الهيئة العامة للمواد الجنائية تحسم الخلاف حول الجهة المختصة بإصدار الشهادة السلبية
حسمت الهيئة العامة للمواد الجنائية بمحكمة النقض الخلاف حول الجهة المختصة بإصدار الشهادة السلبية، وتوسيع مفهوم قلم الكتاب المختص بإصدارها.
قالت الهيئة العامة للمواد الجنائية برئاسة القاضي حسني عبد اللطيف وعضوية القضاة عادل الكناني وحمد عبد اللطيف وعاصم الغايش ومنصور القاضي ومحمد سامي إبراهيم ومحمد عبد العال وعابد راشد و د. علي فرجاني وربيع لبنة نواب رئيس محكمة النقض ود. محمد سلامة إبراهيم، بحضور المحامي العام لدى محكمة النقض المستشار عمر الخشاب بأمانة سر أحمد سيف الدين، وذلك في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة في 27 فبراير 2024، وذلك في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 17283 لسنة 93 القضائية ضد حسام عبد المجيد ومحمد بدير وباهر أحمد سعد الدين مطعون ضدهم.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم في قضية الجناية رقم ۲۲ لسنة ۲۰٢٣ جنايات منشأة ناصر والمقيدة بالجدول الكلي برقم ۱۰۱۸ لسنة ۲۰۲۳ غرب القاهرة) .
بأنهم في يوم ۲ من مايو سنة ۲۰۲۳ بدائرة قسم منشأة ناصر - محافظة القاهرة :-
١ - مارسوا نشاط تحويل الأموال من وإلى خارج البلاد دون أن يكونوا من المسجلين في البنك المركزي المصري لممارسة هذا النشاط .
٢- باشروا عملاً من أعمال البنوك ، بأن اعتادوا تحويل الأموال من وإلى خارج البلاد دون أن يكونوا من المسجلين في البنك المركزي المصري لممارسة هذا النشاط . وأحالتهم إلى محكمة جنايات القاهرة الاقتصادية لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضوريا في ١٧ من يوليو سنة ۲۰۲۳ ببراءة كل من حسام عبد المجيد محمد عرابي ومحمد بدير أشعث بدير وباهر أحمد سعد الدين من التهمتين المسندتين إليهم .
فقررت النيابة العامة الطعن في هذا الحكم بطريق النقض ، وأودعت أسباب طعنها في الأول
من أكتوبر سنة ۲۰۲۳ ، وأرفقت شهادتين صادرتين من القلم الجنائي لنيابة غرب القاهرة الكلية
تتضمن أولهما أن الحكم لم يودع ملف القضية حتى ١٧ من أغسطس سنة ۲۰۲۳ ، وتتضمن ثانيتهما أن الحكم أودع بتاريخ ٢٥ من سبتمبر سنة ٢٠٢٣ .
وبجلسة ٢٢ من يناير سنة ۲۰۲٤ قررت دائرة الاثنين ( هـ ) الجنائية إحالة الطعن إلى الهيئة العامة للمواد الجنائية بمحكمة النقض للفصل فيه عملاً بحكم الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية رقم ٤٦ لسنة ١٩٧٢ المعدل
الهيئة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة قانونا.
من حيث إنه بجلسة ۲۲ من يناير سنة ۲۰۲٤ رأت دائرة الاثنين ( هـ ) الجنائية إحالة هذا الطعن إلى الهيئة العامة للمواد الجنائية ، للعدول عن الأحكام الصادرة من بعض الدوائر الجنائية بالمحكمة ، والتي قررت عدم الاعتداد بالشهادة السلبية الصادرة من القلم الجنائي للنيابة المختصة والدالة على عدم إيداع الحكم الصادر بالبراءة موقعًا عليه في الموعد القانوني ، واشترطت لاعتمادها الحصول عليها من قلم كتاب المحكمة التي اصدرت الحكم المطعون فيه دون غيره ، وكذا التقرير بالطعن بطريق النقض بذات القلم ، وتأييد الأحكام التي اعتدت بالشهادة الصادرة من القلم الجنائي للنيابة المختصة ، والتقرير به بالطعن بطريق النقض أو بالسجن .
ومن حيث إن مثار الخلاف بين الأحكام المطلوب تأييدها ، وتلك المطلوب العدول عنها ، يدور حول الجهة المنوط بها إصدار الشهادة السلبية ، والتي يعتد بها في عدم إيداع الحكم الصادر بالبراءة
موقعا عليه في الميعاد المقرر قانونا.
