الأربعاء 03 يوليو 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

الإسكندرية الأول من فبراير ١٩٩٢ .. !

العاشرة مساءً من ليلةٍ هادئةٍ ممطرةٍ وشوارع خاوية وأضواء مصابيح خافتة وصوت السيمفونية التاسعة التي ناجى فيها "بتهوفن" ربه تتصاعد فتبهرني كما لو كنت استمع إليها من قلب أوبرا فيينا .
كل هذا كان كافيًا لأن تمتد يدي إلى أوراقي القديمة أتحسس ملامح الماضي التي ما برحت عن  مخيلتي أبداً . أتجرع فيها كل الأحاسيس .. شوق ..ألم ..حزن ..فرح ..دمع وابتسامات .

وقعت يدي وأنا أطرق الماضى هكذا مرتجفًا برواية توفيق الحكيم "عصفور من الشرق" التي قرأتها كثيراً وعند كل مرة أشعر أننى أتلمس حروفها للمرة الأولى .
لكن الرواية تأخذ بعداً عندي أكثر من حروفها التي أحببتها وأكثر من كلماتها التي وكأنني كنت أُصغي إليها .

لقد كانت الرواية تحمل خطاباً هو أعظم ما يمكن أن يحتفظ به إنسان ضربته الوحدة حتى صار بين أصدقاء مثل الموسيقى والكتاب والسيجار والليل وفنجان القهوة .
لقد كانت الرواية تحتضن خطاباً منها .

جلست على المقعد (الهزاز) في مواجهة مدفأة صغيرة وقطرات المطر تنقر زجاج نافذتي . أغلقت ملف القضية التي أمامي ثم صرت في لحظات في قلب الماضى .. لقد كان خطاب من ماري.

تغير لون الورقة وأخذ في الإصفرار الأكثر هدوءاً . باتت الحروف والكلمات وكأنها سُطِّرت في التو .  كانت موقودة فى لون قلب متوهج.
رحيقها المعتق في ما يزال بمخيلتى كأنه يتصاعد من الرواية وصوتها الهادئ الدافئ ينسال إلى مسامعي كخرير جدول عذب وبريق عينيها يبدد قتامة الليل.
غريب أن تبقى صاحبة الخطاب زهرة يانعة طوال العمر وليس غريبًا عندما تكون هذه الزهرة هي مارى!

                 *****
مدرسة مصطفى كامل الإعدادية 
٩ فبراير ١٩٧٥.
حصة الدين

الأستاذ عبد الحميد  يدخل الفصل متجهمًا كالعادة وكان أول من ينظر إليه هو أنا، ليس بالطبع إعجابًا لشخصي، فأنا أحسبه يقول في نفسه عند كل مرة تقع عيناه عليّ: "أليس هناك من يخلصنا من هذا الهم الثقيل"

بالطبع كنت هَمٌ ثقيل ولم لا وقد كنت وحدي الذى يسير عكس التيار ..كنت تقريبًا الذي لا يقول له "آمين" كما يحب هو أن يسمعها من كل المتواجدين.

لم أكن أفعل شيئًا سوى أنني أعملت عقل تلميذ في الصف الثالث الاعدادى يحتاج أن يتعلم ويحتاج أن يتلقى إجابة تقنع تساؤلات بريئة لكن الأستاذ عبد الحميد لم يطق ذلك ولا أذكر يومًا أنني أكملت حصة الدين دون أن أُطرد منها لا لشىء سوى أنني لا أقول "آمين " إلا بما أُقنتع به.

في هذه الحصة سألته كيف أن امرأة دخلت الجنة في "قطة" ولم يأت يوم الحساب بعد؟!
وتابعت القول: إنها قصة جميلة فعلًا تحض على الرفق بالحيوان وأنا أقبلها هكذا وبكل اقتناع لكن كقصة فقط .. !

وهنا قامت القيامة وقال لي بتهجم وغضب شديدين: قصة!..
تقول قصة!..
تقول على الحديث قصة!.
ثم كان القرار التقليدي "أخرج بره الفصل"
أنت مطرود .. !
في الواقع لم تكن هذه أول قيامة ولن تكون الأخيرة .. !
وهكذا كان يفعل الأستاذ عبد الحميد مع طفل الخامسة عشر!

خرجت مطروداً بعيداً عن جنة الأستاذ عبد الحميد إلى هذا الفضاء الذى بداخلي، أحدث نفسي بعدما ضاقت بى نفس الأستاذ .

