ads
الأحد 22 ديسمبر 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

من يتابع حياة الدكتور طه حسين الفكرية يحار في أمره، وبخاصة موقفه من القضايا التي لها علاقة بالإسلام، فهو فيها يظهر على طرفي نقيض، فبينما نجده يطعن في نصوص القرآن حيث يرى أن ما جاء في القرآن من قصص عن إبراهيم وابنيه إسماعيل وإسحاق  عليهم السلام من وضع محمد- صلى الله عليه وسلم- ليثبت من خلالها أن العرب واليهود أبناء عمومة بنصوص قرآنيه بغرض أن يُخَلِّي اليهود بينه وبين قتال المشركين، فهم بصفتهم أبناء عمومة لايجوز لهم أن يقاتلوه، بل إنه ذهب أبعد من ذلك فادعى أن ذهاب إبراهيم بإسماعيل وأمه إلى مكة أسطورة، لإثبات أن من العرب أمة مستعربة ينتسب إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كما أن قضية الانتحال التي أثارها في كتابه ( في الشعر الجاهلي) ، والذي أكد  فيه أنه لا يوجد شعر جاهلي، وأن ما يقال عنه شعر جاهلي، فهو شعر قاله شعراء إسلاميون ثم نسبوه للجاهليين،  ورغم أن القضية في ظاهرها أدبية إلا أنها تحمل في باطنها الطعن في إعجاز القرآن الكريم، لأنه إذا لم يوجد نص صحيح للعرب الذين نزل القرآن ليتحداهم، فقد أصبح القرآن كلاما كالكلام حتى نأتي بنص صحيح النسب للجاهليين لتعقد بين وبين القرآن موازنة يتبين من خلالها إعجاز القرآن الكريم.
كما نجد له قصيدة، تجعلك وأنت تقرأ كل عبارة منها، تستغفر الله، وتتوب إليه، مما تتضمنته من معاني الكفر والإلحاد البواح في مخاطبته للذات الإلهية، وقد جاء عنوانها: " كنت أعبد شيطانا"، وفيها يقول:

كنت أظـن أنك المــضـلُ**
وأنك تهـدي من تـشاء

الضـار المقيت المــذلُ**
عن صـلف وعن كبـرياء

جـبــــار البـــأس تُـكِنُّ**
للنـــاس مـكــراً ودهــاء

تقـطع أيـــادي السـارقين**
وترجم أجساد النساء

تـقيم بالســـيف عــدلاً **
فـعدلك في سفك الدمـاء

فيا خـالق القاتـلين قـل**
لي أين هو إله الضعفاء

لوكنت خــالـق الكل ما**
حــرمت بعضهم الــبقاء

وما عساك من القــتل تج **
ني غير الهدم والفناء

فهل كنت أعبـد جـزاراً **
يسحق أكباد الأبـرياء ؟

أم كنـت أعبـد شيـطاناً**
أرسل إلينا بخاتم الأنبياء

حسبتُ الجنه للمجاهدين**
سيسكن فيها الأقوياء

تمـــرٌ وعـــنبٌ وتـــيـنٌ**
وأنهـار خمــرٍ للأتـقياء

خير مـلاذ لجـائـعين عا**
شـوا في قـلب الصحراء

وأسِرَّةٌ من ياقــوت ثمين**
وحور تصدح بالغنـاء

نحن عاشـقات المـؤمنين**
جـئنا ولـبـينا النـــداء

جزاكم الله بنا فأنـظروا**
كيف أحسن الله الجـزاء

هل جنـتك كــفاحٌ وصـيا**
حٌ وإيـلاجٌ دون إنــثناء

تجدد الحـور الثيب بكراً**
وأنت من تقوم بالرْفاءِ

هل كـنت أعــبدُ قـواداً يل**
هـو في عقول الأغبياء

أم كنـت أعبـد شيـطاناً**
أَرْسل إلينا بخاتم الأنبياء.
وقد قال بعض المدافعين عن طه حسين أن هذه القصيدة ليست له، وإنما قالها صحفي ونسبها إليه، ونحن نتساءل إذا كان طه حسين لم يقل هذه القصيدة الخطيرة التي تطعن في عقيدته طعنا صريحا فلماذا لم يعلن براءته منها؟ بل كان عليه أن يقاضي هذا الصحفي الذي لم نعرف اسمه ولا الصحيفة التي كان يعمل بها، وهذا من حق طه حسين فليس بعد الطعن في العقيده شيء أهم يستحق أن يدافع عنه، ولكنه للأسف لم يثبت أنه فعل شيئا من ذلك.
وفي ظل هذه الحالة التي تدعو إلى الشك في عقيدة طه حسين، نجده في الطرف المقابل، يجعل من القرآن قولا فوق كل قول عرفه العرب، فيقول؛ إن فنون القول تنقسم إلى ثلاثة أقسام ، شعر ، ونثر ، وقرآن ، أي أنه يجعل القرآن قولا مستقلا بأسلوبه وبيانه فلا يجاريه في تفوقه شعر ولا نثر. 
ثم نجده يكتب على هامش السيرة، الذي تحدث فيه عن شخصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في إجلال وإكبار.
كما انه في عام 1955 أثناء توجهه للسعودية في جولة ثقافية قام بأداء مناسك الحج، وقيل: إنه لما قدم المدينة لزيارة المسجد النبوي، ومقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فبمجرد أن وطئت قدماه أرض المدينة صام عن الكلام مع أي أحد حتى مع مرافقيه، فلما انتهت الزيارة، سألوه عن سبب ذلك؟ فقال: " ألم تسمعوا قول الله تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ].
ويبقى طه حسين في هذا الجانب من فكره لغزا يحتاج كشاف عن الحقيقة بموضوعية شديدة.

تم نسخ الرابط