ads
الأحد 22 ديسمبر 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

الشاهد أن دول العالم دون استثناء تسير بسرعة مذهلة نحو المجهول علي الصعيد السياسي والاقتصادي  والعسكري. 
إن وتيرة التوترات والصراعات الجديدة المتلاحقة والتي شملت كافة بقاع العالم من أقصاه الي أقصاه ، تمهد لعصر جديد من السياسة الدولية الشبيهة بالحرب الباردة .

 في الآونة الأخيرة تيقن الجميع أن الإدارة الأمريكية منذ أوائل تسعينات القرن العشرين وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي سعت إلي فرض الهيمنة الأمريكية علي المشهد السياسي والاقتصادي والعسكري بداية من جورج بوش الأب وحتي جو بايدن . 
 إدارة بايدن

غير أن إدارة بايدن أصبحت تدخلية بشكل متزايد و نتج عنها تورط الولايات المتحدة الامريكية في صراعات جديدة، فضلا عن تصعيد التوترات مع دول أخرى يشكل سببا واضحا بالنسبة للكثيرين في جميع أنحاء العالم ويعتبر إعلان عن عصر جديد من السياسة العالمية الشبيهة بالحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والمعسكر الغربي من ناحية وبين الاتحاد السوفيتي سابقا (روسيا ) حاليا ودول المعسكر الشرقي وفي القلب حلفائها ( الصين وكوريا الشمالية).

وفي ظل عدم رضا الشعب الأمريكي عن الديموقراطيين والجمهورييين علي السواء من جراء الفشل الذريع في إدارة كثير من الملفات الداخلية والتورط الخارجي في صراعات غير مجدية للداخل الأمريكي ...تخرج من الداخل الأمريكي بعض الأصوات الخافتة ترحب بعودة دونالد ترامب الي رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية خلفا لجو بايدن .

وهنا نقول في حال عودة دونالد ترامب :

● عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة قد تسبب فوضى في العالم، خاصة في ظل التوترات المتصاعدة.

● يمكن لسياسات ترامب تجاه الحلفاء، وخاصة داخل حلف شمال الأطلسي، أن تقوض ثقة الحلفاء في الولايات المتحدة وتؤثر على أمنهم.

● إذا تم التخلي عن الضمانة الأميركية لأمن حلف شمال الأطلسي، فسوف ينشأ خطر الانتشار النووي، حيث قد تقرر بعض الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي تطوير برامجها النووية الخاصة.

● العودة إلى السياسات الانعزالية قد تؤدي إلى فقدان النفوذ الأميركي في العالم وخلق تهديدات أمنية لأمريكا نفسها.

هذا من ناحية الوضع داخل الولايات المتحدة الأمريكية . ومن ناحية أخري فان أصداء الحرب الروسية - الأوكرانية مازالت تلقي بظلالها علي استقرار أوروبا . ومازال حلف الناتو الداعم لأوكرانيا يقدم الدعم العسكري لأوكرانيا في مواجهة الدب الروسي الذي ما زال مصرا علي الاحتفاظ بحقوقه داخل اوكرانيا وفي إقليم القرم .

لذا ستظل هذه المنطقة ملتهبة وساخنة ، ومسرح العمليات العسكرية مفتوح علي مصراعيه

وفي منطقة الشرق الأوسط ، وهي المنطقة الأكثر سخونة في العالم تتجاذبها صراعات وتحالفات عسكرية وسياسية بين إيران وحلفاءها في جنوب لبنان وفي غزة من جانب في مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وفرنسا كدول داعمة للعدو الاسرائيلي. 

وقد زادت حدة التوترات بين الطرفين بعد اغتيال رئيس حركة حماس الراحل إسماعيل هنية داخل إيران من قبل الإدارة الأمريكية دعما لاسرائيل .. وفي ظل انتظار الرد الايراني علي هذا العمل الذي يمثل انتهاكا لسيادة إيران،  يتم إعلان اختيار يحيي السنوار بطل حرب ٧ أكتوبر ( طوفان الاقصي ) رئيسا لحركة حماس خلفا لهنية، قيادة جديدة لحماس يغلب عليها استخدام السلاح بالمقام الاول ..

والجدير بالذكر أنه قد أُطلق سراح السنوار وهو سجين سابق في إسرائيل لارتكابه جرائم قتل متعددة كجزء من صفقة تبادل أسرى في عام ٢٠١١ ومن ثم ذلك صعد بسرعة عبر صفوف حماس ليصبح في نهاية المطاف رئيسا لحركة حماس  فهو ليس بسياسي وخطابه ليس ببعيد من خطاب كل من خالد مشعل وإسماعيل هنية .

اختيار يضع إمكانية وقف إطلاق النار بين الطرفين في غزة مسألة أقرب إلى المستحيل . 

الأمر الذي  يدجج الصراع ويزيد وتيرة الحرب علي قطاع غزة ويمهد لحرب إقليمية تدخل فيها إيران الحرب من خلال حلفاءها ( حرب بالوكالة ) من خلال حزب الله في جنوب لبنان ومن خلال عبد الله الحوثي ورفاقه في اليمن . 

الأمر الذي يهدد أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط خاصة بعد تدفق البارجات البحرية وقطع من الأسطول الأمريكي ومن حلف الناتو في كل من البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر .

إن الخطاب العدائي والتحريض الإيراني ضد إسرائيل لا يخدمان إلا في تصعيد التوترات وزيادة خطر الصراع في منطقة الشرق الأوسط . 

فالحكومة الإيرانية تشيطن إسرائيل بشكل روتيني في تصريحاتها العامة وتدعو إلى تدميرها ونشر الدعاية المعادية للسامية ويخلق هذا الخطاب بيئة سامة ويغذي الكراهية أمام الرأي العام رغم عدم أخذ إيران الأمور بشكل  جدي و مازالت إسرائيل تاخذ الأمور بشكل جدي وتستبق الحدث في القاء الصواريخ من قبلهم  وتنجح في اغتيال رجال الحرس الثوري الإيراني وفي اغتيال حلفاء إيران . 

ويستدل علي عدم جدية الحكومة الإيرانية عدم وجود رد علي عملية اغتيال اسماعيل هنية داخل إيران .

وسط مخاوف البعض من الحروب العسكرية المرتقبة .

يجب ألا نغفل أن هناك حرب اقتصادية انطلقت من الداخل الأمريكي وأدت الي تباطؤ معدل نمو الاقتصاد الأمريكي ، وعصفت بكبريات البورصات الأمريكية ، بورصة وول ستريت وكبدت امريكا خسائر قيمتها ٨٧٠ مليار دولار . 

وانتقلت هذه الأزمة المالية العالمية الي بورصات اليابان التي خسرت نحو ٦٠٠ مليار دولار . وامتدت تداعيات الأزمة المالية العالمية الي دول الخليج العربي وحتي مصر.

عالم تتجاذبه توترات وصراعات سياسية وجيو سياسية من ناحية ، وأزمة مالية عالمية من ناحية . من البديهي أن يسير هذا العالم نحو المجهول .

——————————————

أ . د / محمد حجازي 

استاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة سلمان . 

تم نسخ الرابط