ads
الأحد 22 ديسمبر 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

حيثيات إعدام قاتل جدته.. خنقها ولم يبال بنظراتها لسرقة مصوغاتها وسداد ديونه

جنايات الجيزة برئاسة
جنايات الجيزة برئاسة المستشار حسين مسلم

أودعت محكمة جنايات الجيزة، حيثيات حكمها بمعاقبة محاسب بالإعدام شنقا، لقيامه باستدراج جدته، والتخلص منها لسرقة مصوغاتها الذهبية، حتى يتمكن من فك ضائقته المالية.

قالت المحكمة في حيثيات حكمها برئاسة المستشار حسين مسلم وعضوية القاضيين أحمد فاروق عمار ود. هشام نصر، بحضور أحمد مجدى حسين  وكيل النيابة، بأمانة سر صلاح مصطفى فى قضية النيابة العامة رقم 22133 لسنة 2023 جنايات الهرم المقيدة برقم 455 لسنة 2023 كلى السادس من أكتوبر، والمتهم فيها حسام الدين عبد السميع رزين "محاسب" والذي اتهمته النيابة العامة بأنه فى يوم 28/11/2022                       بدائرة قسم شرطة الهرم  محافظة الجيزة.

**قتل عمدا المجنى عليها محاسن سلامة ـ مع سبق الإصرار ، إذ طوع نفسه العليلة على خسيس السعى وضلال النية ، ففكر ودبر وتروى إمعانا فى الخلاص من جدته لنهب حُليها الذهبية، وأعد لهذا الغرض مكيدة حاكها وعقد العزم والنية ، أنفذ أولها باستدراجها لمسكنه ، وهو نجل ابنتها المؤتمن عليها، وما أن ظفر بها حتى أطبق بيديه على عنقها، قاصدا قتلها ولم يدر إلا وقد أيقن أن وافاتها المنية وذلك على النحو المبين بالتحقيقات وتقرير الصفة التشريحية وقد اقترنت تلك الجناية بجناية أخرى هى أنه فى ذات الزمان والمكان خطف المجنى عليها سالفة الذكر بالتحيل، بأن باع لها وهم أن تصاحبه لحل مشكلاته الزوجية حتى هوت لمسكنه ـ مسرح الواقعة ـ لتكون بذلك فى بعدٍ عن عصبتها وبيئتها حسبما أراد المتهم ودبر لقتلها ومن ثم سرقتها ـ الأمر المعاقب عليه بالمادة 290/1عقوبات ،  كما ارتبطت جناية القتل تلك بجنحة سرقة، إذ كان القصد منها هو تسهيل إتمام ارتكاب تلك السرقة، ذلك أنه سرق ليلا الحلى الذهبية المبينة وصفا وقيمة بالتحقيقات ملك المجنى عليها ـ الأمر المعاقب عليه بالمادة 317/خامسا عقوبات .  

وقد أحيل المتهم إلى هذه المحكمة لمحاكمته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

وبجلسة اليوم سمعت الدعوى تفصيلا على النحو المبين بمحضر الجلسة . 

