"الأعلى للثقافة" يناقش العنف ضد المرأة
تحت رعاية وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو، والأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة الدكتور أسامة طلعت؛ نظمت لجنة لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثربولوجيا بحضور مقررها الدكتور مصطفى النشار، محاضرة بعنوان "ثقافة العنف ضد المرأة"
أدار النقاش الدكتور أحمد مجدى حجازى؛ أستاذ علم الاجتماع السياسى والثقافى وعميد كلية الآداب بجامعة القاهرة سابقًا، وعضو اللجنة، وشهدت الندوة مشاركة كل من: الدكتورة نسرين البغدادى؛ أستاذة علم الاجتماع وعضوة المجلس القومى للمرأة وعضوة اللجنة، والدكتورة أريج البدراوى زهران، رئيسة وحدة الدراسات الاجتماعية والأنثربولوجيا فى المعهد العالمى للتجديد العربى، والدكتورة أمل عبد الفتاح شمس؛ أستاذة علم اجتماع التنمية بكلية التربية جامعة عين شمس وعضوة اللجنة، والدكتورة جيهان حسن، مديرة الإدارة العامة لثقافة الطفل بالهيئة العامة لقصور الثقافة، والدكتورة سهير عبد السلام؛ أستاذة الفلسفة السياسية ووكيلة لجنة الثقافة والإعلام بمجلس الشيوخ وعضوة اللجنة.
أوضحت الدكتورة نسرين البغدادي أن الدراسة التى أجرتها تهدف إلى فهم تجربة المرأة مع العنف بشكل أعمق، وقد تم ذلك من خلال مسارين رئيسيين: الأول، استطلاع آراء عينة واسعة من المجتمع، بما فى ذلك الرجال والنساء، حول ظاهرة العنف ضد المرأة، أما المسار الثانى، فقد ركز على تجارب النساء بشكل مباشر، من خلال استقصاء خبراتهن الشخصية مع العنف، وقد أظهرت نتائج الدراسة أن هناك حاجة ملحة لمزيد من الجهود لمكافحة العنف ضد المرأة، خاصة وأن حملات التوعية مثل حملة: "لأننى رجل" قد حققت نجاحًا كبيرًا فى الوصول إلى شريحة واسعة من المجتمع، وفى مختتم حديثها أوضحت أنه تم تعديل قانون العقوبات ليشمل تجريم التحرش الجنسى وهى فى حقيقة الأمر تُعد خطوة مهمة فى حماية النساء والفتيات، وأكدت الدكتورة نسرين البغدادى أن مبادرات مثل حملة "متخليش محطتك توقفك" مثلت نموذجًا فعالًا فيما يخص مواجهة آفة التحرش الجنسى.
ثم تحدثت الدكتورة سهير عبد السلام موضحة أن الإحصائيات العالمية تشير إلى مقتل امرأة كل عشر دقائق، وهو ما يعكس عمق المشكلة التى تتعدى العنف الجسدى لتشمل التحرش والزواج القسرى وغير ذلك من الانتهاكات الجسيمة فى حق المرأة، وتابعت مؤكدة أن هذا الواقع المرير يتطلب منا جميعًا الوقوف ضده؛ فالمرأة ليست مجرد رقم فى إحصائية، بل هى نصف المجتمع، ورغم أن التنوع الثقافى يفرض اختلافات فى العادات والتقاليد، إلا أن احترام المرأة حق أساسى لا يمكن التفريط فيه، ولا يقتصر العنف على النساء البالغات، بل يشمل الأطفال منهن أيضًا، ويتمثل ذلك فى عمالة الأطفال والزواج المبكر، وما يُعقد المشكلة هو مساهمة وسائل التواصل الاجتماعى فى انتشار خطاب الكراهية والتحريض على العنف ضد المرأة، مما يستدعى تضافر الجهود لمواجهة هذا الخطر؛ حيث أن ترسيخ ثقافة العنف الأسرى عبر الأجيال يمثل تحدٍ كبير، يتطلب تغييرًا جذريًا فى القيم والمفاهيم؛ فالمرأة هى شريكة فى بناء المجتمع، ولا يمكن تحقيق التنمية المستدامة دون تمكينها، وعلى الرغم من الجهود المبذولة على المستوى الدولى والمحلى لمكافحة العنف ضد المرأة، إلا أن هناك تحديات أخرى تواجه المرأة المصرية، مثل البطالة بين الرجال ومسألة الخيانة الزوجية، والتى تتطلب تطبيق أقصى العقوبات وتوجيه ذات النظرة المجتمعية بصورة عادلة سواء كان مرتكب الخيانة إمرأة أو رجل.
