ads
الأحد 12 يناير 2025
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

الشيخ محمد عبد الخالق: الكتاتيب تمثل محضنًا لبناء الإنسان وركيزة لنهضة الأمة

الدكتور محمد عبد
الدكتور محمد عبد الخالق

أكد الدكتور محمد عبد الخالق، إمام وخطيب مسجد البشير بحدائق القبة، أن الكتاتيب تعد محضنًا أساسيًا من محاضن التربية والتنشئة، مشيرًا إلى أن لها دورًا عظيمًا في بناء الإنسان بصورة متكاملة تشمل الجوانب العقلية والروحية والمادية.

وأضاف عبد الخالق أن الكتاتيب تسهم في تشكيل ملامح وعي الإنسان منذ الصغر، مؤكدًا أن هذا البناء، إذا كان قائمًا على القرآن الكريم، فإنه يؤدي إلى غرس القيم الروحية وتنمية القدرات الإيجابية النافعة التي تسهم في عمارة الأرض، مستشهدًا بقوله تعالى: "أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ" [التوبة: 109].

وزارة الأوقاف تعيد إحياء الكتاتيب لبناء الوعي وترسيخ القيم الأخلاقية

وتابع الشيخ محمد عبد الخالق قائلاً: "إن البناء الذي نسعى لتحقيقه هو بناء القيم الروحية والأخلاقية للأجيال، وربطهم بالقرآن الكريم الذي يمثل دستور الحياة وقاعدة الانطلاق نحو نهضة الأمة". وأشار إلى أن أعداء الأمة يستهدفون النشء بوسائل متعددة، مثل الألعاب الإلكترونية والأفلام التي تغرس فيهم قيماً سلبية.

وأردف عبد الخالق أن للكتاتيب دورًا كبيرًا في تعديل مسار النشء خاصة في المراحل الأولى من العمر، مضيفًا أن هذا الدور كان حاضرًا منذ عهد النبي محمد ﷺ، حيث حرص المسلمون على تعليم القرآن وترغيب الأبناء فيه.

واستشهد بحديث النبي ﷺ: "من قرأ القرآن وتعلمه وعمل به ألبس والداه يوم القيامة تاجًا من نور"، مؤكدًا أن هذا الاهتمام كان له أثر عظيم في بناء أجيال من العلماء والقادة.

كما صرح خطيب وزارة الأوقاف بأن الكتاتيب تهدف إلى غرس وبناء ثلاث منارات أساسية في تشكيل شخصية الإنسان وبناء وعيه:


المنارة الأولى: اللغة العربية

وأوضح الشيخ محمد عبد الخالق أن الكتاتيب تسعى إلى تعزيز الحصيلة اللغوية للطلاب، حيث تمد العقل بالقوة والسعة وتنمية المدارك. وأضاف أن اللغة ليست مجرد كلمات وإنما أداة رئيسية لنقل الأفكار وتعميق الفهم وتنمية التفكير الإبداعي. واستشهد بتميز سيدنا آدم -عليه السلام- على الملائكة بتعلّم الأسماء كلها، كما جاء في قوله تعالى: (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا) [البقرة: 31]. وأكد أن اللغة العربية تملك حصيلة لغوية عظيمة مدعومة بالقرآن الكريم الذي يحتوي على أكثر من سبعين ألف كلمة، مما يجعلها أعظم من أي لغة أخرى.

المنارة الثانية: حفظ القرآن الكريم

وأشار إلى أن القرآن ينمّي المدارك العقلية ويعمل على بناء شخصية قوية ذات سلوكيات إيجابية وقيم أخلاقية سامية. وأضاف أن القرآن ليس مجرد مصدر تعبدي وإنما هو أداة تربوية عظيمة، حيث أثبتت الأبحاث أن مصاحبته تغرس القيم دون عناء. واستشهد بقول المشركين في مكة: (لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) [فصلت: 26]، موضحًا أنهم كانوا يخشون تأثيره الإيجابي على الأجيال.

المنارة الثالثة: الوعي التاريخي

وأضاف الشيخ أن الوعي التاريخي يتجسد في القصص والنماذج التي يقدّمها القرآن الكريم، حيث يُعدّ التاريخ خير معلم، مشيرًا إلى أن القرآن يروي الأحداث من جوانب متعددة ليلمس القلوب المتباينة.

حرص وزارة الأوقاف 

ولذا فلقد حرصت وزارة الأوقاف عبر تاريخها الطويل وفي عهدها الجديد وفي ظل وزارة الدكتور أسامه الأزهري، هذا الرجل العازم على وضع هذه القدرات في مكانها للحفاظ على مسيرة الأمة وريادتها وتقدمها من خلال بناء الوعي والبصيرة في الإنسان ولذا فقد أطلقت مبادرة "عودة الكتاتيب" وقد تبنى السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي هذه المبادرة تبنياً طيبا.

تجربة شخصية مع الكتاتيب 

وعن تجربته الشخصية قال الشيخ محمد عبد الخالق: "لقد كانت لي تجربة خاصة، ورحلة طيبة مع تحفيظ القرآن، وأنا من أبناء وزارة الأوقاف، فلقد أنشأت كتاباً في أول الأمر بقريتي في محافظة الشرقية وقد تكاملت به مستويات الحفظ جميعها بداية من المبتدئين صعودا إلى الحفاظ الخاتمين، وكان له الثمرات الطيبة حيث كان حفظ القرآن دافعا لتفوق الطلاب في دراستهم، فقد تخرج من بينهم أطباء، وكميائيين، ومهندسين، وقد شارك العديد منهم في كثير من المسابقات المحلية".

وأضاف عبد الخالق قائلاً: عندما انتقلت إلى القاهرة بعملي عملت على متابعة مسيرة الكتاب وترغيب الأبناء في حفظ القرآن، لكن وفي الحقيقة وجدت الواقع في القاهرة بالنسبة لرغبة الأهالي لتحفيظ أبنائهم القرآن أقل بكثير بالنسبة للعديد من المحافظات الأخرى، فنحن نعاني من قلة إقبال الأبناء على المساجد للتعبد ولحفظ القرآن، مع كون التحفيظ في المسجد بدون مقابل مادي، وفي الوقت نفسه لو فرضنا أن أقوم بفتح كتاب في الشرقية في الوقت الحالي سيبدأ في الشهر الأول بخمسين طالبا وسيتضاعف العدد تباعا.

مقترحات لدعم الكتاتيب

واختتم الشيخ بتقديم مقترحات لدعم الكتاتيب، منها:

1. إطلاق حملة إعلامية قوية لترغيب الأهالي في تعليم أبنائهم القرآن واللغة العربية.
2. دمج مناهج القرآن في العملية التعليمية.
3. تخصيص منح وحوافز ثابتة لحافظي ومفسري القرآن من الناشئة.

 

تم نسخ الرابط