بعد مذكرات الاعتقال ضد قادة في إسرائيل وحماس.. نظرة على المحكمة الجنائية الدولية
أصدرت المحكمة الجنائية الدولية، اليوم الخميس، مذكرات اعتقال بحق رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه يوآف جالانت، والقيادي في حركة "حماس" محمد الضيف.
وذلك في خطوة من شأنها أن تثير تساؤلات عالمية حول مدى قدرة المحكمة على محاسبة الأفراد المسؤولين عن الجرائم الدولية المرتكبة في النزاعات المسلحة المستمرة، هذه المذكرة تأتي في وقت حساس حيث يشهد الصراع في منطقة الشرق الأوسط تصعيدًا مستمرًا ومعقدًا.
والسؤال الأبرز ما هو الدور الذي تلعبه المحكمة الجنائية الدولية في محاسبة الأفراد المتهمين بارتكاب الجرائم الدولية، وكيف تضمن تحقيق العدالة في النزاعات المسلحة؟
المحكمة الجنائية الدولية: مهامها وصلاحياتها
تعتبر المحكمة الجنائية الدولية الهيئة القضائية الأممية المختصة بمقاضاة الأفراد المتهمين بارتكاب الجرائم الأكثر فداحة في حق الإنسانية، مثل الإبادة الجماعية، جرائم الحرب، الجرائم ضد الإنسانية، والعدوان، تأسست المحكمة بموجب نظام روما الأساسي الذي وقعته الدول الأعضاء في عام 1998، ليصبح ساريًا في عام 2002.
تتسم المحكمة الجنائية الدولية بأنها محكمة الملاذ الأخير، حيث تتدخل فقط عندما تفشل المحاكم الوطنية في التحقيق في الجرائم أو تمتنع عن محاكمة المتهمين، وهي لا تتدخل في القضايا التي يتم معالجتها من قبل السلطات القضائية المحلية في الدول المعنية ما لم يثبت فشلها في توفير العدالة أو تغاضيها عن الجرائم المرتكبة.
كيفية عمل المحكمة الجنائية الدولية
على الرغم من أنها تعتبر واحدة من أبرز المنظمات القضائية الدولية، فإن المحكمة الجنائية الدولية لا تمتلك جهاز شرطة أو جيشًا خاصًا بها.
وبدلاً من ذلك، تعتمد المحكمة على الدول الأعضاء في إلقاء القبض على المشتبه بهم وتسليمهم إلى لاهاي حيث مقر المحكمة. وبالتالي، فإن أوامر القبض التي تصدرها المحكمة تبقى سارية المفعول مدى الحياة ما لم يُقرر القضاة خلاف ذلك، مما يجعلها أداة دائمة في ملاحقة مرتكبي الجرائم الدولية.
إجراءات التحقيق والمحاكمة
تتمتع المحكمة الجنائية الدولية بآلية شاملة لتحقيق العدالة. عندما يتلقى مكتب المدعي العام معلومات حول ارتكاب جرائم جسيمة، يبدأ التحقيق في تلك الجرائم. يقوم المدعي العام بجمع الأدلة والشهادات، وتحليلها، ومن ثم يقدمها إلى المحكمة في محاولة لإثبات دليل الجريمة.
بعد جمع الأدلة، إذا كانت هناك أدلة كافية، يُصدر القضاة أوامر القبض أو الحضور أمام المحكمة ضد المشتبه بهم. حالما يُنقل المتهمون إلى المحكمة أو يوافقون طواعية على الحضور، تتم محاكمتهم وفقًا للمعايير الدولية التي تضمن حقوقهم، بما في ذلك الحق في الدفاع والتمثيل القانوني.
الدور الهام للمحامين والدفاع
من المبادئ الأساسية التي تقوم عليها محاكمة المحكمة الجنائية الدولية أن المتهمين يُعتبرون أبرياء حتى تثبت إدانتهم. ولهذا، يتم تمثيل كل متهم من خلال محامي دفاع، الذين يضمنون حماية حقوقه في جميع مراحل المحاكمة يُسمح للمتهمين أيضًا بتقديم الأدلة والشهادات، كما يحق لهم استدعاء الشهود وتقديم دفاعهم ضد التهم الموجهة إليهم.
وفي حال كان المتهم غير قادر على تحمل نفقات الدفاع، فإن المحكمة توفر له مساعدة قانونية لضمان الحصول على محاكمة عادلة. كما يمكن للمجني عليهم، أو الضحايا، المشاركة في الإجراءات القضائية عبر محامين خاصين، مما يتيح لهم المطالبة بتعويضات عن الأضرار التي لحقت بهم.
الآلية القضائية في المحكمة الجنائية الدولية
تتكون المحكمة من 18 قاضيًا منتخبين لمدة تسع سنوات هؤلاء القضاة يضطلعون بمهمة النظر في القضايا المختلفة واتخاذ القرارات النهائية في المحاكمات، بما في ذلك إصدار الأحكام والقرارات بشأن الجبر للضحايا. كما أن القضاة مسؤولون عن حماية حقوق المتهمين خلال المحاكمة وضمان نزاهتها.
بعد أن يُقدِّم المدعي العام دفاعه ويستعرض الأدلة، يتم إعطاء الفرصة للمدافع لتقديم المرافعة الختامية، تُختتم المحاكمة بمرافعة الدفاع، ومن ثم يصدر القضاة حكمهم النهائي إذا تم إثبات إدانة المتهم، يمكن للقضاة إصدار أحكام بالسجن قد تصل إلى 30 عامًا أو في بعض الحالات الاستثنائية، قد يصل الحكم إلى السجن مدى الحياة.
مذكرة الاعتقال
الإشارة إلى الدور المستقبلي للمحكمة الجنائية الدولية القرار الأخير من المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرات اعتقال بحق كبار المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين يأتي في وقت حساس، حيث لا يزال الوضع في الشرق الأوسط يشهد تصعيدًا مستمرًا في النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين.
هذا يثير تساؤلات حول كيفية تأثير هذه المذكرات على تطور المسار السياسي في المنطقة، وعلى قدرة المحكمة الجنائية الدولية في فرض العدالة رغم التحديات السياسية والدولية التي قد تواجهها.