زهرة حمراء

وبينما كنت أتمشى ببطء بهذا الرواق لمحتها تقف بمفردها هى الأخرى، فقلت ربما هى مطرودة مثلي من حصة العلوم!
اقتربت منها برفق ودار بيننا هذا الحديث:
أنا: إنتي مطرودة؟!
هى: نعم ..! .. قالتها مندهشة؟! .. مطرودة؟!
لا...أنا كنت منتظرة أبله تهاني عشان حصة الدين لكن هى مش بتيجى كالعادة .
أنا: تقصدي حصة الدين المسيحي .. صح .
هى: أيوه .. صح .
أنا: وليه أبله تهاني مش بتيجى؟
هى: أنا زى ما أنت شايف وحيده وهى مش معقول تيجى عشان درس لبنت واحده .
هى: وأنت ليه بره الفصل؟
أنا: لا أنا مطرود ..!  الأستاذ عبد الحميد مش بيحبني ، دايمًا بسأله أسئلة مزعجه فبيطردني! مافيش حصة دين كملتها من أول السنه .. !

في هذا اليوم الربيعي من شهر مارس سرنا معًا أنا وماري ..ذهبنا إلى حديقة المدرسة وقد تجاذبنا ببراءة طفلين حديث عفوى صنعه لنا القدر !  أقصد الأستاذ عبد الحميد الذى لا يطيقني وأبله تهاني التي  لا تحضر ..!
لقد كانت قسمة عادلة على أية حال .. !
طردنى مدرس التربية الدينية فلم تحضر مدرسة الدين المسيحي ..!

امتدت يدي بتلقائية نحو زهرة حمراء حان وقت قطفها ومددت يدي إلى ماري وقلت لها: تفضلي ..!
قبلتها مني وقالت لى: لم اللون الأحمر  .. هناك ألواناً كثيرة؟
قلت لها: أحب هذا اللون .
فقالت: أنا أيضًا أحب اللون الأحمر .

منذ هذا الوقت أحببت الأستاذ عبد الحميد جداً جداً وقد أصبح لا يطيقني أكثر وأكثر وهي أحبت أبله تهاني التي لم تحضر لها يومًا وصرنا طليقين كطائرين يحلقان في الفضاء بعيدًا عن قيد الحصتين .
كانت ضحكاتنا تحمل حبًا وسلامًا وصفاءً لم يستطع كل من الأستاذ عبد الحميد أو أبله تهاني أن يصنعاه لنا .
                *****

كلية الحقوق 
الرابع من مارس ١٩٨٢.
                  
في منتصف المدرج أقصى اليسار جلست أستمع إلى محاضرة في أصول الفقه للدكتور أحمد الشافعى أستاذ الشريعة الإسلامية.
كان عالم بمعنى الكلمة مثقف يجمع بين أصول الفقه ووسائل تجديده وله مقال أسبوعي في جريدة الأهرام كنت أحرص على مطالعته وتدبر ما فيه وكنت أرى نفسي في أفكار وأراء هذا الرجل.
له طريقة تروق لي فى تفسير النصوص وكان يحكم على الوقائع بما يناسبها من وصف يتفق وطبيعتها دون تقديس أعمى يجافى العقل والمنطق والحاضر أيضًا.

بجانبي كانت تجلس ماري .
لم نفترق منذ أن جمعنا القدر للوهلة الأولى بمدرسة مصطفى كامل الإعدادية.
كنت أُبسّط لها بعض المفاهيم الفقهية وأصحهها أيضًا وهي كانت تنصت .
تسألني فأجيب وعندما أطرح وجهة نظر خاصة أنبهها أن هذا الكلام يعكس وجهة نظرى أنا وليس بالضرورة أن يكون هو الرأى السائد فكانت تبتسم. 
أحاول أن أتمالك نفسي وأنا أنظر إلى عنيها . إن نظرت إلى عينيها سيضيع كل شىء ما هو متفق عليه وما هو محل خلاف . لكنها كلما همست أو أومأت كانت دقات القلب تعلو على صوتي المتهدج.
                  *****

#الجماعة_الإسلامية 

كان نشاط الجماعات الإسلامية يأخذ في التزايد فى تلك الفترة فى جامعات مصر وكان لكلية الحقوق نصيب كبير من هذا النشاط الذى سرعان ما تحول إلى سيطرة على كل الأنشطة الطلابية وانتشر الحجاب بين الفتيات وحدث التصنيف على أساس الثياب للمرة الأولى في جامعاتنا .
وكنت أنا من المنبوذين في نظرهم .
شخص يسير عكس التيار يقترب من العلمانية أكثر من قربه للدعوة كما يدعون..!
والحقيقة لم أكن علمانيًا بل على العكس كنت مخلصًا للشريعة لكن ليس على طريقتهم .
كنت قد أعددت بحثًا قدمته للدكتور أحمد الشافعي بعنوان "فصل الفقه عن الدولة" 
كانت الدعوات تتزايد والأصوات ترتفع بنقل تجربة السودان لتطبيق الشريعة الإسلامية ولم أكن في الحقيقة اتخوف من تطبيق الشريعة بل كان كل خوفى من هؤلاء الذين يزعمون إنهم يطبقون الشريعة .
كان جوهر البحث يدور حول المسائل الخلافية التي يتغير الحكم المستنبط بناءً عليها حسب اختلاف الزمان والمكان مثل الإجماع والقياس و الإجتهاد وغيرها عن الدولة .
وقلت لماذا نتقيد بفتوى أو رأي فقيه لم يعد مناسب للعصر ومستجداته .
لماذا لا نفصل هذه المصادر من الفقه عن الدولة ولا نقحمها فيما لم يكن موجودًا من حوادث وقت صدور فتوى مستمدة منها.
هناك على سبيل المثال أقوال فقهاء أجلاء قِيلت في مناسبات عدة في التجارة والمعاملات المالية وحتى فى المعاملات الأسرية ولم تعد موافقه للعصر وليس بمقدور أى تشريع من التشريعات أن يتبناها.

