ads
الأربعاء 29 يناير 2025
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

من المعلوم سلفا أن أطفال اليوم هم أمل الغد المشرق، وأن شباب اليوم هم رجال المستقبل الذين تنعقد عليهم الآمال، ولم لا !!  وهم "سواعد البناء" التي تمثل قوة بشرية وثروة هائلة ينبغي توظيفها واستغلالها في النهوض بالمجتمع وتحقيق الغايات العظام، والأخذ بأيديهم نحو تحقيق أهدافهم وطموحاتهم وانتشالهم من كبواتهم وعثراتهم.
ومن الحقائق التي لا تخطئها عين ناقد أن ترسيخ القيم الدينية، ونشر الأخلاقيات الفاضلة، والتمسك بالأعراف والقيم المجتمعية، وبث روح الأمل والمبادرة وتحقيق الذات، والسير علي نهج أصحاب الخلق والقدوات، وتوجيه طاقات الشباب فيما يعود بالنفع علي مجتمعاتهم، واكتشاف قدراتهم ومهاراتهم وتنميتها من الأعمدة الرئيسية للنهوض بالأمم والمجتمعات.
ومن الثوابت التي لا يختلف عليها اثنان أن "التنشئة" لها دور رئيس في توعية الأطفال والشباب، وترسيخ القيم الإيجابية لديهم، وتوظيف طاقاتهم فيما يعود بالنفع علي أنفسهم، وأسرهم، ومجتمعاتهم.

وهذا الدور المهم لا يقتصر علي مؤسسة بذاتها، أو فرد بعينه؛ فالتنشئة السليمة، والتربية القويمة عملية متكاملة تقوم بها الأسرة والمؤسسات التعليمية والاجتماعية والثقافية والدينية والرياضية والإعلامية.

ومن الملاحظ أن الأطفال والشباب قد ابتعدوا كثيرا عن السلوكيات الحسنة والأخلاقيات الفاضلة، وأصابهم اليأس
والإحباط، واستغرق الجميع في تضييع الأوقات،  واختلاق الأزمات والمشكلات، وانتهاج العنف المفرط وتوجيه الضربات واللكمات، واستنزاف الطاقات فيما لا نفع فيه ولا عائد منه إلا  تحطيم الضيعات والممتلكات.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد ؛ بل انتشر بين الأوساط الشبابية سلوك العنف اللفظي والجسدي، والجنوح نحو السباب والعراك، و التعصب والكراهية التي أصابت الجميع بالتعب والإرهاق، وهذا مؤشر لكارثة اجتماعية وأخلاقية ومجتمعية قد تحرق الجميع دون رحمة أو إشفاق.

وقبل أن ينفجر هذا البركان، وللخروج من هذا المشهد المأزوم لابد أن تقوم المؤسسات التعليمية والاجتماعية والثقافية والدينية والرياضية والإعلامية بدورها ليعود الأطفال والشباب لحظيرة الأخلاق الحميدة والقيم الفاضلة.

فعلي الأسرة أن تقوم بدورها في تربية الأولاد علي احترام الكبير، وتوقير المعلم، والتمسك بالصدق والأمانة، والاندماج الإيجابي مع الأقران، والتعامل بالبر والوفاء والإحسان.

وعلي المؤسسات التعليمية أن تقوم بدورها في تعليم النشء، وإكسابهم المهارات التعليمية والحياتية المختلفة، من خلال أنشطة تعليمية وتربوية وتثقيفية.

وعلي المؤسسات الرياضية كالأندية ومراكز الشباب أن توفر لهذه الأجيال الأنشطة الرياضية والثقافية والاجتماعية التي تستنزف طاقاتهم، وتوجه طموحهم لما يعود عليهم بالنفع والفائدة.

وعلي المؤسسات الدينية أن ترصد هذه الظواهر التي تعج بها هذه المرحلة العمرية، وتحذر من مغباتها، وتوضح حكم الشرع فيها، مع الاهتمام بالأنشطة الدعوية التي تتناسب مع هذه الفئة العمرية، والنزول لأرض الواقع وتناول مشكلاته، ونزع فتيل عثراته وأزماته، والتغلب علي أمراضه وأدرانه وآفاته.

وعلي المؤسسات الاجتماعية أن ترصد المخاطر التي تواجه هؤلاء الأطفال والشباب وتوليها عنايتها الفائقة، وتشخص أسبابها، وتضع لها الحلول الفاعلة والخطوات الناجزة، ولا تقف  مشلولة الأيدي مغلولة عاجزة.

وعلي وسائل الإعلام أن تسلط الضوء علي النماذج القدوة في مناحي الحياة العلمية والثقافية والدينية والرياضية والاجتماعية بعيدا عن التفاهات والترهات، والعنف الأسري والاجتماعي الذي يملأ الشاشات عبر الدراما والبرامج المتعددة والأفلام والمسلسلات.

حري بالأسرة ومؤسسات المجتمع أن تعود لسابق عهدها في التربية والتنشئة، والمضي قدما في تثقيف الأطفال والشباب وتوعيتهم، وغرس القيم الحميدة بداخلهم، وإلهاب حماستهم للتعلم والسير في ركاب العلم والمعرفة، والتسلح بأدوات العصر وتقنياته ليصبح كل واحد منهم لبنة من لبنات صلاح المجتمع ورقيه، وأداة للبناء لا معولا للهدم وإهدار الطاقات والقدرات.
علي كل مؤسسة، وعلي كل مسئول القيام بدوره تجاه الأطفال والشباب قبل أن يستفحل الخطر، وتنفجر القنبلة في وجه الجميع، ونجني ثمار الإهمال، وإغماض الأعين عن المشكلات الحقيقية التي تواجه الشباب والأطفال.
وعندئذ لا ينفع الندم، ولن يجدي البكاء على اللبن المسكوب.
أسأل الله الهداية لأولادنا وبناتنا، وأن يردهم إلي دينه ردا جميلا، وأن يوفقهم لما فيه الخير والرشاد.

تم نسخ الرابط