الخميس 07 نوفمبر 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

آليات تطوير التفكير الفقهي

دكتوراه بمرتبة الشرف الأولى بجامعة القاهرة يناقشها عضو مجمع البحوث الإسلامية

لجنة المناقشة
لجنة المناقشة

 
 
بحضور جمع من المعنيين والمتخصصين والباحثين  في مجال الدراسات الفقهية و التشريعية والقانونية  يتقدمهم الدكتور علي عبد القادر رئيس قسم الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة والدكتور محمود الصاوي استاذ الفكر الإسلامي والوكيل السابق لكليتي الدعوة والإعلام بجامعة  الازهر بالقاهرة  واللواء الدكتور حسن عبد المنعم نائب المدير العام لمؤسسة نفرتاري التعليمية الدولية  نوقشت بكلية دار العلوم - جامعة القاهرة،  رسالة الدكتوراه المقدمة من الباحث / أحمد صلاح لاوندي.  
عنوان الرسالة: (دور التقليد في بناء المذا هب الفقهية وأثرها في تطوير التفكير الفقهي) 
 

موضوع الرسالة: 
 

شاع استخدام مصطلح "التقليد" في كتب أصول الفقه ليشير إلى "قبول قول الغير من غير حجة ملزمة" وارتبط هذا المصطلح بادعاء يزعم أن الفقه الإسلامي قد أصابه الجمود والخمول والضعف والتراجع، وأن باب الاجتهاد قد أُغلق، وأن حركة النشاط الفقهيّ التي امتدت خلال العصور التي أعقبت تأسيس المذاهب الفقهية ما هي إلا "تقليد" محض.
وزاد اهتمام الأصوليين ببيان الأسس النظرية للتقليد، وأفردوا بابا في كتبهم يجمع بين مصطلحي (الاجتهاد والتقليد)، وذلك على اعتبار أن التقليد نقيض الاجتهاد، فكثرت الآراء حول التقليد، ودأب كثير من الفقهاء على ذمّه، والانتقاص من قيمته، والتقليل من دوره، وكذلك انتشرت الآراء التي توجه إليه الاتهام بأنه السبب في جمود الفقه الإسلامي وعجزه، ووقع اضطرابٌ واضحٌ في مفهوم وظائف التقليد والدور الذي يقوم به داخل منظومة التشريع الإسلامي.
 

والسبب في وقوع هذا الاضطراب من وجهة نظري هو أن دلالة مصطلح التقليد قد اتسعت لتشمل علاقة العوام بالفقهاء، وعلاقة الفقهاء بالفقهاء السابقين من أئمة المذاهب والفقهاء البارزين على مر العصور، وهنا كان لا بد من إزالة الالتباس الذي وقع في مفهوم نوعين من (التقليد): 
النوع الأول: التقليد المجرد الذي لا يستند فيه المقلد إلى علمٍ بأسس الشريعة، أو معرفةٍ بأدلة الأحكام وطرق استنباطها، وقد اختص الفقهاء هذا النوعِ بالعاميّ، وهذا النوع من التقليد ليس موضوعَ هذه الدراسة.
أما النوع الثاني فهو التقليد المستبصر -وفقًا لتعبير الإمام الشاطبي رَحِمَهُ لله - الذي يفيد التزامَ الفقيه بالأحكام الفقهية مع الفهم الكامل لأدلتها، ومعرفة قواعد استنباطها، وإدراك طرق تحقيق المناط، وإنزالها على الوقائع والمستجدات. 
وانطلاقاً من المفاهيم السابقة اخترت أن تكون هذه الدراسةُ بعُنوان: (دور التقليد في بناء المذاهب الفقهية وأثره في تطوير التفكير الفقهي)، ليكون عنوان دراستي المقدمةِ لنيل درجة الدكتوراه في الشريعة الإسلامية.

 

وقد اشتملت الرسالة علي مقدمة، وخمسة فصول، وخاتمة.
المقدمة تتناول التعريفَ بالموضوع، وأهميته، وأسبابَ اختياره، وشرحَ خطته، والمنهج المتبع في الدراسة.  
والفصل الأول جاء بعنوان: حركة النشاط الفقهي بين التقليد والاجتهاد.
والفصل الثاني بعنوان: دور التخريج في بناء المذاهب الفقهية.
والفصل الثالث بعنوان: الترجيح ودوره في بناء المذاهب الفقهية. 
والفصل الرابع بعنوان: دور التلفيق في تطوير الفكر الفقهي
والفصل الخامس بعنوان: دور التنظير والتقنين والإفتاء والقضاء في تطوير التفكير الفقهي.
والخاتمة بها أهم نتائج البحث.
وانتهت الرسالة بأهم التوصيات.


أهداف الدراسة:
 

أولا – بيانِ مفهومِ "التقليد الفقهي" ووظائفِه، والتأكيد على أنه يمثل ضرورةً فقهيةً لازمةً للتعرف على الأحكامِ الشرعيةِ وطرقِ استنباطها، وبيان براءة التقليد من تهمة الضعف والكسل والتراجع والجمود.
ثانيا - التأكيدِ على وجود تلازمٍ بين حركتي الاجتهاد والتقليد داخلَ منظومة عمل الفقه الإسلامي، فالاجتهاد ليس بابًا يُسد ويُفتح، بل هو حركة متجددة، وسمة راسخة من سمات الفقه الإسلامي لا تنفك عنه إلى قيام الساعة. والتقليد ضرب من الاجتهاد، له وظيفته الضرورية في النشاط الفقهي، ولا غنى عنه في معرفة الأحكام، ونقل الآراء والفتاوى، والقيام بوضع النظريات الفقهية والتقنينات الحديثة.
ثالثا- تعيينِ وظائفِ التقليدِ المختلفة من خلال آلياته المنضبطة وهي "التخريج"، و"الترجيح"، و"التلفيق". وكذلك ما أنتجه التقليد في العصر الحديث من "التنظير الفقهي والتقنين" وبيان ما تحقق بفضل هذه الآليات من تطوير للتفكير الفقهي.

