يتملكنى شعور بالرغبة فى الكتابة حول المشكلات العملية لنص المادة 49/1من القانون رقم 77 لسنة 1943 بشأن المواريث والمضافة بالقانون رقم 219 لسنة 2017 . لكنى وددت فى هذا المقال وقبل الكتابة حول مشكلات هذا النص فى مقال قادم أن أشير- فقط - إلى نص مهجور، استرعى انتباهى إلى أن الترسانة العقابية فى مصر قادرة على مواجهة ما يظهر من مشكلات اجتماعية ، لكن حتما سنجد النصوص المعطلة والمهجورة كثيره ، بل وربما لا نجد لها تطبيقا قضائيا حديثا. وأتساءل دائما هل هذة النصوص المهجورة تنعدم فائدتها التشريعية؟ أم اننا بصدد تطبيق واقعى لنظرية الإلغاء الضمنى للنصوص !.
• نص المادة 889 من القانون المدنى نصا مهجورا.
لو أننا قرأنا نص المادة 889 من القانون المدنى قراءة متأنية لوجدنا أنه لا جدوى من التعديل الذى ادخله المشرع المصرى على قانون الميراث بإضافة المادة 49/1 بالقانون رقم رقم 219 لسنة 2017 .
تنص هذه المادة على أن" يعاقب بعقوبة التبديد كل من استولى غشا على شيئ من مال التركة ولو كان وارثا ".
هذا النص تكريس لجريمة تبديد مال التركة، ومما لا شك فيه أن التطبيق العملى لهذا النص كان سيغنينا عن أى تعديلات لمواجهة ظاهرة الامتناع عن تسليم الميراث ذلك أن الفلسفة التشريعية لهذا النص قادرة على مواجهة مثل هذة الظاهرة الإجرامية وبصورة أكثر اتساعا من النص الجديد الذى ادخله المشرع على قانون المواريث.
وجريمة تبديد مال التركة التى يكرسها نص المادة 889 من القانون المدنى تفترض وجود تركة فى حيازة أحد ورثة المتوفى استأثر بها وحده - سواء كانت أموال التركة عقارات أو منقولات كمجوهرات المورث أو نقوده أو أوراقه مثلا – دون باقى الورثة فإنه يعتبر مبددا للتركة حتى لو كان شريكا في هذة الأموال.
- تعريف جريمة تبديد مال التركة:
وفى تعريف هذة الجريمة ذهبت محكمتنا العليا إالى القول " أنه بوفاة المورث تنتقل ملكية المنقولات والعقارات وكل ما يملكه المورث إلى ورثته فإذا استأثر وارث منهم بتلك الأشياء وحده دون باقي الورثة يعتبر خائنًا للأمانة ولا ينال من ذلك أن المتهم يعتبر شريكًا في ملكية تلك الأشياء لأنه إذا أنكر نصيب شركائه في الإرث وأبى رده فهو كل الأحوال مبدد"
(الطعن رقم 267 س 3 ق جلسة 21/11/1933)
ويتحقق الركن المادى فى جريمة تبديد مال الترك بالاستيلاء على شئ من أموال التركة ولم يحدد المشرع ماهية الاستيلاء فى هذة الجريمة وانما احال فى العقوبة لجريمة التبديد فى قانون العقوبات.
بينما يتحقق الركن المعنوى بتوافر عنصري القصد الجنائي، وهما علم الجاني بوجود تركة، واستعمال الغش وتوافر نية الاستيلاء عليها بقصد حرمان باقي الورثة.
وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي: "وقد نصت المادة من المشروع على عقوبة جنائية هي عقوبة التبديد، توقع على كل من استولى غشًا على مال التركة حتى لو كان وارثًا. فمن كان في يده مال للتركة ولم يبلغ عنه بنية تملكه، وُقعت عليه عقوبة التبديد حتى لو كان وارثًا، وليس للوارث أن يحتج بأنه يملك بالميراث ما استولى عليه. وهذا لا يخل بتوقيع عقوبات أخرى أشد من عقوبة التبديد، كعقوبة السرقة، إذا كان هناك محل لذلك. أما مجرد الإهمال في التبليغ عن أموال التركة أو تعمد عدم التبليغ، ما دام غير مصحوب بالاستيلاء على مال التركة، فلا يدخل في حكم المادة .. "
(مجموعة الأعمال التحضيرية ج 6 ص 242).
أستاذ القانون الجنائي والمحامي بالنقض