الأربعاء 30 أكتوبر 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

**فى‭ ‬أعماق‭ ‬المصريين‭.. ‬وشائج‭ ‬حب‭ ‬وروابط‭ ‬عميقة‭ ‬تربطهم‭ ‬بأولياء‭ ‬الله‭ ‬الصالحين‭.. ‬ويتبركون‭ ‬بزيارة‭ ‬اضرعتهم‭.. ‬والصلاة‭ ‬فى‭ ‬رحاب‭ ‬مساجدهم‭.. ‬يحرصون‭ ‬على‭ ‬زيارتهم‭.. ‬فى‭ ‬ذكرى‭ ‬ميلادهم‭.. ‬أو‭ ‬المواسم‭ ‬الدينية‭ ‬وأيام‭ ‬السنة‭ ‬المباركة‭.. ‬ظاهرة‭ ‬فريدة‭ ‬لا‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬المقربين‭ ‬من‭ ‬المكان‭.. ‬بل‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬فى‭ ‬أرض‭ ‬المحروسة‭.. ‬طالبين‭ ‬البركة‭.. ‬والدعاء‭ ‬لله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬لتحقيق‭ ‬الرجاء‭ ‬والآمال‭.‬
**إنه‭ ‬تراث‭ ‬محمود‭ ‬تتواصله‭ ‬الأجيال‭.. ‬كان‭ ‬أبى‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭.. ‬حريصاً‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يأخذنى‭ ‬ليلة‭ ‬الامتحان‭ ‬لزيارة‭ ‬المساجد‭ ‬التى‭ ‬تضم‭ ‬أهل‭ ‬البيت‭ ‬الكرام‭.. ‬وبعد‭ ‬الصلاة‭ ‬يصحبنى‭ ‬فى‭ ‬طواف‭ ‬ملىء‭ ‬بالتهجد‭ ‬والدعاء‭.. ‬بالتوفيق‭ ‬والنجاح‭.. ‬وقد‭ ‬أضاف‭ ‬لهذه‭ ‬الذاكرة‭ ‬منذ‭ ‬عدة‭ ‬عقود‭ ‬العالم‭ ‬الاجتماعى‭ ‬المعروف‭ ‬سيد‭ ‬عويس‭ ‬إلى‭ ‬أركان‭ ‬العلاقة‭.. ‬بحثاً‭ ‬مهماً‭ ‬تناول‭ ‬فيه‭ ‬بالدراسة‭ ‬والتحليل‭ ‬رسائل‭ ‬من‭ ‬إناس‭ ‬مختلفين‭ ‬فى‭ ‬السن‭ ‬والوظيفة‭ ‬والمكانة‭ ‬والدخل‭ ‬إلخ‭.. ‬اتفقوا‭ ‬على‭ ‬الكتابة‭ ‬للإمام‭ ‬الشافعى‭ ‬عن‭ ‬مشكلات‭ ‬مستعصية‭.. ‬وأزمات‭.. ‬وآمال‭ ‬ورجاءات‭ ‬ينتظرونها‭ ‬بفارغ‭ ‬الصبر‭.. ‬لتغيير‭ ‬مساراتهم‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬خير‭ ‬وتجاوز‭ ‬العقبات‭.