ما طرحته إذن هو أن يتحرر العقل بشأن مالم يأت به نص قطعي الدلالة من القرآن الكريم ومن الأحاديث المتواترة
ثم نتركه للتشريع ينظمه حسب الزمان والمكان ولا مانع من أن نسترشد ببعض أقوال الفقهاء عند هذا الشأن دون الالتزام بما انتهوا إليه و منهم من كان يتواضع للعلم بأن جعل رأيه صواب يحتمل الخطأ ورأي غيره خطأ يحتمل الصواب .. هكذا بكل أريحية ودون تعصب .

هذه كانت النقاط الرئيسة في البحث ولقد كرمني الدكتور الشافعي بنشره بمجلة كلية الحقوق التى تنشر لأساتذة كبار لكن الذى حدث كان رغم الجو القاتم خارج التصورات .

لكن أُهين الدكتور بسبب نشر هذا البحث . أقولها بكل أسى وحجل ومرارة مازالت في الحلق . أما أنا فقد تلقيت سيل من الاتهامات كان أقساها هو اتهام الخروج على الدين!
هكذا تأخذ الفكرة صاحبها إلى الكفر مع أنها فكرة .. مجرد فكرة لا أكثر لا تبتغي إلا حفظ الدين وليس الخروج عليه وحتى لو كنت قد أخطأت فهل هذا هو الجدال الحسن الذى أوصى به القرآن!
وكان مؤلم أن ذراعى كاد يُكسر فلقد جذبني أحدهم بقوة بدلاً من أن يجادلني بالتي هي أحسن!
والحق فقد دافع عني بعضهم ممن ينبذون العنف .
أما ماري فلم تنجو هى الأخرى من التعرض وكان ذلك يمثل جرحًا غائراً في نفسي .
لقد تعرض لها بعض الحمقى في عقيدتها..!

#هذه_الأنثى تحمل أسراري

احتجبت بضعة أيام عن الكلية ودخلت في خلوة لم يشاركني بها سوى مارى .. تلك التى تناست حزنها وباتت تمحو بكلتا يديها حزني .
كانت هي المرة الأولى التى تمتد فيها أناملها تربت فوق كتفي..!
كلانا قد جُرح لكنها كانت تعلم أننى كلما جُرحت صرت طفلاً لا يقوى على شىء سوى أن ينتظر من يربت عليه فيهدئ حزنه .
لقد منحتني يداها القوة عندما كنت ضعيفًا وهذا هو المعنى الحقيقى للقوة .. هو أن تأتي عند أكثر الأوقات ضعفًا ووهنًا .
لا يحتاج الأمر أكثر من توافق روحي . احساس روح بروح دون أن تُبدى الفاظاً أو تٌطرح شكوى.
ليس في الأمر هناك منطق أو شىء مرتب .
إنها أسرار الروح..!
هذه الأنثى تحمل كل أسرارى معها .
تعلم عن نفسي أكثر ما أعلمه أنا عنها .
              *****

كان أحد أيام شهر #رمضان

عندما دق جرس "التليفون" كنت قد ألقيت جسدى بعض الوقت انتظارًا لموعد الإفطار ودخلت في قيلولة بسيطة رفعت السماعة فإذا بها تسألني ببراءتها:
هو آذان المغرب فاضل عليه كتير؟
أبصرت إلى ساعة الحائط المعلقة بغرفتي وقلت لها: تقريبا ٣ ساعات!
قالت: ياااه...أصل أنا جعت جدً!..
كانت هذه العبارة الطفولية كفيلة بأن تعيدني إلى يقظتي ونهضت من رقدتي وقلت لها: نعم؟!
جعتى جداً؟!
قالت: أصل أنا قلت أجرب أصوم النهارده!
ثم سألتنى: أي دعاء ممكن اقوله عند الإفطار.؟!
قلت لها: اللهم إنى لك صمت وعلى رزقك أفطرت!..
نصوم لله ونفطر على رزقه.
عند الإفطار تمتمت بدعاء إلى الله الذى لا يعجزه سبب وكيف وهو رب الأسباب .
في تلك اللحظات أشهدته أننى أحب هذه الفتاة .
كانت أمي ترقبنى وتبتسم .

