الخميس 07 نوفمبر 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

كانت لعرب الجاهلية أخلاق وقيم رفيعة جدا رغم جاهليتهم، ولأجل هذا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم-" إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق". والتمام يكون لشيء موجود ولكنه ناقص.
ومن أهم أخلاقهم في الجاهلية، إغاثة الملهوف، ونجدة المستغيث، وإجارة المستجير، ثم لما جاء الإسلام عمق من هذا الأخلاق العظيمة وبنى عليها، وقد وصل الأمر في الإسلام  إلى الحد الذي إن استجار بالمسلم  مشرك فعليه أن يجيره حتى يبلغه المكان الذي يشعر فيه بالأمن والأمان والطمأنينة، قال تعالى: "وإن أحد من المشركين استجارك فأجره  حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه"
وقد ظلت هذه النخوة والمروءة والإقدام والشجاعة تتواصل في أبنائهم متنقلة في أصلابهم جيلا بعد جيل، وقد تمثلت تلك الأخلاق في أعظم صورها عند الخليفة المعتصم، الذي جعل من صرخة واستغاثة امرأة عربية تحرش بها علج من علوج الروم في حصن عمورية المنيع الذي استعصى على الفتح بسبب شدة وبأس القوة التي تحميه، جعل من صرخة ( وا معتصماه) إعلانا بالحرب. ونفيرا لإحدى المعارك الكبرى، وجهز المعتصم جيشا كثير العدد والعدة  وكان هو رأس قيادته ، ولم يصغ إلى تحذيرات  المثبطين المحبطين من المنجمين الكذابين الذين حاولوا أن يردوه عن الاستجابة لتلك الصرخة. لأن كتبهم تقول: بأن هذا ليس أوان فتح عمورية،  ولكنه أصر وقاد الجيش بنفسه حتى تحقق النصر ورد  للمرأة العربية كرامتها وعزتها وشنوخها، ليسجلها التاريخ كأعظم صرخة  سمعها العالم كله ولا يزال.
وبعد وقوع معركة طوفان الأقصى التي نعيش فظائعها الآن، ونشاهد  مآسيها ليل نهار. توهمت أن جيوش العرب والمسلمين ستزحف بالملايين ذاهبة إلى ميادين القتال في غزة استجابة لصرخات الآلاف من النساء والأطفال والشيوخ، ليسجل التاريخ لنا أنه لا يزال في الأمة تلك الأخلاق التي توارثتها عن الآباء والأجداد، ولكن للأسف لم تحرك تلك المشاهد التي يشيب لها الولدان أي قلب عربي ومسلم. حتى جعلني ذلك أتساءل: أين ذهبت  نخوتنا وكرامتنا وعزتنا ؟؟؟!!!.
هل جيناتنا تغيرت بعدما تم تلقيحها بجينات الجبن والخزي والعار حتى أصبح العربي المسلم أضحوكة الزمان وسخرية الأيام، وسيسجل عليه التاريخ يوما بأنه في الوقت الذي استجار به الأخ،  والجار، والصديق تمنع عليه، وخذله، لأنه لم يجد مصلحته معه، بل وجدها هناك، مع من يملك القوة والسطوة والمال.
وحسبنا الله ونعم الوكيل.

تم نسخ الرابط