‬
**ولست‭ ‬أعرف‭ ‬ماذا‭ ‬فى‭ ‬صندوق‭ ‬بريد‭ ‬الإمام‭.. ‬ولكنى‭ ‬أشعر‭ ‬بخيط‭ ‬رفيع‭ ‬يربطها‭ ‬بأحد‭ ‬طبائع‭ ‬المصريين‭ ‬منذ‭ ‬القدم‭.. ‬يشاركهم‭ ‬فيه‭ ‬معظم‭ ‬شعوب‭ ‬الأرض‭.. ‬يتمثل‭ ‬فى‭ ‬شوق‭ ‬كامن‭ ‬لاستطلاع‭ ‬ما‭ ‬يحمله‭ ‬الغد‭.. ‬وربما‭ ‬المستقبل‭ ‬من‭ ‬مؤشرات‭ ‬تساعدهم‭ ‬على‭ ‬رسم‭ ‬صورة‭ ‬مبدئية‭.. ‬تدعم‭ ‬الاستعداد‭ ‬للمواجهة‭ ‬وتذلل‭ ‬من‭ ‬عنصر‭ ‬المفاجأة‭.. ‬حفاظاً‭ ‬على‭ ‬قدرة‭ ‬العقل‭ ‬التصرف‭ ‬الصحيح‭.. ‬واستفتاء‭ ‬القلب‭ ‬بالصواب‭ ‬المريح‭.‬
اتخذ‭ ‬هذا‭ ‬السلوك‭ ‬الاجتماعى‭ ‬مسارات‭ ‬متعددة‭.. ‬ناتج‭ ‬تواجدها‭ ‬بمسح‭ ‬التراث‭ ‬الثقافى‭ ‬والإبداع‭ ‬الأدبى‭ ‬والدرامى‭ ‬خصوصاً‭.. ‬الذى‭ ‬التقطتها‭ ‬بعيون‭ ‬نافذة‭ ‬من‭ ‬مسرح‭ ‬الحياة‭.. ‬تبدأ‭ ‬بالأسهل‭ ‬وربما‭ ‬الأشهر‭.. ‬وتعنى‭ ‬بها‭ ‬قراءة‭ ‬الكف‭.. ‬وخطوط‭ ‬أبعد‭.. ‬هذا‭ ‬للعمر‭.. ‬وذاك‭ ‬للعمل‭ ‬وثالث‭ ‬للزواج‭.. ‬والأولاد‭.. ‬إلخ‭.. ‬ولترويج‭ ‬بضاعتهم‭ ‬نسبوها‭ ‬إلى‭ ‬الفلك‭ ‬ومسار‭ ‬للنجوم‭ ‬والكواكب‭.. ‬ومزجوها‭ ‬بتقسيم‭ ‬الإنسان‭ ‬إلى‭ ‬معادن‭.. ‬من‭ ‬حديد‭.. ‬ونحاس‭.. ‬وذهب‭.. ‬إلخ‭.. ‬وانتشر‭ ‬أيضاً‭ ‬تظاهرة‭ ‬بين‭ ‬الهواة‭.‬
**أما‭ ‬الثانية‭ ‬فهى‭ ‬قراءة‭ ‬الفنجان‭ ‬التى‭ ‬ركزت‭ ‬عليها‭ ‬الدراما‭ ‬فى‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأفلام‭.. ‬لقاء‭ ‬لجمع‭ ‬من‭ ‬السيدات‭ ‬على‭ ‬فنجان‭ ‬قهوة‭.. ‬ثم‭ ‬تأتى‭ ‬الهاوية‭ ‬أو‭ ‬المحترفة‭.. ‬لتقرأ‭ ‬ما‭ ‬فيه‭ ‬بعد‭ ‬الاحتساء‭.. ‬أشكال‭ ‬متعددة‭ ‬من‭ ‬بقايا‭ ‬البن‭.. ‬قد‭ ‬تشكل‭ ‬رحلة‭.. ‬أو‭ ‬ملامح‭ ‬لعريس‭ ‬منتظر‭.. ‬أو‭ ‬فترة‭ ‬تحمل‭ ‬نوايا‭ ‬شريرة‭.. ‬إلخ‭.. ‬وغالباً‭ ‬ما‭ ‬تؤدى‭ ‬هذه‭ ‬الرحلة‭ ‬إلى‭ ‬الذهاب‭ ‬إلى‭ ‬أحد‭ ‬الدجالين‭ ‬لعمل‭ ‬حجاب‭ ‬بالوقاية‭.. ‬أو‭ ‬عمل‭ ‬يقلب‭ ‬السحر‭ ‬على‭ ‬الساحر‭.. ‬ويكون‭ ‬سر‭ ‬المهنة‭ ‬غائبا‭ ‬عن‭ ‬قارئة‭ ‬الفنجان‭.. ‬على‭ ‬علم‭ ‬مقدماً‭ ‬بأحوال‭ ‬صاحبته‭.. ‬والنتيجة‭ ‬رواية‭ ‬محبوكة‭.. ‬وعواقب‭ ‬غير‭ ‬محمودة‭.