عقيدة المحكمة

أوضحت المحكمة في حيثيات الحكم أنها بعد مطالعة الأوراق وتلاوة أمر الإحالة وسماع طلبات النيابة العامة والمرافعة الشفوية والمداولة قانونا فإن الواقعة حسبما استقرت فى يقين المحكمة واطمأن إليها وجدانها مستخلصة من سائر أوراقها وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسات المحاكمة تتحصل فى أن المتهم وقد ارتبط بجدته المجنى عليها برباط الأمومة، وقد تكفلت بتربيته وتنشئته وإبداء النصح والمشورة له فى مشوار حياته ، وهى من أولى الأرحام بالصلة، وبدلا من الإحسان والبر إليها إذا به لم يتحمل ضائقة مالية ألمت به وأخذ شيطانه هواه وجمح فكره إلى حل تجرد فيه من المشاعر الإنسانية وانتكس به الفطرة، وعاق به والديه وذويه، وأى عقوق للوالدة أكبر من حرمانها من أمه، وهان عليه ما يصيبها من آلام مبرحة، وجنح فكره إلى الخلاص من جدته كى يتمكن من سرقة بضعة قروش قد تروى ظمأه الذى لا يرويه إلا الدماء، وراح فكره إلى قتل جدته أم والده كى ينقذ نفسه من هم الدين ليلا والمذلة نهارا، وأعد وتدبر الأمر ووضع الخطة التى أرشده عنها شيطانه متناسيا أن عين الله ساهرة، وأمره مكشوف بين يديه سبحانه وتعالى، فكان أن اصطحب جدته إلى مسكنه كى تبحث له عن حلول لأزماته مع زوجته التى راحت لزيارة أهلها بناحية حلوان، وانتهز فرصة خلو مسكنه إلا منها وجالسهاـ إبن بار بجدته ـ وبين يديها راحت تطيب خاطره وتبدى له النصح والإرشاد، إلا أنه غافلها وأطبق بيديه على عنقها قاصدا إزهاق روحها، ولم يتركها إلا جثة هامدة وراح يبحث فى جسدها ـ الذى حُرم عليه لمسه ـ عما يزين يديها وعنقها من مصاغ، فاستولى عليه وكأنه فاز بكنوز الدنيا ليبيعه بثمن بخس سد به ظمأه، و قبل أن يوارى جثمانها الطاهر التراب، ولم يتعلم من الغراب الذى علم بنى آدم كيف يوارى جثمان أخيه، ذهب يوزع غنيمته على دائنيه، ثم عاد ينظر إلى جسدها الطاهر، ليقول " بأى ذنب قتلت " فى حسرة وانكسار مستشعرا فعلته البشعة، وقد روى ذلك على لسانه تفصيلا بتحقيقات النيابة العامة التى اطمأنت إليها المحكمة أنها صدرت عن إرادة حرة دون ثمة إكراه ، وأسفرت تحريات الشرطة عن صحة الواقعة، وقد أبان تقرير الصفة التشريحية أن الإصابات التى نتجت عن خنق المجنى عليها هى السبب المباشر الذى أودى بحياتها. 

الأدلة على الجريمة

ذكرت المحكمة في حيثيات الحكم أن الواقعة على النحو المتقدم قد استقرت فى يقين المحكمة وقام الدليل على صحتها وثبوتها فى حق المتهم مما شهد به كل من محمد أمين رزين، ومصطفى عادل عبد اللطيف عبد اللطيف ، محمد رمضان أمين مرسى ، شعبان حمودة محمد حسن ، فاطمة فتحى أحمد أبو القمصان ، والرائد  محمد سعودى ـ معاون مباحث الهرم، وما أقر به المتهم بتحقيقات النيابة العامة وبجلسات تجديد الحبس ، وتمثيله كيفية ارتكابه للواقعة، ومعاينة النيابة العامة لمسرح الواقعة وما حوته كاميرات المراقبة بمحيط مسرح الواقعة. 

شهود الواقعة

فقد شهد محمد أمين رزين مصطفى ـنجل المجنى عليهاـ أنه يقيم بدولة الكويت وأنه تلقى رسالة من أحد أقاربه مفادها وفاة والدته فقدم إلى مصر وحضر إجراءات دفنها وعقب ذلك نمى إلى علمه أنها كانت بصحبة حفيدها المتهم قبل وفاتها وحال سؤاله له تلعثم فى الكلام ولم يبد سبب واضح ومقنع وبالضغط عليه سرد أكثر من رواية كل منها مختلفة عن الأخرى وعليه فقد تشكك فى طبيعة وفاتها.

وشهد مصطفى عادل ـ عامل بصيدلية ـ أنه يعمل بصيدلية بجوار العقار محل الواقعة وأنه حال تواجده بالصيدلية حضر المتهم إليه وأخبره بأن جدته فى حالة إعياء شديد فانتقل رفقته إلى مسكنه فأبصر المجنى عليها جالسة أرضا بغرفة المعيشة وقام بقياس النبض لها فعلم أنها متوفاة وأخبر المتهم بذلك ونصحه بالاتصال بالإسعاف إلا أن المتهم لم يتلق النصيحة وقام بالنداء على حارس العقار وبعض الأشخاص بالشارع سكنه وحملوها جميعا ووضعوها بسيارة المتهم وغادروا المكان. 

وشهد محمد رمضان ـ أنه يعمل حارس لجراج العقار محل الواقعة وحال تواجده به فوجئ بالمتهم يحضر مستقلا سيارته وصعد إلى مسكنه وعقب برهة قصيرة فوجئ بالمتهم وعامل الصيدلية وبعض الأشخاص حاملين جثمان المجنى عليها فقام بمساعدتهم فى وضعها داخل سيارة المتهم وغادر بها المكان. 

