الأربعاء 03 يوليو 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

إنني أكره الوقت .. ولا أحترمه كما يفعل الآخرون 

فلطالما جعلني انتظر بلا أمل، وكثيرا ما جاء بعد فوات الأوان، يعذبني بتلذذ سادي واضح غير عابئ بما اعانيه .. اسمع دقات قلبي تهفو إلى ما تتمني، وتبتسم كل جوارحي فرحة ببشارات السعادة .. ثم ينقلب الوقت، يمحو كل الألوان ليشوه باللون الأسود كل ما رسمته وخططته ! يفرض نهاية اختارها على غير رضاي؛ يكسر قلبي ويقتل فرحتي!

يتركني الوقت حائرة، هل سيأتي أم لا؟ فهو يعشق اللعب في الوقت بدل الضائع حيث يلهو بالأعصاب ويلهو، و قليلا ما يأتي، هذا هو ما يفعله!!!

لذا فقط اعلنت العصيان 

لم أعد أحبه ، بل صرت أكرهه و سقط من نظري ومن حساباتي، و سأبدأ في التنفيذ فورا.

فاليوم .. كنت على موعد هام مع الوقت .. تريثت و لم أتسرع للقاء .. اهتممت على غير عادتي بوضع مساحيق التجميل والتزين وبعدما انتهيت صنعت فنجانًا من القهوة على مهل واحترت ماذا ارتدي في اللقاء؟!! ثم أدرت المذياع على أغنية كانت تنبهني أن الوقت يجري، ولكن ابتسمت بلا مبالاة ابتسامة الغائظ.

واخيرا وضعت القليل من العطر ونزلت، وجدت الشارع مزدحما، وقد تخطيت موعدي، وتساءلت في برود ؟ هل تراه ما زال ينتظرني؟ 

تنهدت وتضايقت وتململت وتساءلت: لماذا يعكر الوقت صفو أفكاري الآن؟ لماذا تتكدس تلك السيارات رغم كل المنافذ والكباري التي تساعد على السيولة المرورية؟ لماذا أقف في هذا الخندق أختنق في الانتظار، تتعلق عيناي باشارة المرور العنيدة؟ 

كم أنت وغدا أيها الوقت !! تركتني امرح ثم عذبتني !! كان من الممكن أن تكون الطرق مفتوحة ، سهلة ، تجري فيها السيارات مرحة، ولكنك الآن من تخرج لي لسانك مغيظا، شامتا ، تعلن سيطرتك ، وتحكمك !

قاومت دمعة الاستسلام، وأنا أفكر : ألا يكفيك أيها الوقت كل ما حرمتني منه؟ ألا يمكنني الربح ولو مرة بتفائل المحظوظ، مرة واحدة أعلن فيها سطوتي؟!

نظرت لساعاتي ، لقد تأخرت كثيرا ، وعدت أتساءل: هل ترى الموعد ما زال ينتظرني؟

استعرضت في لحظات كل خيباتي، خيبات وراء أخرى، انكسارات تختبر صلابتي .. تنهدت، هدأت ، وهمهمت : لا يهم، فإذا كان الموعد مازال ينتظرني، فلقد انتصرت لأول مرة على هذا الوقت ، وإذا رحل ، فإن هذا ليس بجديد !! 

كم أكرهك أيها الوقت! 

تم نسخ الرابط