النقض تنهى النزاع حال تعدد المشترين لعقار واحد بـ"عقود عرفية": الأحقية لمن تسلم من البائع مباشرة.. ولا يجوز نزع العين من تحت يده وتسليمهما لمشترى أخر من ذات البائع إلا بعد التسجيل وثبوت الأفضلية
أصدرت الدائرة المدنية بمحكمة النقض – حكما قضائيا يهم ملايين المتعاملين بالعقود الإبتدائية العرفية، ينهى النزاعات القائمة بين المتعاقدين في حال تعادل السندات الملكية العرفية، ويرسخ لعدة مبادئ قضائية حول العقود الغير مسجلة، قالت فيه: " حال تعدد المشترين وتعادل سندات المشترين لعقار واحد تكون الأفضلية لمن سبق بالتسجيل وليس من سبق بإتمام عملية الشراء، لأن الملكية لا تنتقل إلى المشترى إلا بتسجيل عقد البيع وأن العقد الذي لم يسجل لا ينشئ إلا التزامات شخصية بين طرفيه، فإذا لم يسجل المشتري من المورث عقده فلا تنتقل اليه الملكية، ويبقى العقار على ملك المورث وينتقل منه إلى ورثته".
نص المبدأ:
الملكية لا تنتقل إلى المشترى إلا بتسجيل عقد البيع وأن العقد الذي لم يسجل لا ينشئ إلا التزامات شخصية بين طرفيه، فإذا لم يسجل المشتري من المورث عقده فلا تنتقل اليه الملكية، ويبقى العقار على ملك المورث وينتقل منه إلى ورثته، فإذا تصـرف الوارث بالبيع بعد ذلك في ذلك العقار، فإنه يكون قد تصرف فيما يملك تصرفاً صحيحاً وإن كان غير ناقل للملكية لعدم تسجيل العقد، فعقد البيع الصادر من المورث والوارث يعد صحيحاً ولا تكون الأفضلية بينهما إلا بالتسجيل، كما أنه من المقرر أنه متى تعادلت سندات المشترين لعقار واحد بأن كان عقد شراء كل منهما ابتدائياً، فإن تسلم أحدهما العقار من البائع تنفيذاً للالتزامات الشخصية التي يرتبها العقد بينهما، لا يجوز معه نزع العين من تحت يده وتسليمهما إلى المشترى الآخر من ذات البائع إلا بعد تسجيل عقده وثبوت أفضلية له في ذلك.
صدر الحكم في في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 13745 لسنة 92 قضائية، برئاسة المستشار ممدوح القزاز وعضوية المستشارين كمال عبد الله ومراد أبو موسى وأحمد يوسف الشناوي وأحمد توني بحضور إبراهيم لاشين رئيس النيابة بأمانة سر محمود مدين.
نزاع بين ورثة المالك وطرفى شراء حول شراء أرض زراعية
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت على الطاعنة الرابعة عن نفسها وبصفتها وصية على القاصرين "محمد. أ" و"هاجر. أ" – الطاعنين الخامس والسادسة - وباقي الطاعنين ومورثة المطعون ضدهم ثانياً- بعد إدخالها في الدعوى - الدعوى رقم 94 لسنة 2014 مدني محكمة المنيا الابتدائية - مأمورية العدوة - بطلب الحكم بطردهم من الأراضى الزراعية الموضحة الحدود والمعالم بالصحيفة مع التسليم على سند من القول أنها تمتلك أرض التداعي بموجب عقد البيع المؤرخ 29 مايو 2006 الصادر لها من المرحوم / صالح أحمد رمضـان - مورثها ومورث الطاعنين من الرابعة حتى السـادسـة - وتضع يدها عليها وتؤجرها لآخرين.