وشهد شعبان حمودةـ حارس العقار ـ أنه صباح يوم الواقعة وحال تواجده بالعقار فوجئ بالمتهم مصطحبا المتوفاة وصعدا لمسكنه وفى مساء ذات اليوم قام المتهم بسداد ماعليه من ديون له.

وشهدت فاطمة أبو القمصان ـ زوجة المتهم ـ أن زوجها كان يتعرض لضائقة مالية وكان ذلك سببا فى حدوث خلافات بينهما، وفى يوم الواقعة كانت بمسكن والدتها بحلوان نظرا لسوء حالتها الصحية وأن المتهم حضر إليها فى المساء وطلب منها الانتظار لدى والدتها حتى يحضر إليها صباح اليوم التالى ليصطحبها إلى مسكنهما وانصرف.

وتوصلت تحريات الرائد محمد سعودى ـ معاون مباحث الهرم، إلى صحة الواقعة وقيام المتهم بقتل جدته وسرقة مشغولاتها الذهبية وذلك لمروره بضائقة مالية وعلمه أن جدته بحوزتها مشغولات ذهبية فدارت أفكاره الشيطانية بالتخلص منها بقتلها وسرقة تلك المشغولات، وفى يوم الواقعة اصطحبها من مسكنها إلى مسكنه عاقدا العزم على تنفيذ مخططه الإجرامى بقتلها، ولدى جلوسه معها انقض عليها وأطبق بكلتا يديه على عنقها قاصدا قتلها حتى تيقن من وفاتها ثم نزع ما كانت ترتديه من مصاغ ذهبى وغادر المسكن تاركا إياها على وضعها وقام ببيع ذلك المصاغ وعاد إلى العقار حيث قام بسداد أجرة مسكنه المتأخرة وسداد ديونه وعاد إلى مسكنه للتظاهر بأنها توفت وفاة طبيعية. 

وبسؤال المتهم بتحقيقات النيابة العامة فقد أقر تفصيلا بارتكابه الواقعة عن إرادة حرة بعد فكر ودبر كيفية تنفيذه للجريمة وصولا لغرضه من قتل جدته وهو الاستيلاء على مصاغها نظرا لمروره بضائقة مالية أدت به إلى التوقف عن سداد أجرة مسكنه والاستدانة من حارس العقار الذى يسكن به، واعترف بقتل جدته بجلسات تجديد حبسه فى 11/8/2022 ، 18/12/2022, وقام المتهم بتمثيل كيفية ارتكابه للواقعة فى حضور النيابة العامة . 

وقامت النيابة العامة بمعاينة لمسرح الواقعة وتفريغ المتاح من كميرات المراقبة بمحيط العقار محل الواقعة ، وثبت اصطحاب المتهم لجدته إلى مسكنه وظهرت وهى ترتدى سلسلة ذهبية، وفى مقطع آخر يظهر المتهم حاملا المتوفاة على كرسى ويساعده ثلاثة آخرون والخروج من العقار إلى سيارة خاصة ويقوم المتهم بقيادة تلك السيارة ومغادرة المكان . 

الطب الشرعي

وثبت بتقرير الطب الشرعى المبدأى أنه بإجراء الصفة التشريحية لجثمان المجنى عليها تبين وجود كسر بقرنى الغضروف الدرقى مما يشير إلى وجود ضغط على العنق .

وثبت بتقرير الصفة التشريحية أن الإصابة المشاهدة بالعنق هى إصابة حيوية حديثة ذات طبيعة رضية حدثت من استخدام جسم صلب أو أجسام صلبة أيا كان نوعها وهى جائزة الحدوث من مثل الخنق بالأيدى وتعزى الوفاة إلى اسفكسيا الخنق وما أحدثته من توقف للتنفس والوفاة والواقعة جائزة الحدوث من التصوير الوارد بمذكرة النيابة العامة . 

