الإثنين 16 سبتمبر 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

>> منذ عرف الإنسان الاستقرار ليبدأ رحلة بناء الحضارة على الأرض.. اكتشف الحب سياجًا منيعًا للحماية للأسرة ثم الوطن.. وسندًا ايجابيًا يسهل صعاب تحقيق الحلم العام والخاص.. ووسيلة تدعم وشائج الود والألفة والسكن التى أشارت إليها الأديان السماوية كمسئولية عظيمة لارتباط الرجل والمرأة شرعيًا.. والقيام بمهام إعداد الأجيال للتواصل وتسلم مسئوليات الغد.. والحفاظ على ما تحقق أمس واليوم ويمر بخاطرى وأنا اكتب الآن ذلك التواصل الواضح والقوى.. الذى يصل إلى حد التطابق  بين كلمتى الرسائل والوسائل التى غزاهما  الحب بأسمه.. ليتقربا معا.. فيما لو استبدلنا حرف «الراء» القريب فى الابجدية من حرف «الواو» .
>> هذا ما فعله الحب فى الحروف التى استخدمها الإنسان للتعبير عن عواطفه وكتابتها لملايين بل بلايين ومليارات من خطابات تبادلها المحبون والعشاق بجميع لغات العالم بعضها وصل لأصحابه.. والآخر  تعثر فى الطريق بفعل فاعل.. ولكنهما معا دخلا عالم التاريخ الإنسانى من أوسع الأبواب.. ظلت أفكارها  وعباراتها صالحة للانتقال عبر الأجيال.. برسائل بحثت عن وسائل.. وابتكر أصحابها ما لا يخطر على البال من وسائل طريفة.. أو عنيفة.. لا فرق.. لكنها وصلت فى خلاصاتها ومناراتها المضيئة.. إلى البشرية جمعاء.. بتضحيات بالحياة والبقاء..  ظنًا منهم بأنه لا فائدة فى البقاء بدون الطرف الآخر.. وينبغى هنا الاشارة لروميو وجوليت نموذجًا للعشاق الشهداء.
>> ولكى نتعرف على قيمة الوسيلة عندما تتحول إلى رسالة.. نضرب مثالاًحدث منذ نصف قرن أو ما يزيد.. عندما اختار فتى السينما المثير للجدل حسين صدقى.. مكانًا مجهولاً فى شاطىء مرسى مطروح.. ليكون الموطن الرئيسى لقصة حب.. بسيطة المعنى شديدة النقاء.. للمدرسة ليلى التى قامت بدورها بلبل السينما المغرد.. ليلى مراد.. وأطلق على الفيلم والمكان «شاطىء الغرام» ليحصل على شهادة ميلاد جديدة ومثلها جميع العشاق.. منذ تلك اللحظة التى عرض فيها الفيلم.. وتنافس المحبون على اللقاء فى ضيافة الصخرة.. ومازالت تمثل نفس الأهمية والاقبال رغم متغيرات  الحياة.. وما أحدثته تكنولوجيا وسائل الاتصال.. واتساع رقعة المقاصد السياحية فى انحاء العالم القديم والجديد.. والتنوع فى الافواج القادمة والمغادرة إلى كل مكان.. ولا ننسى بالطبع مزارات مدافن مشاهير العشاق من أميرات وجميلات لم تكتمل قصة حبهم بسبب الموت والفراق.. فشيد المحبون لهم.. تحف معمارية.. سبقت العصر وسجلت فى كتاب الوفاء.. ناهيك عن بعض الشخصيات التى جمعت بين الرسائل والوسائل فى الحب ساندت الأحبة وسعت لإزالة العقبات أمام إرتباطهم المقدس.. مثل فالتين الذى يحتفل العشاق حول العالم به رمزًا للحب.. سواء فازوا بالرباط والاستقرار أو هزمتهم الظروف والعوامل القاسية.. ولم تفلح الرسائل والوسائل فى تحقيق الانتصار.
>> ومع مرور العمر .. وعبور الحصاد إلى العمر الثالث.. حيث تساقطت العديد من أوراق شجرة الحب.. بالرحيل أو العجز أو الانطواء.. لكن الشجرة ظلت راسخة الجذور.. قادرة على انتظار أجيال قادمة من الأحبة والعشاق.. قد يكونون بين أولادنا وأحفادنا.. أو نراهم فى جيران قادمون.. وربما نرفع سقف الآمال فى مكالمة أو لقاء مفاجىء.. مع شخص عزيز أختفى بفعل فاعل.. رغم أنه يمثل جانب فى ذاكرة الأيام الحلوة.. والايجابية لديك.. وربما لم يكن لساعة الفراق.. من ومضة تضىء القلب وتلهمك بأن رسائل الحب ووسائله.. قادرة فى هذا الوقت بدل الضائع.. فى أن تمنحك رصيدًا من الحب الافلاطونى.. والود النقى من الخطأ.. يسمح لك بالاستمرار فى العلاقة أو العودة إليها.. حتى لا تندم كما يحدث للبعض.. من مفاجأة تسعى إليهم من عزيز قديم.. يحاول الاطمئنان عليك.. واكتشاف امكانية اصلاح ما قد ظننت أنه انتهى.. لانه ببساطة قد راجع أوراقه وربما  مازلت قادرًا على الصفح والبدء من جديد.. وهو بالتأكيد يعلم ظروف حياتك الآن.. ولا يطمع فى أكثر من أن يبادله صديق مشاعر الود والاطمئنان ما دام القلب ينبض والحياة تسير.. ورسائل ووسائل الحب حية فى القلب.. والعقل والضمير.

تم نسخ الرابط