فيما أشارت الدكتورة أريج البدراوى إلى أن فهم مستقبل تمكين المرأة المصرية يتطلب أولًا فهمًا عميقًا لثقافة العنف المنتشرة فى المجتمع، فوفقًا للدراسات الاجتماعية، يشمل العنف أى سلوك يهدف إلى إيذاء الآخر جسديًا أو نفسيًا أو جنسيًا أو اقتصاديًا، وتتكون ثقافة العنف من مجموعة من المعتقدات والقيم التي تبرر وتشجع على استخدام العنف كوسيلة لحل المشكلات، هذه الثقافة تتجذر فى بنية المجتمع وتنتقل عبر الأجيال، مما يجعلها صعبة التغيير؛ فمن ناحية هناك موافقة اجتماعية على استخدام العنف فى بعض الحالات، مما يوفر بيئة داعمة له، ومن ناحية أخرى، وهناك ثقافة فرعية للعنف تتجذر فى قيم الهيمنة والسيطرة، وتشكل جزءًا من الهوية الثقافية لبعض الفئات، هذه الثقافة المعقدة تساهم بشكل كبير في استمرار العنف ضد المرأة، وتحد من فرصها في تحقيق المساواة والتمكين.
بينما حذرت الدكتورة أمل عبد الفتاح من خطورة العنف ضد المرأة المتأصل فى الموروثات الثقافية؛ حيث تؤثر الموروثات الثقافية بشكل كبير على نظرة المجتمع للمرأة ودورها، مما يؤدى فى كثير من الأحيان إلى تبرير العنف ضدها. فبعض التقاليد والعادات المتوارثة ترسخ مفاهيم تفوق الذكر وتابعية المرأة، مما يمنح الرجال الحق فى التحكم فى حياة النساء واتخاذ القرارات نيابة عنهن. هذه المفاهيم الخاطئة تنتقل عبر الأجيال وتؤثر على سلوك الأفراد، مما يجعل من الصعب تغيير هذه الأنماط السلوكية المتأصلة فى المجتمع.
ختامًا أشارت الدكتورة جيهان حسن إلى أن ثقافة العنف ضد المرأة، المتأصلة فى الموروثات الشعبية المصرية، لا تزال تمثل عائقًا كبيرًا أمام تحقيق المساواة بين الجنسين؛ فالأمثال الشعبية والحكايات المتوارثة، والتى تحمل في طياتها صورًا نمطية سلبية للمرأة، تساهم فى ترسيخ هذه الثقافة؛ فبعض الأمثال تصور المرأة على أنها كائن ضعيف، أو مقتصرة على دور محدد في المجتمع، بينما تروج أخرى لأفكار متحيزة حول جمالها وقيمتها. هذا التوجه السلبي يعزز من سيطرة النظرة التقليدية للمرأة، ويبرر الكثير من الممارسات العنيفة ضدها. ورغم وجود بعض الحكايات التي تقدم صورًا إيجابية للمرأة، إلا أن التأثير السلبي للأمثال والحكايات النمطية يبقى هو الغالب. لمواجهة هذا التحدي، يجب العمل على نشر الوعي بأثر هذه الموروثات، وتعزيز التعليم الذي يحترم المساواة بين الجنسين، وتطوير قصص وأمثال جديدة تعكس صورة إيجابية للمرأة، ودعم مبادرات تمكين المرأة فى مختلف اتجاهات الحياة.