تقرير الصحة النفسية

وحيث أنه بجلسة المحاكمة حضر المتهم وأنكر ما نسب إليه، والدفاع شكك فى مسئولية المتهم عن الجريمة فأمرت المحكمة بإيداعه إحدى منشآت الصحة النفسية الحكومية لفحص حالته العقلية وبيان مدى مسئوليته عن الجريمة المسندة إليه.. وورد تقرير الصحة النفسية وانتهى إلى أن المتهم لا يوجد لديه فى الوقت الحالى ولا فى وقت الواقعة محل الاتهام أى أعراض دالة على وجود اضطراب نفسى أو عقلى يفقده أو ينقصه الإدراك والاختيار وسلامة الإرادة والتمييز والحكم الصائب على الأمور ومعرفة الخطأ والصواب مما يجعله مسئولا عن الاتهام المنسوب إليه .. واستمعت المحكمة إلى مرافعة النيابة التى شرحت فيها ظروف الدعوى وطالبت بتطبيق مواد الإحالة ، والدفاع الحاضر مع المتهم قدم تقرير طبى شرعى استشارى استجوبت المحكمة واضعه الدكتور مصطفى فودة  ، فقرر أنه من خلال فحص الأوراق وتقرير الصفة التشريحية يبين أن المجنى عليها لم تتعرض للعنف وأنها كانت تعانى من عدة أمراض وأن سبب وفاتها هو أحد هذه الأمراض بالإضافة إلى الحالة النفسية ساعة الواقعة.

الدفاع والدفوع

 والدفاع الحاضر مع المتهم دفع بإصابته بحالة نفسية أفقدته القدرة على الحكم على الأشياء وانتفاء نية القتل لديه ، وانتفاء ظرف سبق الإصرار ، وبطلان اعتراف المتهم لأنه وليد إكراه معنوى، وبطلان استجوابه بتحقييقات النيابة للاكراه المعنوى، وعدم جدية التحريات، وأن الوفاة حدثت من جراء مرضها وهو ما قرره مفتش الصحة قبل تصريحه الدفن، وشرح ظروف الدعوى وشكك فى أدلة الثبوت وانتهى إلى طلب القضاء ببراءة المتهم مما أسند إليه . 

الحالات النفسية ليست من موانع العقاب كالجنون والعاهة في العقل

وحيث أنه عما أثاره دفاع المتهم من إصابته بحالة نفسية وقت الواقعة أفقدته القدرة على الحكم على الأشياء .. فالمقرر أن الحالات النفسية ليست فى الأصل من حالات موانع العقاب كالجنون والعاهة فى العقل اللذين يجعلان الجانى فاقد الشعور والاختيار فى عمله وقت ارتكاب الجريمة وفقا لنص المادة 62 من قانون العقوبات والمستقر عليه أن المرض العقلى الذى يوصف بأنه جنون أو عاهة فى العقل وتنعدم به المسئولية الجنائية قانونا هو ذلك المرض الذى من شأنه أن يعدم الشعور والإدراك أما سائر الأمراض والأحوال النفسية التى لا تفقد الشخص شعوره وإدراكه فلا تعد سببا لانعدام المسئولية، وقد ثبت للمحكمة من أقوال المتهم واعترافاته أمام النيابة العامة أنه فكر ودبر أمر الجريمة قبل أن يقدم عليها حيث جاءت اعترافاته فى تسلسل منطقى ومتطابقة لماديات الجريمة فى أدق تفاصيلها، بالإضافة إلى أن تقرير الصحة النفسية أثبت عدم وجود اضطراب نفسى أو عقلى لدى المتهم يفقده أو ينقصه الإدراك والاختيار وسلامة الإرادة والتمييز والحكم الصائب على الأمور ومعرفة الخطأ والصواب مما يجعله مسئولا عن الجريمة، بما يضحى ما أثاره الدفاع فى هذا الشأن غير سديد تلتفت عنه المحكمة.

