يقينا لن أستطيع فى هذه السطور أن ألقى الضوء على كل القضايا التى خاضتها "عقيدتى" على مدى تاريخها الممتد، ولكنها إشارات لما قدمته وتقدمه، بفضل الله أولا.. ثم بفضل جهد كتيبة المحررين التى أخلصت لهذا الإصدار الدينى المتميز واستطاعت أن تضع له قدما راسخة فى بلاط صاحبة الجلالة، منذ صدورها، وحتى تولى الزميل الأستاذ محمد الأبنودى مسئولية هذا الإصدار كأول رئيس تحرير من أسرة تحرير "عقيدتى"، بعد أن تناوب عليها قبل ذلك رؤساء تحرير من الزملاء فى "الجمهورية" الجريدة الأم.
لقد خاضت "عقيدتى" على مدى هذا التاريخ الذى بلغ 32 عاما، العديد من المعارك مع الأفكار المسمومة التى تبثها الجماعات المتطرفة دينيا، وعلى ذات المستوى وبالقوة نفسها واجهت دعاوى الانحلال الخلقى وهدم الثوابت الراسخة فى الوجدان المصرى، وكذلك كانت عقيدتى" - وما زالت – حربا على الدجالين والمشعوذين والسحرة وأدعياء العلاج بالقرآن الكريم.
ولم تكتف "عقيدتى" بالنشر على صفحاتها كل ما يخدم الدين والوطن، ولكنها انتقلت إلى اللقاءات الجماهيرية مع الشباب والشيوخ والسيدات من خلال الندوات الدينية التى تعقدها منذ العام الأول من صدورها وحتى الآن فى المساجد والنوادى الرياضية ومراكز الشباب والمدارس والجامعات، وذلك بالتعاون مع وزارتى الأوقاف والشباب.
ليس هذا فحسب الذى تقدمه "عقيدتى" على مدى تاريخها المشرف، بل خاضت العديد من المعارك الفكرية.. وتصدت للتطرف الدينى والعلماني والإلحادى على حد سواء، وكذلك تصدت للمجون والخلاعة والتحرر من تعاليم الدين الحنيف، وانتصرت لقضايا المرأة من منظور الاعتدال والوسطية دون إفراط أو تفريط.
وقد ارتبطت ارتباطا وثيقا بصحيفة "عقيدتى" على مدى تاريخى الصحفى الممتد حيث قضيت بها أكثر من ثلاثين عاما، إذ كانت هى الصحيفة التى شاركت فى أولى خطوات إنشائها وتأسيسها، وكنت أول معين بها، بعد رحلة امتدت لأكثر من سبع سنوات فى التدريب واكتساب الخبرة فى أكثر من صحيفة قومية وحزبية، وبحكم دراستى الأزهرية كان ميولى للعمل بالصحافة الدينية، وحين كلف الأستاذ سمير رجب رئيس مجلس الإدارة آنذاك، زميله الأستاذ مؤمن الهباء بتكوين فريق العمل والتخطيط لإصدار "عقيدتى"، كنت أول من اتصل به الأستاذ مؤمن للمعاونة فى هذا الأمر، وبعد تشكيل كتيبة المحررين وتبويب الصفحات، فوجئت بالأستاذ مؤمن الهباء يقرر السفر للملكة العربية السعودية إذ توفرت له فرصة عمل هناك يصعب رفضها وسافر بالفعل، فتم تكليف الأستاذ السيد عبد الرؤوف ـ رحمه الله ـ بتولى مسئولية الاستمرار فى العمل على إصدار أول صحيفة دينية تصدر عن مؤسسة قومية، وبالفعل خرجت "عقيدتى" للنور فى الثلاثاء الأول من ديسمبر عام 1992م وقد كان لصدورها ردود فعل متباينة حيث استقبلها التيار الدينى الوسطى بالترحاب، وساندتها المؤسسة الدينية المتمثلة فى الأزهر الشريف، ووزارة الأوقاف، ودار الإفتاء، فى حين هاجمها التيار المتشدد وبعض رموز الجهل والضلال من قيادات جماعة الإخوان الإرهابية.
وقد لاقت "عقيدتى" - منذ صدورها وما زالت – عداء شديدا من التيار العلمانى المتطرف الذى اعتبر صدورها شريانا جديدا ينبض بقوة فى خدمة الدين الحنيف، وهذا قطعا يناقض توجهات هذا التيار الذى يسعى إلى التحرر من قيد الأديان، ناهيك عن التيار اليسارى والإلحادى الذى يناصبنا شديد العداء، ويتمنى لو أن "عقيدتى" تختفى من الساحة الإعلامية.
أسأل الله أن تستمر "عقيدتى" فى الصدور وتبقى فى أداء رسالتها التى لا غنى عنها، وألا يجرى عليها ما جرى لصحف أخرى ورقية صارت أثرا بعد عين، ولم يعد لها وجود إلا على المنصات الإليكترونية.