الإفتاء توضح الرأى الديني فى واقعة فتاة النقاب
أثارت صورًا نشرت لفتاة غضب رواد مواقع التواصل الاجتماعي حيث ظهرت فيها معرضة للعنف البدني من قبل والدها وشقيقها بسبب رغبتها في خلع النقاب وبعد هذا يتساءل الجمهور عن حكم الشرع تجاه هذا النوع من العنف.
نظير عياد يوضح حكم الشرع تجاه العنف ضد المرأة
فقد كشف نظير عياد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم،عن موقف الإسلام من العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي ودور الشريعة الإسلامية في معالجة هذه القضايا،ويأتي هذا عند إلتقائه اليوم وفدًا رفيع المستوى من القيادات الدينية من ولاية كانو بنيجيريا.
وأوضح المفتي أن قضية العنف ضد المرأة تُعد من القضايا البارزة والتي تتطلب فهمًا دقيقًا لتعاليم الإسلام التي تدعو إلى والعدالة والمساواة والكرامة الإنسانية ، مشيرًا إلى أن العنف هو من القضايا العالمية الهامة التي تأثرت بشكل خاص بفهم غير صحيح لنصوص الدين. وأوضح أن الشريعة الإسلامية تستند إلى القرآن الكريم والسنة النبوية، وهما يضمنان حماية حقوق الإنسان والعدالة. وأضاف أن الشريعة جاءت لتكريم الإنسان وضمان حقوقه، مع التركيز على الأسرة وتعزيز احترام الحقوق والواجبات بين الزوجين.
وأشار المفتي أن الإسلام يحارب جميع أشكال العنف ضد المرأة، وأن الفهم الصحيح للقوامة يجب أن يركز على الرعاية والحماية وليس السيطرة أو العنف. كما نوه إلى أهمية استقلالية الذمة المالية للمرأة وحفظ حقوقها بالكامل.
كما شدد على أن الأزهر الشريف ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف تتبنى منهجًا وسطيًا يعتمد على الفهم الصحيح للنصوص الدينية ومراعاة فقه الواقع، مما يتيح استمرار الاجتهاد وتقديم الفتاوى بناءً على دراسة شاملة لظروف السائل البيئية والاجتماعية.
موقف الإسلام في التشدد في الدين
كما أضافت دار الإفتاء المصرية عبر موقعها الإلكتروني في وقت سابق أن الشريعة الإسلامية جاءت بالرفق والرحمة والهداية إلى الصراط المستقيم، وكان من أهم مقاصدها رفع المشقة والحرج عن الناس؛ قال الحق تبارك وتعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107]، وقال جلَّ شأنه: ﴿مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [المائدة: 6]، ولذلك فإنَّ التشدد في الدين أمر مذموم؛ لأنه يتعارض مع مقاصد الشريعة السمحاء ومع ما ورد من نصوص صريحة تدل على أنَّ مدار التكليف هوالتخفيف والتيسير والمقاربة قدر استطاعة المُكلَّف.
كما ماورد في صحيح البخاري مارواه أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ».
والتشدّد في غير موضع التشديد يُعَدُّ من التنطع المذموم شرعًا، فما جعل الله فيه سعة ومجالًا لاختلاف العلماء وتعدّد اجتهاداتهم لا يكون موضعًا للتشديد والإنكار، ولهذا تقرّر في قواعد الفقه أنه: "لا ينكر المختلف فيه، وإنما ينكر المجمع عليه". فيُنْظر: "الأشباه والنظائر" للإمام السيوطي (ص: 158، ط. دار الكتب العلمية).
وحيث يقول الشيخ ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى" (2/ 92، ط. دار الكتب العلمية): [وفي "صحيح مسلم" عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «هَلَكَ المُتَنَطِّعُونَ» قالها ثلاثًا، أي: المشددون في غير موضع التشديد] اهـ.
وأيضًا ورد أبو داود في "سننه" عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: «لَا تُشَدِّدُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَيُشَدَّدَ عَلَيْكُمْ، فَإِنَّ قَوْمًا شَدَّدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَشَدَّدَ اللهُ عَلَيْهِمْ، فَتِلْكَ بَقَايَاهُمْ فِي الصَّوَامِعِ وَالدِّيَارِ وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ».
فهذا نهي عن التشدد في الدين؛ نظرًا لأنه يستتبع شدة التكليف وشدة العقوبة؛ فالله سبحانه وتعالى جعل الدين سمحًا سهلًا، وأن مَن يخالف مقاصد الدين ويضاد الفطرة ويُشدِّد على نفسه، فإنه من المؤكد سيُقصّر فيما أوجبه على نفسه من الشدة التي اعتبرها من الدين، فيظل بعد ذلك يرى نفسه بعيدًا عن الدين مخالفًا له وتقل عزيمته وتضعف همته، ولا يدري أنَّ تشدّده كان هو مدخل الشيطان إليه؛ قال تعالى: ﴿وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا﴾ [الحديد: 27]، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ».