منذ تولي فضيلة الشيخ الدكتور أسامة الأزهري حقيبة وزارة الأوقاف وأثلج صدورنا بمواقفه النبيلة التي اعتدنا عليها دائما وكأنه عهد جديد لوزارة الأوقاف عهد جديد للخطاب الديني والفكري والتوعوي والتنويري؛ فزيارته للشيخ منصور الرفاعي وكيل وزارة الأوقاف الأسبق في لفتة إنسانية وكأنه يرسل لهم رسالة طمأنينة رسالة فحواها اهتمامه بالدعاة ورجال الدين والأئمة ؛ انا عن الزيارة الثانية لمولانا فضيلة الشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر وثنائه على الزيارة وما حدث بها وكأنه يبعت رسائل لكل من تسول له نفسه النيل من مشيخة الأزهر ومحاولة زرع الوقيعة ؛ فبداية موفقة ومنصب صادف اهله وننتظر المزيد من وزارة الأوقاف في تجاه بناء فكر ووعي الإنسان ؛ فكم نحتاج اليوم لفهم احكام الله وفهم الدين بالشكل الصحيح والتوقف عن التفسير الخاطيء لأحكام الله ؛ فكم نحتاج اليوم لتجديد الخطاب الديني والفكري وخاصة في عصر التكنولوجيا واعتماد الجميع على وسائل التواصل الاجتماعي وكأن أصبحت مصدر الفتاوي والأحكام حتى صار لكل معصية فتوى !
فالكثير يُردد كلمة تجديد الخطاب الديني، أي تجديد لغة الخطاب باسم الدين، أي تجديد الطرق وليس الدين، أي أن نجدد في نقله وفي الوسائل الحديثة وفي الأجهزة الحديثة أى نجمع ما بين الأصالة والحداثة، فالإضافة تكون عن طريق وسائل النشر المعاصرة، فتلعب التكنولوجيا بوسائلها وأجهزتها الحديثة المتمثلة في جميع مواقع التواصل الاجتماعي الآن دورًا مهمًا في حياتنا، فالآن الجميع يجلس على مواقع التواصل الاجتماعي تقريبًا أغلب الوقت، ووسيلة تواصل الناس مع بعضهما البعض عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مما جعل لغة الخطاب يجب أن تواكب العصر الحديث، ليس فقط لغة الخطاب الديني بل الخطاب الاجتماعي والسياسي وغيرها، فالمعنى الحقيقي لتجديد الخطاب الديني هو إزالة كل ما تعلق به الدين، فالدين لا يُضاف عليه فإذا أضيف عليه اتُهم بالزيادة، ولا يُحذف منه فإذا حذفنا منه اتهمناه بالنقص، الدين حدود وليس قيودًا، فالقيود تقيد من حريتنا أما الحدود فتضمن سلامتنا، وأحكام الله تضمن لنا الراحة في الدنيا، وسبب شقاء وتعاسة البعض الفهم الخاطئ لأحكام الله؛ هكذا قيل عن تجديد الخطاب الديني.
كما أن الدعاة لهم دوراً هاماً في تشكيل وعي الإنسان وتبسيط فهم احكام الله وتوعية الناس وتذكرة الناس أن الدين تعامل وليس مجرد صلاة وصوم فقط ؛ فهناك عادات خاطئة انتشرت في الفترة الأخيرة وخاصة مع انتشار التكنولوجيا ؛ كعادة خيانة المجالس وقد حث على تجنبها الله سبحانه وتعالى وأيضاً النفاق الذي يسميه البعض ذكاءا اجتماعيا! وغيرها من الأفكار والعادات الخاطئة التي تسببت في أمراض نفسية لدى البعض ؛ وأيضاً وزارة الأوقاف لها دوراً هاماً في توعية الشباب تجاه ثقافة الارتباط وكيف يكون اختيار شريك الحياة حتى نحد من حالات الطلاق التي تزيد يوماً بعد يوم بسبب الاختيار الخاطيء ؛ وأيضاً توعية الآباء تجاه معاملتهم للأبناء! فبعض الآباء يجبرون الأبناء على حياة لا تناسبهم تحت مسمى بر الوالدين ويجب طاعتهم فيما يقولونه ! ونسوا أن بر الوالدين في المعاملة الطيبة التي حثنا عليها الله سبحانه وتعالى وليس الانصياع لاختيار حياة لا يريدها الأبناء مما يتسبب ذلك في ضياع الأبناء ويعيشوا حياة تعيسة ومن ثم يصبحوا مرضى نفسيين وينجبوا أيضاً أبناء معقدين !
فنحن نملك العديد من الدُعاة، ولكن هناك شرطًا يجب أن يتوافر في هؤلاء الدعاة، وهو أن يُطبق الداعي ما يدعو به على نفسه قبل الناس فيجب أن يشاهدوا الناس ما يدعو به عليه أولًا، وإلا فقد الشرط المهم والأساسي لنشر الدعوة، أيضًا الدراما تلعب دورًا مهمًا في إظهار عظمة الدين وحقيقته بأنه دين يُسر وليس دين عُسر، دين سلام وليس دين حرب، دين محبة وليس دين بغض وكره، دين تعاملات قبل أن يكون عبادات، كل تلك المعاني يجب أن تصل للجميع باختلاف الطرق والوسائل الحديثة، فأمس غير اليوم، وتجديد الخطاب الديني أي تجديد طريقة فهم الدين وليس الدين نفسه، وربط حل مشكلات المجتمع سواء على المستوى الفردي أم الجماعي بالدين، فمعظم أزماتنا بسبب عدم فهم الدين وفهم أحكام الله ولو فهمناها لانتهت جميع مشكلاتنا سواء على المستوى الفردي أو الجماعي.
فلو تمعنا في أحكام الدين لوجدنا أن بها حلولًا لجميع مشاكل الحياة، وليت الأمر توقف عند هذا الحد، بل بها حلول لمشكلات المجتمع وأيضًا المشكلات الدولية، وكل ما يتعلق بحقوق الإنسان وحرياته حسمها الله سبحانه وتعالى، كل ما في الأمر أن الله وضع حدودًا للحريات وليس قيودًا، حتى يستقيم حال الإنسان والمجتمع ولمصلحة الإنسان والمجتمع، فالله سبحانه وتعالى وضع حلًا لجميع المشكلات التي تؤرق أمن المجتمع كالقضايا المتعلقة بالمرأة والمواريث والطلاق والزواج ووضع قواعد كيفية التعامل مع الناس حتى يشعر الإنسان بالراحة النفسية التي يفتقدها البعض اليوم وتسببت في المزيد من المشكلات النفسية لأغلبية المجتمع والشعور باليأس ليس بسبب أحوال الدولة، بل بسبب عدم فهم أحكام الله، حتى المشكلات الدولية كالإرهاب أيضًا الله سبحانه وتعالى وضع حلولًا للتصدي للإرهاب، ولكن كل ما في الأمر هو كيفية وصول تلك القواعد وأحكام الله للناس بطريقة صحيحة، وهذا هو المعنى الحقيقي لتجديد الخطاب الديني الذي يجب أن يُشارك فيه الجميع بصفة عامة، وبصفة خاصة مؤسسات الدولة المعنية بذلك؛ المتمثلة في وزارة الأوقاف والأزهر الشريف ودار الإفتاء بمساعدة وزارة الثقافة والإعلام وغيرها من الوزارات.