وإذ تعرضت لها الطاعنة الرابعة عن نفسها وبصفتها وصية على القاصرين سالفي الذكر، ووضعت يدها عليها دون سند وقامت ببيعها إلى الطاعنين من الأول حتى الثالث ومورثة المطعون ضدهم بالبند ثانياً بموجب عقود بيع عرفية، ومن ثم فقد أقامت الدعوى ندبت المحكمة خبيراً، وأودع تقريره، وجهت المطعون ضدها الأولى طلبا عارضـاً بإضافة طلب الحكم بعدم نفاذ وبطلان عقود البيع الأربعة المؤرخة 13 أكتوبر 2006/ 16 أكتوبر 2006/ 28 أكتوبر 2006 الصـادرة من الطاعنة الرابعة إلى الطاعنين الثلاثة الأوائل في مواجهتها.
المحكمة تفصل بين عقدين كلاهما إبتدائى عرفى "غير مسجل"
وفى تلك الأثناء - حكمت المحكمة بعدم نفاذ وبطلان عقود البيع سالفة البيان في مواجهة المطعون ضدها الأولى وطرد الطاعنين ومورثة باقي المطعون ضدهم من مساحة 12 س 6 ط وبإلزام الطاعنة الرابعة بالتسليم بحكم إستأنفه الطاعنون بالاستئناف رقم 319 لسنة 51 ق بني سويف -مأمورية المنيا – كما استأنفه المطعون ضدهم ثانياً أمام ذات المحكمة بالاستئناف رقم 2305 لسنة 2 قضائية، كما استأنفته المطعون ضدها الأولى فرعيا بالاستئناف رقم 434 لسنة 51ق، ضمت المحكمة الاستئنافات الثلاثة، وبتاريخ 29 أغسطس 2016 قضت في الاستئنافين رقمي 319 لسنة 51ق، 434 لسنة 1 5ق بتأييد الحكم المستأنف، وفي الاستئناف الفرعي رقم 2305 لسنة 52 قضائية بعدم جواز الاستئناف، طعن الطاعنون من الأولى حتى الرابعة في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 15344 لسنة 86 قضائية، وبتاريخ 5 نوفمبر 2017 قضت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه.
وأحالت القضية إلى محكمة استئناف بنى سويف – مأمورية المنيا – عجل الطاعنون السير في الاستئنافات أمام المحكمة المذكورة، ضمت المحكمة الاستئناف رقم 3866 لسنة 52 ق بني سويف – مأمورية المنيا - المقام من الطاعنة الرابعة عن نفسها وبصفتها وصية على القاصرين محمد وهاجر صالح - الطاعنين الخامس والسادسة- وأحالت المحكمة الاستئناف للتحقيق وبعد أن استمعت لشهود طرفي التداعي حكمت بتاريخ 24/4/2022 بتأييد الحكم المستانف، طعن الطاعنون في هذا الحكم بالنقض للمرة الثانية، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
مذكرة الطعن تستند إلى 10 أسباب لإلغاء الحكم
استندت مذكرة الطعن على عدة أسباب لإلغاء الحكم حيث ذكرت - وحيث إن الطعن أقيم على 10 أسباب ينعى الطاعنون بالوجه الرابع من السبب التاسع منها على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال إذ قضى ببطلان عقود البيع المؤرخة 13 أكتوبر 2006/ 16 أكتوبر 2006/ 28 أكتوبر 2006 وعدم نفاذها في مواجهة المطعون ضـدها الأولى، وطرد الطاعنين من الأول حتى الثالث من أطيان التداعي وتسليمها إلى المطعون ضدها الأولى رغم تعادل سند ملكيتها وهوعقد البيع العرفي الغير ناقل للملكية لعدم تسجيله الصادر لها من المالك الأصلي مع عقود البيع العرفية سند ملكية الطاعنين سـالفي الذكر الصـادرة لهم من الطاعنة الرابعة أحد ورثة المالك الأصـلي والتي يضعون اليد بموجبها على أطيان النزاع، ومن ثم لا يجوز نزعها من تحت يدهم وتسليمها لها لعدم ثبوت أفضلية لعقدها، وإذ خالف الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه ذلك وقضى بالتسليم، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت: إن هذا النعي في محله، ذلك أن المقرر - في قضـاء هذه المحكمة – أن مؤدى نص المادة التاسعة من القانون رقم 114 لسنة 1946 أن الملكية لا تنتقل إلى المشترى إلا بتسجيل عقد البيع وأن العقد الذي لم يسجل لا ينشئ إلا التزامات شخصية بين طرفيه، فإذا لم يسجل المشتري من المورث عقده فلا تنتقل اليه الملكية، ويبقى العقار على ملك المورث وينتقل منه إلى ورثته فإذا تصـرف الوارث بالبيع بعد ذلك في ذلك العقار، فإنه يكون قد تصرف فيما يملك تصرفاً صحيحاً وإن كان غير ناقل للملكية لعدم تسجيل العقد، فعقد البيع الصادر من المورث والوارث يعد صحيحاً ولا تكون الأفضلية بينهما إلا بالتسجيل، كما أنه من المقرر أنه متى تعادلت سندات المشترين لعقار واحد بأن كان عقد شراء كل منهما ابتدائياً، فإن تسلم أحدهما العقار من البائع تنفيذاً للالتزامات الشخصية التي يرتبها العقد بينهما، لا يجوز معه نزع العين من تحت يده وتسليمهما إلى المشترى الآخر من ذات البائع إلا بعد تسجيل عقده وثبوت أفضلية له في ذلك.
وتضيف "المحكمة": لما كان ذلك - وكان الثابت من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى أن أرض التداعى وضـع يد الطاعنين من الأول حتى الثالث بموجب عقود البيع العرفية المؤرخة 13 أكتوبر 2006/ 16 أكتوبر 2006/ 28 أكتوبر 2006 الصادرة لهم من أحد ورثة المالك الاصلي لها وهي الطاعنة الرابعة، وأن سند ملكية المطعون ضدها الأولى هو عقد البيع العرفي المؤرخ 29 مايو 2006 الصادر لها من المالك الأصلي والذي لم ينفذ على الطبيعة ولم يسجل، مما مقتضاه بقاء أرض التداعي على ملك المالك الأصـلي، وانتقالها إلى ورثته من بعده بمجرد وفاته، ويكون لهم الحق في التصرف فيها للبيع، وإزاء ذلك فإن تصرف تصرف الطاعنة الرابعة وهي أحد ورثة المالك الأصلي فيها بالبيع للطاعنين سالفي الذكر بموجب عقود البيع سالفة البيان يعد تصرفاً صحيحاً صـادراً من مالك، ومن ثم فلا محل للمفاضلة بين عقود الطرفين لتعادل السندات، ولا يجوز نزعها من تحت يد الطاعنين الثلاثة الأوائل وتسليها للمطعون ضدها الأولى إلا بعد تسجيل الأخيرة عقدها وثبوت أفضلية لها بذلك.
المحكمة تقر نقل الملكية لصاحب الأسبقية بالتسجيل لا الشراء
وتشر "المحكمة": وإذ خالف الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر وقضـى ببطلان عقود البيع سند ملكية الطاعنين من الأول حتى الثالث وعدم نفاذها في مواجهة المطعون ضدها الأولى تأسيساً على صدورها من غير مالك للأطيان المبيعة، وذلك لعدم دخولها تركة المالك الأصلي لها – مورث البائعة لهم – لسبق تصرفه فيها حال حياته بالبيع للمطعون ضدها الأولى بموجب عقد البيع العرفي المؤرخ 29 مايو 2006 ورتب على ذلك قضـاءه بنزعها من تحت يدهم وتسليمها للمطعون ضدها الأولى رغم تعادل سنداتهم، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه مما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
يذكر أن المحامي بالنقض علاء الدين الدسوقي هو من قام بكتابة مذكرات الطعن بالنقض وترافع أمام المحكمة في جلستي الشق المستعجل و المرافعة.