                   *****
#تخرجت في كلية الحقوق!..

كنت أول دفعتى وقد خُيّرت بين العمل معيداً بالجامعة وبين العمل بالنيابة العامة فاخترت الأخيرة وقلت أن هذا لن يمنعني من مواصلة الدراسة على أية حال . اخترت العمل بالنيابة لأنني أردت أن أحمل رسالة القضاء!.. أردت أن أرى المجتمع بعيون أخرى و أن أرى نصوص القانون دون مثالية الشروح!
كثيرًا ما أخذتتي محاضرات القانون الجنائي بمعناه الشامل والأعم منذ أن درسنا علم الإجرام والعقاب في السنة الأولى وحتى قانون الإجراءات الجنائية فى السنة الرابعة.
هي وحدة واحدة لا تتجزأ مثلما هي الجريمة.
صحيح أن لهذه الأخيرة أركان محددة لكن أسبابها ليست محددة والوقوف على أسرارها لا يمكن أن تكون بانتهاج خطى محددة.
إنها أعقد نشاط انساني وقد أخترت أن أخوض هذا الغمار.
                   *****

أنا لا أَحُضر #العطر إليكِ بل أُحضركِ أنتِ إلى العطرِ .. !

احتفلنا أنا وماري ..كنت أحب أأخذ القهوة معها ... أرقب أناملها الرقيقة وهى تضع قطعة السكر بفنجاني فأذوب أنا قبل أن تذوب قطعة السكر .
أحضرت لها عطر
" الجيرلان" .. العطر الذى أٌحبه أنا من بين العطور الفرنسية والذى أحبه نزار أيضًا عندما كان يلقيه إلى حببلته "بلقيس"
فيستحيل عطرًا برحيق الروح.
هكذا كنت أهدى إلى ماري العطر والحقيقة أنني كنت أهدى العطر إليها.
كان جمالها من جمال الروح ورحيقها من رحيق النسيم يتوارى العطر خجلًا منه.

قالت لى يومًا:
لماذا تهدى كل هذه العطور إليّ .. إنى أحتفظ بكثير من القوارير؟
فكذبت ولم أقل لها الحقيقة!
لم أقل لها إننى أغار عليها من أن يقدم لها أحد غيري عطرًا .. !
ولو استطعت لأحضرت لها عطور الدنيا كلها حتى آخر قارورة عطر.
كنت أتخيلها تحتفظ بكل قارورة ببقايا عطر وذكريات.

                 .*****
#كنيسة السيدة العذراء .. !

الأميرة بفستانها الأبيض يوصيها الأب بزوجها ويوصي زوجها بها .
اقتربت من الكنيسة برجفة قلب تكاد تَهوِى بجسدي .. تصرعه وأكثر من خمس عشرة سنة تمر أمام عيني ..!
كل لحظة فيها ترجفه .
كنت أحاول أن أقبض على باقة الورود الحمراء التي طالما أهديتها إليها.
كنت أحاول ألا تَخار قواي .
وقفت بباب الكنيسة عند مقعدٍ شاغرٍ في آخر صف .!
الكل أمامي لكننى لا أرى غيرها.
كنت قد جئت إلى هنا معها عدة مرات في مثل هذه المناسبات لكن اليوم الأمر يختلف وتلك اللحظات ليست مثل أي لحظات مرت من قبل.
وقعت عيني بعينيها فحدثتها بعبرات أقاومها .
هل تذكرين أول وردة قدمتها إليكِ .. !
نعم أذكر .. كنا طفلين .. !
لقد أحضرت لك اليوم  كل ورود الدنيا الحمراء .. !
وضعت باقة الورود فوق مقعد الكنيسة الشاغر وانحنيت لها وأخذت في الرحيل .. !

عند خروج ماري من الكنيسة أخذت باقة الورد وسافرت إلى بلاد بعيدة مع زوجها أما الورود فأجزم أنها ما تزال برحيقها الذى لن ينضب أبدًا .. !
                  *****
الإسكندرية..الأول من فبراير ١٩٩٢.

بعد ماري مرت بى نساء كثيرات .
كلهن ذهبن ولم يبق بريق أيًا منهن إلا كما تبقى الومضة. وبقيت تلك الأميرة معلقة بذاكرتي ومخيلتي وكياني وها أنا أكتب قصتنا وأعلم أن حروفها ستعبّق كل حياتي وإلى الأبد.
قطرات المطر التى كانت تنقر زجاج نافذتي كانت فى الحقيقة  ذاكرتى ..!
وذهبت أخلد إلى النوم لعل طيفها يأتيني .. !

تم نسخ الرابط