الخميس 07 نوفمبر 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

خطيب الجامع الأزهر : احذروا المتاجرة بالتعليم

خلف الحدث

ألقي خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر فضيلة الدكتور محمود الهواري، الأمين المساعد للدعوة والإعلام الديني بمجمع البحوث الإسلامية، ودار موضوعها حول "دروس من الشهادة الثانوية"

 

العلم هو الميدان الحقيقي للتنافس بين المجتمعات

 

قال الدكتور محمود الهواري، إن الشهادة الثانوية تمثل محطة فارقة في حياة الطلاب وأسرهم ومجتمعاتهم، ولا شك أن العلم هو ساحة التنافس الحقيقية بين الأمم، ولا تاريخ لأمة تقدمت إلا بتاريخ تقدمها العلمي، كما أن ديننا الحنيف قد حث على طلب العلم في آياته وأحاديثه، مؤكدًا أن العلم ضرورة، دعا إليها الإسلام، فكانت أول كلمة نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم هي "اقرأ"، وهي دعوة صريحة إلى طلب العلم والمعرفة، ونزول الأمر بـ«اقرأ» في ظلمة الغار إشارة إلى أن العلم يبدد ظلمات الجهل والعادات والتخلف والسلبية والانهزامية.

 

لابد من إعادة النظر في مفاهيم النجاح

 

وبين الدكتور محمود الهواري، الأمين المساعد للدعوة والإعلام الديني بمجمع البحوث الإسلامية خلال خطبة الجمعة بالجامع الأزهر، أن القرآن أشار إلى أن الاهتمام بالعلم مقرون باللحظة الأولى لتاريخ الإنسانية، عندما خلق الله جلا وعلا آدم عليه السلام، واختاره ليكون خليفته في الأرض، بما ميزه به سبحانه وتعالى بالعلم والمعرفة، فكان بهذه المنحة وهي منحة العلم، أهلا لخلافة الله في الأرض.

وأكد الأمين المساعد لمجمع البحوث الإسلامية، أن العلم والإيمان وجهان لعملة واحدة، فالعلم يقوي الإيمان، والإيمان يوجه العلم، وأن الإيمان الحقيقي يترسخ باليقين بالقضاء والقدر، فكل ما يحدث لنا بحكمة الله، مشيرًا إلى أن أساس السعادة والطمأنينة هو الرضا بما قسم الله، داعيا كل من لم يوفق في تحصيل الدرجات التي يرجوها ألا يقنط وأن يواصل السعي الدؤوب لتحصيل العلم، وأن كل إنسان فيه جانب من جوانب التميز عليه أن يكتشفه ويستثمره بما ينفعه وينفع دينه ومجتمعه، مؤكدا أن الأجدر بأصحاب الدرجات الكبيرة أن يعلموا أن ما أتيح لهم هو من فضل الله ومنته، وأن يتجنبوا الكبر، متذكرين عاقبة قارون الذي لقي جزاء غروره.

وحذر خطيب الجامع الأزهر، من الانحراف في معايير النجاح السائدة في مجتمعاتنا، حيث يربط الكثيرون النجاح بالحصول على درجات عالية للالتحاق بكليات معينة، وهذا التصور الضيق للنجاح يتعارض مع الشرع الحنيف، الذي يدعو إلى التفوق في كل المجالات، وهذا ما تؤكده الحقائق العلمية الحديثة، مطالبا بإعادة النظر في مفاهيمنا حول النجاح، والابتعاد عن التركيز على جانب واحد فقط من قدرات الإنسان، فالنجاح الحقيقي يكمن في اكتشاف كل فرد لمواهبه الفريدة واستثمارها بأفضل شكل ممكن لخدمة نفسه ومجتمعه، مصرحا "إن معيار النجاح الحقيقي يتجاوز الإنجازات المادية والمكانة الاجتماعية، فكل فرد يمكن أن يحقق النجاح في حياته من خلال الالتزام بالقيم، والعمل بجد وإخلاص، والسعي لتحقيق الأفضل لنفسه ولمجتمعه، فالمعلم الذي يلهم طلابه، والطبيب الذي يشفي المرضى، والمهندس الذي يبني المستقبل، جميعهم أناس ناجحون، لأنهم يساهمون في بناء مجتمع أفضل".

وأشار الهواري، إلى أن التعليم الحقيقي لا يقتصر على نقل المعلومات، بل يتعداه إلى تنمية القدرات والإمكانات، وتشكيل الشخصية وبناء الإنسان، وغرس القيم والأخلاق، واكتفاء المؤسسات التربوية بنقل المعلومات من بطون الكتب إلى عقول الطلاب دون أثر في العقل والفكر والمشاعر والسلوك؛ يحول طلابنا إلى مجرد حواسيب بشرية، ويعد إهدار لوظيفة المؤسسة التربوية، لأن نهضة الأمم وتقدمها تبنى على الفهم والفكر.

تم نسخ الرابط