ads
الثلاثاء 07 يناير 2025
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

 أنا وأمي والجمهورية.. حكاية السنين

شكر الله سعيكم وعظم أجركم جميعا ولا أراكم الله مكروهافي عزيز لديكم و"إنا لله وإنا إليه راجعون".

‏منذ صدار جريدة الجمهورية عام ١٩٥٤ وهي تمثل جزءا من حياتنا اليومية بكل ما تعنيه الكلمة.. ابتداء من عمل جدي (أحمد بسيوني) بها حتى وفاته عام ١٩٦١ ثم بدء عمل أمي بها بعد وفاته مباشرة وهي في السابعة عشرة.

أول صورة التقطت لي وعمري ستة أشهر، كانت داخل جريدة الجمهورية، تحملني طنط نوال مدكور وحولها طنط ناهد المنشاوي وطنط نجوان محرم، والصورة الثانية على كورنيش النيل بعدسة مصور الجريدة. 

وهكذا كل أحداث حياتنا ارتبطت بصورة مباشرة وغير مباشرة بـ"الجرنان" كما كانت تسميه أمي.

كنا في صباح الأحد يوم إجازة المدرسة نتقابل أنا وأخيطارق وشريف ابن طنط نوال مذكور أمام باب الجريدة ونذهب إلى سينما مترو نحضر حفلة الأطفال صباحا وبعدها نعدي على الأمريكين نأكل كوشون ونسير حتىشركة إيديال بشارع عماد الدين ثم ننتظر أمهاتنا أمام مبني الجمهورية بشارع زكريا أحمد، ولو احتاجنا حاجة نطلب طنط "بيسة" في السويتش عشان تحول لهم التليفون أو نصعد لهم.

وكان يستقبلنا انكل ناصف سليم ببنيانه الضخم وحوله الوسيمان محمود معروف وجمال هليل ويقعد يقول لنا أكبروا شوية عشان أدخلكم فريق الكرة الطائرة معايا،وانكل  يوسف عز الدين ببنيانه  العريض، والأساتذة سمير رجب، وناجي قمحة، وجلال العريان. 

كان أول رئيس تحرير للجمهورية دخلت مكتبه، إبراهيم نوار، لسه فاكر شكله إلى الآن، ثم الاستاذ محسن محمد وطنط عصمت حامد  وطنط  فريدة عباس والاستاذ علاءالوكيل الذي ساعدني في استخراج أول رخصة قيادة، والأستاذ محمد حمودة.. والأستاذ محمد أبو الحديد، ولازم أطلع الدور الرابع أسلم علي المدير العام، لأن زوجته هي السيدة زينب البشري ناظرة مدرستي .. كان جيل الآباء.

كبرت وعند تخرجي، وحسب تقاليد كلية الطب، طلب مني أن ألقي كلمة الطلاب في حفل التخرج لأني كنت أول الطلاب الذكور، وتلقيت اتصالا من انكل وحيد غازي وذهبت له ومعي رزمة من ورق الصحف الذي يسمى "الدشت" غير المسطر  المائل إلى الصفرة، توجهت إليه في جريدة الوفد حيث كان يعمل وسألني: عايز تقول إيه في كلمة الخريجين؟، ثم قام بالنداء على أنكل سعيد عبد الخالق وقال له: شوف عصام ابن نجوى كبر إزاي..وفوجئت بانكل سعيد بيقول لي إن والدي كان وزعه علىالوحدة التي يعمل بها علشان يقضي فترة سهلة في التجنيد. 

ثم خرجت وذهبت إلى مبنى الجمهورية‏ لانكل جلال العريان الذي أخذ الخطبة اللي كتبها لي وحيد غازي وعمل عليها بعض التعديلات.. ولازلت احتفظ بالنسخة الأصلية بخط يد وحيد غازي وعليها تعليقات من جلال العريان.

أتذكر طنط نجوان محرم لما كانت تمر علينا وتقول لنا أنا النهارده جاية بالعربية الكبيرة الـ ١٢٧ لأن العربية الصغيرة كانت Seat ، اتذكر طنط ناهد المنشاوي، كنا بنقعد على السلم عند بيتها في الزمالك علشان نشوف الأستاذ فؤاد المهندس وهو طالع العمارة، أو نذهب لطنط فريدة عباس ونلعب مع أبنائها في حديقة جاردن سيتي أمام بيتها.. أتذكر وفاة طنط نوال مدكور  بكل تفاصيلها وذهابنا إلى بيت أسرتها في شبرا مع شريف ابنها بعد الدفن.. ثم تكرار نفس المرض مع طنط سوسن عبدالسلام.

‏أتذكر صورتي في الصفحة الأولى في الجرنان لما كنت الثاني على محافظة الجيزة في الابتدائية سنة 78، ‏وإصرار أنكل يوسف عز الدين على إن صورتي تنزل وأنا الثاني على محافظة الجيزة في الصفحة الأولى.. وبعدها صورتي على الصفحة الأولى سنة 89 وأنا الثاني على كلية الطب.. مرتين صورتي في الصفحة الأولى.

‏لسة فاكر المبنى القديم بشارع زكريا أحمد بكل تفاصيله..أول ما أوصل أطلع عدة سلالم عشان أسلم على طنط بيسة في السويتش اللي كانت بتعرف صوتي لما اتصل بماما في الجرنان قبل ما أقول انا مين.. وبعدين نطلع الدور الثاني اللي فيه الجمهورية  وادخل يمين علشان أوصل للآخر خالص لصالة التحرير.. لكن الأول أمر على مكتب انكل يوسف عز الدين على اليمين فأدخل أسلم عليه.. ثم  ادخل المكتب واتجه شمالا إلى انكل علاء الوكيل حتى أسلم عليه وعلي محرري قسم الحوادث بالكامل، وبعدين أرجع تاني في الاتجاه الآخر عشان ألاقي باقي كبار الكتاب والمحررين الذين كانوا كلهم نجوما في عالم الصحافة، حيث كانت أمي بتقضي وقتفي الجرنان زي ما بتقضي في البيت.

‏أتذكر أيضا الفترة القصيرة التي عملت فيها أمي مع جيهان السادات، وكيف ذهبت معها أنا عدة مرات إلى بيت السادات والتقيت  بمذيع شهير كان يلقي نشرة الأخبار باللغة الإنجليزية في التلفزيون وكان مديرا للمكتب الإعلامي لجيهان السادات (لا اتذكر اسمه وإن كنت أتذكر ملامحه بدقة)، وكيف سافرت أمي لأول مرة مع جيهان السادات لافتتاح قرية مجاوبش في الغردقة وتغيبت عنا لمدة ثلاثة أيام وعندما عادت قررت عدم الاستمرار في العمل مع السيدة الأولى حتى لا تتأثر عنايتها ورعايتها لي ولأخي، وكيف حاول الجميع إقناعها بعكس ذلك ومنهم هذا المذيع الشهير وطنط ماجدة مهنا في الأهرام و  الوزيرة عائشة راتب وكيف ذهبنا مساء أحد الأيام إلىمنزل عائشة راتب بجوار كوبري الجامعة وهي تقول لأمي  بأن هذه فرصة يسعى إليها كل الصحفيين ولايجوز التفريط فيها بهذه السهولة، ولكن أمي رأت أني أنا وأخي أهم من أي شيء آخر.. وحينها تعهدت أنا وأخي أن نثبت لأمي أن قرارها كان صحيحا وألا نخذلها أبدا وأرجو أن نكون  قد نجحنا  في ذلك.

‏حتى مكتب الجمهورية في الأسكندرية، أتذكره جيدا ومدير المكتب يحكي عن العروس الشابة اللي وقعت في البلاعة على الكورنيش وابتلعها البحر.

كنت طفلا وشكلت هذه الأسماء طفولتي: 

‏الاساتذة محمد حمودة ووحيد غازي وناصف سليم ويوسف عز الدين وفؤاد الشاذلي وناجي قمحة ومحمد أبو الحديد وجلال العريان وأحمد حمروش وصالح إبراهيم  نجوان محرم وناهد المنشاوي وفريدة عباس و فوقية عفارة

ثم جيل الاساتذة 

‏ فاروق عبد العزيز وعلي هاشم ومحمد إسماعيل ومصطفى عمارة ونفيسة الصريطي وسوزان زكي وسهير عبد الستار

أما الأستاذ سمير رجب، فاكر لما حكيت له مرة عن عوار في قانون الجامعات والبعثات وخلال يومين تكفلت كبسولة واحدة منه بحل المشكلة ثم علاقة ابنه بأخي وهم زملاء .

كبرت وتخرجت وجاء جيل الأخوة، مجموعة الشباب اللي التحقوا بالجريدة وكانوا لازم يأتوا لنا في بيتنا وأصبحنا إخوة بمعنى الكلمة، بسيوني الحلواني، جمال عقل وإبراهيم أبو كيلة، وحسن الشايب،و محمد منازع، وجمال عبد الرحيم، وعلاء معتمد، وأخواتي نسرين، سمية.

أتذكر بابا وهو بيساعد هؤلاء الشباب في فترة التجنيد، ومشاركة حسن الشايب أحزانه أيام حادث المرحوم ابنه في الأسكندرية، وأتذكر مشاغبات جمال عبد الرحيم، وحنان زوجة ابراهيم ابو كيلة الله يرحمها وهي بتاخد صور ولادي وهم صغيرين عشان تنزلهم عندها في المجلة .

‏باقي الإخوة عادل غيث، شريف قنديل، بثينة عبد الحميد، ماهر عباس، ياسر كامل، سيد جاد، شريف الملاح، وآخر العنقود بالنسبة لها محمد الطوخي.

أتذكر المهندس عادل زوج طنط سوزان زكي، عندما حضر  إلى شقة زواجي  كأخ أكبر حتى يوضح لي كيف أعمل ديكورات للشقة.

ممكن أكتب صفحات وصفحات عن حياتنا وذكرياتنا مع الجرنال، أنا آسف لو كنت في خضم عدم التركيز نسيت حد.. كلهم أبائي أو إخواتي.

أشكركم جميعا على أن أنكم أعطيتوها حياة حافلة وحياة سعيدة وحياة مليئة بالأصدقاء والأبناء والزملاء.

تم نسخ الرابط