 

وقد أجابت الرسالة عن أسئلة مهمة، وهي:

 

- ما الالتباس الذي حدث في مفهوم "التقليد" ووظيفته؟ 
- وما العلاقة بين التقليد والاجتهاد خلال حركة النشاط الفقهي؟
- وما آليات التقليد ، وما طريقة عملها؟ 
- وما دورها في بناء المذاهب الفقهية، وتطوير التفكير الفقهي؟ 
- وإلى أي مدى أسهمت هذه الآلياتُ في إثبات قدرة منظومة التشريع الإسلامي على التطورِ والتفاعل مع واقع الناس في كل زمان ومكان بما يخدم مصالحهم ويحقق مراد الله في معايشهم.

 

وتوصلت الدراسة عدة نتائج أهمها:
 

أولا – إن فقهاء التشريع الإسلامي -على مر العصور- جمعوا بين التقليد المستبصر والاجتهاد الفقهي، ودمجوا بينهما لبناء المذاهب الإسلامية والحفاظ عليها من جهة، ولتطوير التفكير الفقهي من جهة أخرى، وقد تضمنت حركة النشاط الفقهي ما قام به أئمة المذاهب الفقهية من المجتهدين أو المنتسبين إليها ومن تبعهم من الفقهاء من جهد في استنباط الأحكام الفقهية، ووظفوا لذلك آلياتٍ منضبطة بدأت "بالتخريج"، وبعد أن كثرت التخريجات احتاج الفقهاء إلى "الترجيح" بين الأحكام، ثم ظهرت الحاجة إلى "التلفيق" والجمع بين الآراء، ثم تطورت آليات العمل الفقهي فأنتج التقليد نهضة في "التنظير" و"التقنين"، وجميعها آليات منضبطة بضوابط الشرع، أسهمت في بناء منظومة التشريع الإسلامي، وجعلت من المذاهبِ الفقهيةِ بنيةً تشريعيةً قوية لها مؤلفاتها وفقهاؤها وآراؤها، ثم أصبح لمنظومة التشريع الإسلامي مؤسساتها الفقهية والقانونية في الإفتاء والقضاء وتحرير الأحكام وتشريعها.

ثانيا- إن دعوى سد باب الاجتهاد -على حد تعبير الإمام الإسنوي- "أكذوبة"، وهي –على حد وصف العلامة الشوكاني- "دعوة إلى نسخ الشريعة" بأكملها، وبالتالي لا يمكنُ تقبلُ فكرةِ شيوعِ أن التقليد جمود وتراجع وضعف، فالنشاط الفقهي لهذه الأمة مجادلةٌ مستمرةٌ بين النص والواقع، وهو نشاطٌ يقترن بالاجتهاد في كل وقائعه، ويبني في الوقت ذاته على ما سبق، وهذا التداخل والتضافر بين حركة الاجتهاد وحركة التقليد المستبصر هو الطريقة التي اتبعها الفقهاء والمفتون والقضاة في كل زمان ومكان للوصول إلى إصدار الأحكام والفصل في القضايا.
فكيف يُذم هؤلاء الفقهاء؟! وكيف يُذم التقليد، ويوصم بالجمود والضعف؟!
ثالثا - إن الفقه الإسلامي أثبت قوته التشريعية، وقدرته على الاستجابة لمستجدات العصور المختلفة، وذلك حينما احتك احتكاكًا مباشرًا بالنظم القانونية الأخرى، وهذه المرحلة بدأت في مطلع القرن التاسع عشر، وازدهرت في القرن العشرين، وكان من نتاجها ظهور"التلفيق" الفقهي بين مفردات المذهب الواحد في بداية الأمر، ثم تطورت الفكرة لتشمل التلفيق بين المذاهب المختلفة، ثم نهض علم "التنظير الفقهي" و"التقنين"، ليؤكد قوة الشريعة الغراء وتفوقها في مواجهة النظم القانونية الأخرى.  
رابعا - إنه لا يمكن لحركة النشاط الفقهي أن تستمر وتدوم دون وجود هَذَيْن المحركين معا: "الاجتهاد والتقليد"؛ حيث إن التقليد المستبصر يؤدي دوره - متاخما للاجتهاد - فِي استمرارية حركة النشاط الفقهي، والخروج به من الأنماط العادية التقليدية إِلَى حيز جديد من التنوير والتجديد؛ لتثبت تفوق الفقه الإسلامي وسبقه إلى أحكامٍ وتشريعاتٍ تُصلح كل جوانب الحياة، وذلك بما تتسم به من عدالة ودقة وانضباط ومراعاة لمقاصد الشريعة.

وتكونت لحنة الإشراف والمناقشة من كل من:
فضيلة الأستاذ الدكتور: أحمد علي أحمد موافي (مشرفا)
فضيلة الأستاذ الدكتور: محمود حامد عثمان (مناقشا خارجيا)
فضيلة الأستاذ الدكتور: إبراهيم محمد عبد الرحيم (مناقشا داخليا)
وبعد مناقشة علنية استمرت ثلاث ساعات تقريبا قررت اللجنة منح الباحث أحمد صلاح لاوندي درجة الدكتوراه في الشريعة الإسلامية بمرتبة الشرف الأولى.

تم نسخ الرابط