كم أنت مسكين أيها اللقب فقد تفرق دمك بين الطوائف، كل يدعي انه صاحبك وتخصه وحده ولا تعلق إلا به وبشيوخه.
لا أعرف متى خرج هذا اللقب المُحدث الذي لم يكن معروفا في العهود السابقة، ولم يرد في علم الرواية والدراية، ولكنه لفظ بدعه مستحدث خرج به علينا أتباع التيار السلفي، وتلقفته منهم كل التيارات تنسبه للعالم الذي يخصها.
حدثني منذ أيام شاب حديث عهد بالتيارات والجماعات، واستنكر حالي حينما رآني أُنزل الردى على زعيم المداخلة في مصر الشيخ محمد سعيد رسلان، لقد فزع الشاب من هذا النكران على الشيخ ويبدو ان هذا الفزع ناتج من تأثير بعض المداخلة من أصدقاء هذا الشاب، او انه تاثير إعلام متعصب ينتمي لهذه الجماعات.. لكنه قال فيما قاله لي من رده علي: لو أنك سألت أي أحد من هو أسد السنة، لقال لك: هو الشيخ محمد سعيد رسلان.
قلت له: يا اخي الصغير إن هذا اللفظ واللقب تغنت به كل الجماعات والتيارات، وكلهم سرقه من بعضه، واقتبسه من غيره، وادعاه لعالمه.
الصوفية مثلا يرون أسد السنة الدكتور احمد عمر هاشم او الشيخ محمد عبد الباعث، والسلفيين يرون اسد السنة أبو إسحاق الحويني، والمداخلة الفجرة، يرون اسد السنة الرسلان، والازاهرة والاشاعرة خرجوا اليوم ليؤكدوا أن أسد السنة هو الدكتور أحمد معبد.
المهم أن كل طائفة ترى اليوم انه من ضروريات وجودها ان تجهز هذا اللقب وتُفصله على نابغة من نوابغهم، وشيخًا من شيوخهم.
وسامحهم الله السلفيين، فهم اول من -افتكس- واخترع تلك العبارات التي لم يعرفها المحيط الاسلامي من قبل، وإليهم أيضا ينسب هذا اللقب الذي شاع فترة قبل أن يشيع لقب اسد السنة، وهو لقب (اعلم أهل الأرض) الذي نعتوا به كثيرا من شيوخهم، والحق انها ألقاب سخيفة وممجوجة وتفاخر فارغ، وإعطاء بعض النفوس مالا تستحقه من الكبرياء والفخر الزائف.
وانا أتعجب واقول: لكل هؤلاء مع تقديرنا لهم، هل تحتاج السنة لأسد؟
وإذا احتاجت لأسد فما هو الميدان الذي تحتاجه فيه؟
هل هو ميدان الكلام والتنظير والتنقيب عن الروايات والأسانيد؟
ألا إن الأسد الحقيقي هو الذي أحيا ما اندرس في فرائض الاسلام، فهو اسد السنة والقرآن وأسد الإسلام، وما اكثر هؤلاء الأسود في فلسطين.
تخيل اليوم أن تأتي بمجاهد فلسطيني، وتضعه بجوار رسلان، أي منهما يكون الأسد الهصور، ومن منهما يكون الفأر المذعور.؟