تداعيات جائحة كورونا ومن بعدها حرب أوكرانيا ثم السودان وصولا إلى العدوان على غزة، عطلت جني ثمار مجموعة الإصلاحات الاقتصادية التي اتخذتها الدولة المصرية منذ عام 2014 والتي كان يُعول عليها على نطاق واسع من أجل تحقيق طفرات واسعة بالاقتصاد، وفي ظل مجموعة المشاريع والفرص الاستثمارية التي تتيحها البلاد، ولكن مع اشتداد الرياح وتأثر مصر بالتداعيات العالمية وقدرة مصر خلال الشهور القليلة الماضية على مواجهة العديد من التحديات سواء بالداخل أو الخارج.. هنا يجب أن أرفع القبعة للشعب المصري لأنه «استأجر القوي الأمين»، فالخروج من الأزمات أزمة تلو الأخرى يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أو التشكيك أن مصر بها مؤسسات تقوم على أسس قوية وعلمية ومنهجية سليمة لا غبار عليها بقيادة رجل استأمناه على خزائن الأرض فأحسن التصرف وحافظ على الأمانة وصانها وطورها في كل بقعة من بقاع الوطن.
الأزمات والتحديات الأخيرة كانت عاصفة وشديدة التعقيد ما بين أزمة ارتفاع الأسعار، بشكلها المبالغ فيه مما أدى إلى غضبة شعبية، ومحاولة الحكومة لمجابهتها بالعديد من الإجراءات للحد منها.. تلك الظاهرة التي ساهم في تضخمها جشع بعض التجار عن طريق المغالاة في الأسعار فقد نجد السلعة بأكثر من سعر في مدينة أو ربما شارع واحد!.. ولجوء بعض التجار لاحتكار وتخزين بعض السلع ومن ثم بيعها بأسعار مضاعفة نتيجة حاجة المواطن لها ! ولم تكتف الحكومة بدورها الرقابي فقط ولكنها واصلت ضخ كميات كبيرة من السلع لعمل توازن في العرض والطلب داخل الأسواق المصرية.
هنا كان أهل الشر يراهنون على انهيار الاقتصاد وعدم القدرة على مواجهة التحديات خاصة بعد التصاعد المتواصل لسعر الدولار وشح التدفق الدولاري بفعل السوق السوداء بالداخل، أو عن طريق مافيا الخارج، إلا أن مصر كعادتها في الإبهار كانت الأقوى والأدرى والأقدر على إنهاء حالة الفوضاوية وإعادة فئران الأزمات إلى جحورهم مرة أخرى.
العام الجاري 2024 حمل بشائر طفرة واسعة تعيد الاقتصاد المصري إلى الطريق الصحيح، تجسدت بشكل عملي في كم التدفقات المالية الدولارية التي وصلت الخزانة المصرية أخيراً، وكذلك الاستثمارات المنتظرة وقيد الترتيب لها، نحو 55 مليار دولار طرقت أبواب مصر هذا العام، منها 35 مليار دولار من مشروع رأس الحكمة و9.2 مليار دولار تمويل من صندوق النقد، ونحو 12 مليار دولار تمويل مرتقب من البنك الدولي والاتحاد الأوروبي.
مصر نجحت في دعم مقومات المنظومة الاقتصادية المتكاملة، عبر اتخاذ مجموعة من الإجراءات الداعمة لزيادة التدفقات الاستثمارية إليها، وتهيئة مناخ الاستثمار خلال الفترات المقبلة، والتي كان أبرزها توحيد سعر الصرف واستهداف القضاء على السوق الموازية "السوداء" ، ما يدعم قدرتها على استقطاب مزيد من التدفقات والاستثمارات الأجنبية المباشرة من جديد، وبدعم من الآثار الإيجابية لصفقة رأس الحكمة.
استطاعت القيادة السياسية في فترة وجيزة إعادة ثقة المواطن عن طريق تعامل الدولة مع الأزمات والتحديات ؛ حيث دائما ما يؤكد الرئيس عبد الفتاح السيسي إن مصر لن تعبر الأزمات إلا بتكاتف الشعب مع كل مؤسسات الدولة ؛ فكل منا يلعب دوراً مهما في ذلك ؛ دون إلقاء أصابع الاتهام على بعضنا البعض.
لابد أن نتكاتف حول الدولة وقيادتنا السياسية لنعبر بها لبر الآمان ؛ فستظل مصر بلد الأمن والأمان؛ وستظل مصر تضرب أروع الأمثلة في تحويل المحنة لمنحة والألم لأمل وستظل مصر تعبر الأزمات بالعمل وستظل مصر محط أنظار العالم فمن يشاهد ويتابع ويرى كم الإنجازات في مصر وكيف تم إقامة المشروعات وافتتاح المدن الجديدة وتحويل العشوائيات لحياة كريمة للمواطنين يدرك أننا أمام إرادة سياسية قوية تعمل بالعلم والتخطيط الجيد والإيمان ببلد ذات تاريخ عريق يستحق مستقبل أفضل؛ فتحيا مصر وشعبها دائما وأبدا.
email: [email protected]