انتفاء أركان جريمة القتل العمد

 وحيث أنه عن الدفع بانتفاء أركان جريمة القتل العمد، فهذا الدفع مردود، ذلك أن المقرر أن الركن المادى فى جريمة القتل يتكون من ثلاثة عناصر هى نشاط يصدر من الجانى من شأنه إحداث الوفاة ونتيجة إجرامية هى وفاة المجنى عليه وعلاقة سببية بين هذا النشاط وتلك النتيجة، وأن القصد الجنائى أمر باطنى يضمره الجانى وتدل عليه بطريق مباشر أو غير مباشر الأعمال المادية المحسوسة التى تصدر عنه والعبرة فى ذلك بما تستظهره المحكمة من الوقائع.. وأن نية القتل أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر إنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه واستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى المطروحة أمام المحكمة موكول لقاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية.. لما كان ذلك وكانت المحكمة قد استقر فى يقينها واطمأن وجدانها أن المتهم قد تولدت لديه فكرة قتل جدته المجنى عليها لسرقة مصاغها لسداد الديون التى تكبل بها للغير، فأعد ودبر كيفية تنفيذ فكرته، فاختار مسكنه مكانا مناسبا لتنفيذ جريمته، فاصطحبها إلى مسكنه كونها جدته الطاعنة فى السن، وما أن جلسا حتى باغتها بالإطباق بيديه على عنقها خانقا إياها مانعا عن جسدها الهواء حتى انهارت ولم يبال بنظراتها إليه وهى لا تستطيع الفكاك من قبضة يده لضعفها وقلة حيلتها، ومن ثم فإن هذه الصورة يتوافر بها النموذج القانونى لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار بأركانها المادية والمعنوية وتوافرت الأدلة اليقينية على ثبوتها فى حق المتهم من اعترافه التفصيلى بتحقيقات النيابة العامة ، وتمثيله كيفية ارتكابه للجريمة ، والتى تأيدت بتحريات المباحث ، وما ثبت بتقرير الصفة التشريحية ، ومن ثم يكون الدفع قد جاء غير سديد تلتفت عنه المحكمة.

ظرف سبق الإصرار

وحيث أنه عن ظرف سبق الإصرار فالمقرر أن ظرف سبق الإصرار هو حالة ذهنية تقوم فى نفس الجانى فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة بل تستفاد من وقائع خارجية تستخلص منها المحكمة استخلاصا وكان البحث فى توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضى الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها مادام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلا مع ذلك الاستنتاج.. لما كان ذلك وكانت المحكمة قد استقر فى يقينها واطمأن وجدانها أن المتهم فكر ودبر كيفية إتمامه جريمة قتل جدته وسبق تنفيذه التفكير الهادئ باصطحابه إياه إلى مسكنه حتى يكون فى مأمن مما يحول بينه وبين التنفيذ، وتحين وضع جلوسها فأطبق بيديه على عنقها فأجهز عليها، ومن ثم فإن ظرف سبق الإصرار يكون متوافرا فى الواقعة .

 

ظرف ارتباط القتل بجنحة السرقة

وحيث أنه عن ظر ف ارتباط القتل بجنحة السرقة فإنه لما كان يتعين أن تتوافر علاقة السببية بين جناية القتل وبين الجنحة بمعنى أنه لا بد أن تكون الغاية من ارتكاب جريمة القتل الوصول إلى السرقة وكان مؤدى الوقائع المطروحة فى الدعوى أن المتهم قتل المجنى عليها بقصد الوصول إلى سرقة المشغولات الذهبية والمنقولات من مسكنها الأمر الذى يوفر فى حقه الجناية المعاقب عليها بالمادة 234/1 ، 2 من قانون العقوبات. 

الدفع ببطلان اعتراف المتهم

وحيث أنه عن الدفع ببطلان اعتراف المتهم بتحقيقات النيابة العامة بارتكابه الواقعة لوقوعه تحت تأثير الإكراه المادى والمعنوى، فهذا الدفع مردود، ذلك أن المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أى دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك، متى إطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع.. وإن لمحكمة الموضوع دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه، ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بلا معقب عليها.. لما كان ذلك وكانت الأوراق قد خلت مما يفيد أن المتهم كان تحت تأثير الإكراه المادى أو المعنوى واطمأنت المحكمة إلى صحة ذلك الاعتراف ومطابقته للواقع وسلامة إرادته فى الإدلاء بأقواله التى أقر فيها بارتكابه الجريمة بتحقيقات النيابة العامة فضلا عن أنه أجرى محاكاة تمثيلية لارتكابه الجريمة التى وثقت اعترافه الذى أفضى به والذى أصبح حجة عليه إن هو عدل عنه أو جحده لأن المعاينة التصويرية قرينة على أن ذلك الاعتراف قد صدر منه بمحض إرادته ومن ثم يكون الدفع غير سديد ولا محل له.

الدفع بعدم جدية التحريات وبطلانها

وحيث أنه عن الدفع بعدم جدية التحريات وبطلانها فمردود ذلك أن المقرر أن للمحكمة أن تزن أقوال الشهود وتقدرها التقدير الذى تطمئن إليه بغير معقب ولما كانت المحكمة تطمئن إلى ما شهد به الضابط مجرى التحريات لكونها قد جاءت صريحة وواضحة ومتفقة مع ماديات الجريمة ومن ثم فإن المحكمة تأخذ بها وتعول عليها فى شأن حصول الواقعة وارتكاب المتهم لها على نحو ما استقرت فى يقين المحكمة. 