ومن حيث إنه من المقرر أن امتداد ميعاد الطعن وتقديم الأسباب المنصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة ٣٤ من القانون رقم ٥٧ لسنة ۱۹۵۹ في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض مشروط على ما نصت عليه الفقرة الثانية من هذه المادة - بأن يكون الطاعن قد حصل على شهادة بعدم إيداع الحكم الصادر بالبراءة قلم الكتاب خلال ثلاثين يوما من تاريخ صدوره ، وعندئذ يقبل الطعن وأسبابه خلال عشرة أيام من تاريخ إعلان الطاعن بإيداع الحكم قلم الكتاب ، وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن الشهادة التي يعتد بها في هذا المقام هى التي تصدر بعد انقضاء ثلاثين يوما كاملة من اليوم التالي للتاريخ الذي صدر الحكم فيه متضمنة أن الحكم لم يكن وقت تحريرها قد أودع ملف الدعوى موقعا عليه رغم انقضاء هذا الميعاد ، وأن الشهادة الصادرة في اليوم الثلاثين حتى نهاية ساعات العمل لا تنفي إيداع الحكم بعد ذلك ، لأن تحديد ميعاد العمل في أقلام الكتاب ليس معناه أن هذه الأقلام يمتنع عليها أن تؤدي عملاً بعد انتهاء الميعاد ، كما أن قضاء هذه المحكمة قد استقر - تحقيقا للمصلحة العامة وتيسيرًا لتنفيذ أحكام القانون - على الاعتداد بالشهادة السلبية سالفة البيان سواء صدرت من القلم الجنائي للنيابة المختصة أو من قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه ، بحسبان أن تلك الشهادة لا تعدو أن تكون دليل إثبات على عدم ايداع الحكم في الميعاد المقرر قانونا ، وتقريرًا لواقع غير مجحود ، ولا يصح أن يكون الجدل حول مصدرها عائقًا دون تحقيق العدالة ، وهو ما يتمشى مع الغاية التي تغياها المشرع من القوانين الإجرائية التي ما شرعت - في الأصل - إلا لتكون أداة لتيسير سبيل التقاضي للوصول إلى عدل سهل المنال لا يحتفى بالشكل إلا ليصون به حقا أو يدفع به باطلاً . ومن حيث إنه لما كان ما تقدم ، فإن الهيئة تنتهي – بالأغلبية المنصوص عليها في المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية رقم ٤٦ لسنة ۱۹۷۲ المعدل - إلى العدول عن الأحكام التي صدرت على خلاف هذا النظر .
أما بشأن ما ورد بقرار الدائرة المحيلة بخصوص الجهة التي يحصل فيها التقرير بالطعن بالنقض ، فلما كان قضاء هذه المحكمة مستقرًا على الاعتداد بتقرير الطعن - في الأحكام الجنائية - الحاصل في القلم الجنائي للنيابة المختصة ، أو في السجن بالنسبة للمسجونين ، وهو أمر مقطوع به ولا خلاف عليه بين الدوائر الجنائية بالمحكمة ، ولما كان مناط عرض الطعن على الهيئة العامة للمواد الجنائية طبقا لنص المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية مرهونا بوجود مبدأ قانوني قررته أحكام سابقة وترى الدائرة المحيلة العدول عنه وهو ما لم يتحقق في هذا الشق من العرض بما يجعله غير مطروح .
ومن حيث إن الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية قد خولت هذه الهيئة الفصل في الدعوى المحالة إليها .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه صدر في السابع عشر من يوليو سنة ۲۰۲۳ ببراءة المطعون
ضدهم من التهمتين المسندتين إليهم ، فقررت النيابة العامة بالطعن فيه بطريق النقض وأودعت الأسباب في الأول من أكتوبر سنة ۲۰۲۳ ، متجاوزة في الطعن ، وتقديم الأسباب الميعاد الذي حددته المادة ١/٣٤ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ، مبررة هذا التجاوز بأن الحكم لم يودع قلم كتاب المحكمة التي أصدرته إلا بتاريخ ٢٥ من سبتمبر سنة ۲۰۲۳ ، وقدمت تأييدا لذلك ، شهادتين من نيابة غرب القاهرة الكلية ، أولهما سلبية تتضمن أن الحكم لم يودع ملف القضية حتى ١٧ من أغسطس سنة ۲۰۲۳ ، وتتضمن ثانيتهما أن الحكم أودع ملف القضية في ٢٥ من سبتمبر سنة ٢٠٢٣ ، ولما كانت النيابة العامة قد قررت بالطعن بالنقض ، وأودعت الأسباب في الميعاد المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة ٣٤ - المار بيانها - كما استوفى الطعن كافة أوضاعه المقررة قانونًا ، فإنه يكون مقبولاً شكلاً . ومن حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه ، أنه إذ قضى بتبرئة المطعون ضدهم من التهمتين المسندتين إليهم ، قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ، ذلك بأن الحكم أسس قضاءه على بطلان القبض والتفتيش لعدم توافر حالة التلبس ، على الرغم من قيامها ، والتي تبيح لرجل الضبط القضائي القبض على المطعون ضدهم وتفتيشهم ، ولم يحط بواقعة الدعوى وأدلتها ، واطرح أقوال شاهدى الإثبات بأسباب غير سائغة ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن أحاط بواقعة الدعوى وأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام ، استند في قضائه بالإضافة إلى ما أثاره من بطلان القبض والتفتيش لعدم قيام حالة التلبس ، إلى أسباب أخرى مبناها ارتيابه في أقوال شاهدى الإثبات ، وعدم الاطمئنان إليها ، والشك في التهمتين المسندتين إلى المطعون ضدهم - والتي تكفي وحدها لحمل النتيجة التي خلص إليها - فإن تعييب الحكم في دعامته الأولى - بفرض صحته - يكون غير منتج . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن يكون على غير أساس ، متعينا رفضه موضوعًا.
فلهذه الأسباب حكمت الهيئة العامة للمواد الجنائية بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه.