ads
الأربعاء 29 يناير 2025
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

الشيخ محمد عبد الخالق: دروس إيمانية وروحانية من الإسراء والمعراج في مواجهة تحديات الحياة

الشيخ محمد عبد الخالق
الشيخ محمد عبد الخالق أمام وخطيب بوزارة الأوقاف

أكد الشيخ محمد عبد الخالق، الإمام والخطيب بوزارة الأوقاف وباحث الدكتوراة بجامعة الأزهر الشريف، على أن الإسراء والمعراج يعدان معجزة عظيمة لا يقوم بها إلا الله سبحانه وتعالى، حيث قال في حديثه: "يقول الله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى"، مشيرًا إلى أن كلمة "سبحان" تعني التقديس والتعظيم والتقدير لله جل وعلا.

وأضاف الشيخ محمد عبد الخالق في حوار خاص لـــ«خلف الحدث»، أن رحلة الإسراء والمعراج تحمل العديد من الإرشادات والدروس التي تساهم في بناء الإنسان إيمانيًا وروحانيًا، حيث إن الإنسان بناء متكامل من الجوانب المادية والروحية والنفسية، والإنسان يحتاج إلى إشباع كل هذه الجوانب، فلو أنه اهتم بالبناء الجسدي والنفسي وأهمل البناء الروحي فإنه يعيش حياة غير هانئة ولا مطمئنة، يقول الله تعالى: "ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكة". وهذا دلالة على أن الإنسان يحتاج إلى البناء المتكامل كي يواجه أحوال وصعوبات الحياة وتقلبات الأمور.

وأوضح أن الإسراء والمعراج كانت بمثابة جبر بعد كسر، وعطاء بعد منع، ويسر بعد عسر. جاءت هذه المعجزة في مرحلة صعبة مر بها النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته، حيث تعرض للاضطهاد والسخرية والإهانات على المستوى الشخصي والاجتماعي، بالإضافة إلى فقدان زوجته الحنون السيدة خديجة رضي الله عنها، ووفاة عمه أبو طالب الذي كان يدافع عنه.

وفي هذا السياق، أشار الشيخ عبد الخالق إلى أن الإسراء والمعراج كانت دعوة للنبي صلى الله عليه وسلم إلى الملأ الأعلى، مرورًا بالأرض المباركة التي جمع الله فيها الأنبياء. وقال: "الدروس التي نستلهمها من هذه الرحلة هي أن المؤمن يجد بناءً للجوانب الإيمانية وإحياءً للروح والفطرة في داخله، وصلة بالله سبحانه وتعالى في هذه الأحداث، وأن الله هو الذي يملك كل شيء، وأنه هو الذي يعطي ويمنع، وهو الذي يسعد الإنسان في مراحل صعوباته". 

اقرأ أيضاً 

الشيخ محمد عبد الخالق: الكتاتيب تمثل محضنًا لبناء الإنسان وركيزة لنهضة الأمة

فالمؤمن حينما يرى أن الله سبحانه وتعالى كان في معية النبي صلى الله عليه وسلم، حينما تكالب عليه البشر، فقد وجد النبي غاية الاضطهاد في مكة، فأراد أن يبحث عن مكان آخر لينشر دعوته، فذهب إلى الطائف، وهي مدينة قريبة من مكة، فما وجد هناك إلا زيادة في السخرية والاضطهاد حتى وصل الأمر إلى الإيذاء الجسدي، وأخرجوه من الطائف فدخل إلى حائط يستريح فيه.

فضاقت الأمور على الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: «اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس، أنت رب المستضعفين وأنت ربي، إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني؟ أم إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك غضب عليَّ فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي». وهنا نصل إلى درس عظيم في كل دقائق حياتنا وفي كل أوقاتنا، وهو سلاح الدعاء، وهذا السلاح تهتز له السماوات. فالنبي حينما دعا، أرسل الله له جبريل عليه السلام، ومعه ملك الجبال، وقد أمره الله أن يتأمر بأمر النبي، فقال: "يا محمد، إن أردت، أطبق عليهم الأخشبين"، فقال الرسول صاحب الرحمة: "ولكن أرجو الله أن يخرج من أصلبهم من يعبد الله ولا يشرك به أحد". فجاءت دعوة من الله سبحانه وتعالى لزيارة الملأ الأعلى في رحلة الإسراء والمعراج.

كما تحدث قائلاً: "هنا يتبين أهمية بناء الثقة بالله سبحانه وتعالى ودوام الدعاء"، مشيرًا إلى أن الإسراء والمعراج تحمل جانبًا روحانيًا تعبديًا يعزز من الصلة بالله ويزيد من حب الإنسان لله.

وأضاف: "وربما يضيق الحال على الإنسان، لكن هذا التضييق سرعان ما يمر، وفيه من البناء والعطاء ما يجلب السعادة التي قد لا يراها الإنسان في لحظتها".

وفي ختام حديثه، أكد الشيخ محمد عبد الخالق أن العلماء اختلفوا في تحديد موعد الإسراء والمعراج، فمنهم من ذهب إلى أنه في شهر رجب، وهناك من يرى أنه وقع في غير شهر رجب، بينما يعتقد آخرون أنه ليس في ليلة السابع والعشرين من الشهر. ومع ذلك، أشار إلى أن المؤمن يستطيع أن يستمد من هذه المعجزة دروسًا إيمانية وروحانية في أي وقت، مؤكدًا أن الإسراء والمعراج تمثل فرصة للتقرب إلى الله واستمداد القوة والصبر في الأوقات الصعبة.

واختتم الشيخ حديثه قائلاً: "الله سبحانه وتعالى هو الذي يفرج الكروب ويعطي ما لا يستطيع أحد إعطائه، والسلام خير ختام."

تم نسخ الرابط