حيث أن المحكمة وقد اطمأنت إلى أدلة الثبوت وإلى صحة الواقعة وإسنادها للمتهم حسبما وردت بأقواله بتحقيقات النيابة العامة فإنها تعرض عن إنكاره بجلسة المحاكمة وتلتفت عما أثاره الدفاع من أوجه دفاع أخرى قوامها التشكيك فى صحة الواقعة وإسنادها إليه وفى أدلة الإثبات سالفة الذكر والتى وثقت فيها المحكمة واطمأنت إليها وعولت عليها فى التدليل على ثبوت الاتهام قبله ، ذلك أنه من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة بتتبع دفاع المتهم الموضوعى والرد على كل شبهة يثيرها الدفاع على استقلال إذ أن الرد مستفاد من أدلة الإثبات سالفة الذكر ، ومن ثم لا يسع المحكمة إلا طرح هذه الدفوع وعدم التعويل عليها اطمئنانا منها إلى صحة الواقعة وإسنادها إلى المتهم . 

وحيث أنه تأسيسا على ما سبق، ومتى كانت المحكمة قد استبانت ما تقدم فإنه يكون قد ثبت لديها على وجه القطع واليقين أن المتهم حسام الدين رزين لأنه فى يوم 28/11/2022 بدائرة قسم شرطة الهرم                        محافظة الجيزة

  1. قتل جدته المجنى عليها محاسن سلامة، عمدا مع سبق الإصرار، ذلك أنه لمروره بضائقة مالية محكمة ، لم يجد سبيلا للحصول على المال سوى قتل أقرب الناس إليه " جدته لإمه التى تولت تربيته وتنشئته " ففكر وتدبر وفى سبيل تنفيذه المصمم عليه وضغ الخطة الشيطانية، إذ اصطحبها إلى مسكنه وما أن جلسا حتى باغتها بتطويق عنقها بكلتا يديه بقوة قاصدا من ذلك إزهاق روحها، فأحدث بها الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياتها.. وكان القصد من ارتكاب جناية القتل التأهب لارتكاب جنحة سرقة – هى أنه فى ذات الزمان والمكان :

**سرق المصاغ الذهبى المبين وصفا وقدرا بالتحقيقات والمملوك للمجنى عليها المذكورة على النحو المبين بالتحقيقات الأمر المعاقب عليه بالمادة 317/ أولا من قانون العقوبات .

**ومن ثم يتعين إدانته عملا بنص المادة 304/2 من قانون الإجراءات الجنائية وعقابه طبقا للمواد 230 ، 231 ، 234/1 ، 2 من قانون العقوبات . 

**وحيث أنه عن المصاريف الجنائية فإن المحكمة تلزم بها المحكوم عليه عملا بنص المادة 313 إ.ج

**وحيث أنه عن الدعوى المدنية وكان من المقرر قانونا أن كل حكم يصدر فى موضوع الدعوى الجنائية يجب أن يفصل فى التعويضات التى يطلبها المدعى بالحقوق المدنية إلا إذا رأت المحكمة أن الفصل فى التعويضات يستلزم إجراء تحقيق خاص يترتب عليه إرجاء الفصل فى الدعوى الجنائية فتحيل المحكمة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة ، ولما كانت الدعوى المدنية التى أقيمت بطلب الحكم بإلزام المتهم بأن يؤدى للمدعى بالحق المدنى تعويضا نهائيا وكان هذا الأمر يتطلب من المحكمة إجراء تحقيق خاص يؤدى إلى تعطيل الفصل فى الدعوى الجنائية ، ومن ثم فإن المحكمة عملا بحقها المقرر فى المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية تقضى بإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة مع إرجاء الفصل فى مصروفاتها لحين الفصل فى موضوعها .

فلهذه الأسباب

وبعد الاطلاع على المواد سالفة الذكر :

حكمت المحكمة حضوريا وبإجماع الآراء بمعاقبة حسام الدين عبد السميع عبد الرحمن رزين بالإعدام وألزمته المصاريف الجنائية ، وبإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة .

تم نسخ الرابط