‬
**وإذا‭ ‬كانت‭ ‬قراءة‭ ‬الطالع‭ ‬فى‭ ‬الكف‭ ‬وكشف‭ ‬الأسرار‭ ‬فى‭ ‬قاع‭ ‬الفنجان‭.. ‬قد‭ ‬تطور‭ ‬كثيراً‭.. ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬البعض‭ ‬الذين‭ ‬انتقلوا‭ ‬بالمهنة‭ ‬إلى‭ ‬الفنادق‭ ‬وشواطئ‭ ‬القرى‭ ‬السياحية‭ ‬والمنتجعات‭.. ‬فإن‭ ‬السينما‭ ‬المصرية‭ ‬قد‭ ‬أضافت‭ ‬لذلك‭.. ‬ظاهرة‭ ‬العراف‭ ‬القادم‭ ‬من‭ ‬الخارج‭ ‬‮«‬الهندى‭ ‬مثلا‭ ‬فى‭ ‬سى‭ ‬عمر‮»‬‭ ‬فقد‭ ‬وجد‭ ‬هواة‭ ‬التنويم‭ ‬المغناطيسى‭ ‬ميدانهم‭ ‬فى‭ ‬الموالد‭ ‬والمهرجانات‭ ‬والكازينوهات‭.. ‬والسيرك‭.. ‬بأداء‭ ‬مشترك‭ ‬فى‭ ‬البروفسور‭ ‬ومعاونته‭ ‬الفتاة‭ ‬الجميلة‭ ‬التى‭ ‬تنام‭ ‬بالإيحاء‭.. ‬وتكشف‭ ‬أسرار‭ ‬المتقربين‭.‬
**وعلينا‭ ‬ألا‭ ‬ننسى‭ ‬قارئة‭ ‬الودع‭.. ‬التى‭ ‬ركزت‭ ‬عليها‭ ‬الدراما‭.. ‬اختارت‭ ‬لها‭ ‬شخصية‭ ‬الغجرية‭.. ‬التى‭ ‬تدور‭ ‬الأسواق‭ ‬والشواطئ‭ ‬والبلدات‭.. ‬والمقاهى‭.. ‬تنادى‭ ‬‮«‬أوشوش‭ ‬الدكر‭.. ‬الدكر‭ ‬أشوف‮»‬‭.. ‬ومع‭ ‬نظرة‭ ‬إعجاب‭ ‬يسقط‭ ‬الضحية‭.. ‬رامياً‭ ‬بياضه‭.. ‬وقد‭ ‬تنشأ‭ ‬قصة‭ ‬حب‭ ‬مجهولة‭ ‬المسار‭.. ‬وبين‭ ‬هؤلاء‭ ‬جميعاً‭.. ‬حظيت‭ ‬قارئة‭ ‬الفنجان‭ ‬للشاعر‭ ‬الكبير‭ ‬نزار‭ ‬قبانى‭.. ‬بمقام‭ ‬رفيع‭.. ‬بصوت‭ ‬العندليب‭ ‬ومازال‭ ‬الإنسان‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬الأمل‭ ‬والتفاؤل‭.. ‬ويرجو‭ ‬حلول‭ ‬مناسبة‭ ‬وأيام‭ ‬متفاوتة‭.. ‬ويدرك‭ ‬فى‭ ‬قلبه‭ ‬وعقله‭.. ‬كذب‭ ‬المنجمون‭ ‬ولو‭ ‬صدقوا‭.. ‬ذلك‭ ‬قول‭ ‬الصدق‭ ‬وطريق‭ ‬النجاة‭.‬

تم نسخ الرابط