الإثنين 16 سبتمبر 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

يتفق علماء الإدارة وخبراء التخطيط وواضعي الرؤي والاستراتيجيات  علي أهمية التكامل والتناغم والتعاون بين الأفراد والجماعات في بيئات العمل وحاضنات الريادة والتميز والإبداع، وعلي ضرورة  الاتفاق علي الأطر العامة والقواسم المشتركة بين المؤسسات المختلفة، وإبرام العديد من الشراكات والاتفاقيات، ومد أواصر التعاون وجسور التفاعل لوضع الرؤي والأطروحات، والظفر بالأهداف والمنجزات، وتحقيق الآمال والغايات.
وتزداد هذه الأهمية عندما تتعلق الغايات السامية والأهداف الكبري بدعوة عالمية معجزة تتمثل في أسمي الرسالات ، وهي " رسالة الإسلام" التي أيقظت البشرية من رقادها، وأحيت في روادها الأمل بعد الموات، عبر توحيد المسارات،  وتجديد الرؤي والأطروحات، ومواكبة تكنولوجيا العصر، وما أصبح مفتوحا من سماوات وفضاءات.
ويكتسب الأمر أهمية بالغة عندما يرتكز علي جهود مؤسسات ضاربة بجذورها في عمق الدعوة، والسعي لهداية الخلائق عبر الطرائق والوسائل الدعوية المختلفة، والتي أصبحت محل تقدير وتوقير داخل القطر المصري وخارجه، ومسار إعجاب واقتناع لدي شريحة كبيرة من الجماهير.
وقد أثلج الصدر وبعث في النفس بواعث الأمل والطمأنينة الصورة المضيئة التي رأيناها رأي العين بين قادات المؤسسات الدعوية الرسمية، والتي تجسدت فيها روح المحبة، والتعاون، والتكاتف، وحسن التقدير، والتوقير،  ووحدة الصف، والاصطفاف خلف هدف واحد وغاية واضحة، والسعي لتحقيق المعادلة الصعبة في تبني رؤية دعوية ودينية مستنيرة تنهض بالخطاب الديني ليتشكل قوامه من معرفة دامغة، ورؤية ثاقبة، وحكمة وبصيرة بالغة، تكون مدعاة لمجابهة الشطط والغلو الفكري، و بناء وعي ديني قائم علي العلم والفهم والفكر الوسطي، وتوحيد الجهود، وتحقيق التآلف بين القلوب ، وتسخير كل الجهود الدعوية لتحقيق الأهداف القيمية والأخلاقية النبيلة التي حثت عليها الشرائع والأديان السماوية، وفي مقدمتها ديننا الحنيف.
ولعل هذه التوأمة واللحمة الدعوية تكون رأس حربة في خاصرة دعاة خطابات التشدد والكراهية ونبذ الآخر المختلف في الدين أو الفكر ، وضربة قاصمة لدعاة الهدم وتأجيج الخلافات والنزاعات التي تهدم الأوطان، وتشل الأركان.
ويبرز من بين ثنايا هذا المشهد المثير للتفكر، والملفت للنظر، والمثير للإعجاب؛ " الوعي بطبيعة المرحلة الراهنة" التي تتطلب تضافر الجهود، وتوحيد الرؤي الثاقبة،  ودعم التجارب الثرية، والاعتماد علي المهارة العلمية، والجدارة الإدارية التي ظهرت ملامحها في التقدير، والتوقير، والاحترام، وإنزال العلماء منازلهم، والسعي لتطوير الأداء الدعوي، وإطلاق رسالة قوية تؤكد علي أن الجميع في خندق واحد يلتزمون طريقا واحدا ضد غلاة التشدد والتطرف، وأن "التعاون المثمر والبناء" بين المؤسسات الدعوية والدينية هو السبيل الوحيد، والدواء الناجح لرسالة دعوية ودينية تجمع بين العلم والفهم ومعايشة العصر بأدواته وتقنياته،  والسير في ركاب واقع ديني ودعوي جديد يواجه أخطار الماضي والحاضر، ويواكب تطورات العصر في اصطفاف والتفاف بديع نحن في أمس الحاجة إليه في عالم يموج بالصراعات والأزمات، ويوجه فيه البعض سهامه نحو ديننا الحنيف وشريعتنا الغراء.
وقد أحسنت المؤسسات الدعوية صنعا عندما تلاقت المسارات، وتوطدت العلاقات، وتلاقحت الرؤي والأفكار، وتوحدت الجهود لتشكل جبهة واحدة تكون حجر عثرة في وجه المذاهب الفكرية الحاقدة، وموجات الإلحاد والتيارات التغريبية الفاسدة. والمخططات الهدامة الآكدة.
وتزداد أهمية هذا التلاقي والتعاون في ظل الهجمات الشرسة التي يتعرض لها ديننا الحنيف من معاول الهدم في الداخل والخارج، ومن أصحاب المصالح الخاصة والرؤي الضيقة، وأصحاب الأهواء وأرباب التعصب والتحزب الذين يبذلون جهودا مضنية لإطفاء جذوة الرسالة الدعوية الخالدة، وإلحاق التهم بمنتسبي هذا الدين الحنيف، و والتشكيك في ثوابته، والنيل من قدواته وقاماته، والافتئات علي السنة النبوية، وهذا مدعاة للمضي قدما في طريق التكامل بين هذه المؤسسات التي يقع علي كاهلها الذب عن هذه الدين، ومواجهة من يعاديه، أو يتجرأ علي رموزه وثوابته.

ورغم جهود المؤسسات الدينية والدعوية الواضحة في نشر خطاب دعوي وسطي مستنير يمزج بين ضوابط الشرع ومتطلبات العصر، وسعيها الحثيث لمد أواصر التعاون بين القطاعات والمؤسسات المختلفة إلا إن الأمر  في حاجة إلي مزيد تعاون واتفاق ، وبناء واقع دعوي جديد يرسم صورة ذهنية طيبة يبلغ مداها الآفاق. ويعضد التعاون المثمر والبناء، ويؤصل لمستقبل ملؤه الأمل والطموح في تذويب الفوارق المجتمعية، وتحقيق الأمن الفكري، والحفاظ علي الهوية، وإحياء البواعث في خطاب دعوي متكامل يعبر عن حقيقة رسالة الإسلام الخالدة، ويجسد روح التعاون والتكاتف والتعاضد بين حاملي لواء الدعوة أفرادا وجماعات، وينطلق إلي الآفاق الرحبة لتبلغ الدعوة عنان السماء، ويعم النور والخير سائر الأرجاء.

تم نسخ الرابط