إسرائيل ٢٠٢٨م) ، و(متغيرات العولمه في إسرائيل) ، هذا فضلا عن رسائل الماجستير والدكتوراه في الصراع العربي-الإسرائيلي، وقد كانت الكليه في طليعة المؤسسات العلميه العربيه التي طرحت رؤيه تحليليه مبكره عبر أوراق تقدير الموقف عن : ( حرب طوفان الأقصى والسيوف الحديديه) وطرح جذور الأزمة وتطوراتها ، وسيناريوهات المستقبل الذي بدا بلا أفق في ظل تعنت الكيان الصهيونى، وقلة حيلة حركة حماس التي دخلت بالشعب إلى حرب مفتوحه على خلفية حسابات غير دقيقه، والحرج البالغ الذي سببته للفلسطينيين عبر استشهاد وتشريد الألاف من جموع الشعب العربي في فلسطين.
سادسا :- قدمت كلية الدراسات الأسيويه العليا فرصة استثنائية وخدمات كبرى لمقدرات الدوله المصريه الفاعله والناجزه من رجال القوات المسلحه ، والقضاء ، والشرطه من خلال تيسير كافة السبل أمامهم لإستكمال دراساتهم العليا للماجستير، والدكتوراه، للجمع بين علومهم المتخصصة، والعلوم الأخرى في دراسات منهجية أكاديمية رصينه تسهم في إنجاح المهام التي يقومون بها في خدمة قضايا الوطن ، والأمن القومي العربي، والعدالة، والانفتاح على علوم الذكاء الاصطناعي وسبل استخدام التكنولوجيا في التقاضي، والدفاع ،والأمن. وتفاخر كلية الدراسات الأسيويه العليا بجامعة الزقازيق أن يكون من قواها الناعمه وأبرز خريجيها من الحاصلين على درجة الدكتوراه مجموعه هائله من رموز المجتمع والدوله من الذين يتصدرون العمل العام.
سابعا :- توفر كلية الدراسات الأسيويه العليا للأمن القومي فرصة هائلة لملتقى علماء مصر، والخبراء والأساتذة، بوصف الكليه رائدة في مجال العلوم البينيه،العابره للتخصصات، وهي المعرفه التي صارت بعد ذلك من الإستراتيجيات الأهم في تطوير منظومة التعليم والبحث العلمي، وقد كانت الكليه سباقة إلى هذا المضمار منذ بداياتها الأولى، وترحب جامعة الزقازيق دائما بالعلماء من جامعات القاهره، وعين شمس، والأزهر الشريف، وكافة الجامعات المصرية للإشراف أو المناقشه والحكم على الرسائل العلميه، كما تستقطب موضوعات الكليه العديد من الوزراء، والمحافظين السابقين للاستفادة من خبراتهم العمليه التي أفادوا من خلالها الأمن القومي المصري،
تأتي هذه المقاله لتشكل مرحلة إنطلاق جديده في عمر هذه المؤسسة العلميه العريقه ، نتطلع من خلالها إلى المزيد من العطاء لخدمة قضايا الوطن والأمه العربيه، وفي ذلك نتشرف بأن نرفع أسمى آيات التقدير والعرفان إلى قيادات الجامعه معالي الأستاذ الدكتورخالد الدرندلي رئيس الجامعه، ومعالي الأستاذ الدكتور إيهاب الببلاوي نائب رئيس الجامعه للدراسات العليا والبحوث على كافة الجهود المقدمه لرفع كفاءة الكليه في سبيل دعم وانجاح رسالتها القوميه الكبرى........،،،