عندما يشرع الكاتب في كتابة مقاله اليومي كان أم الأسبوعي تتزاحم في رأسه الأفكار وتتشابك التساؤلات: ماذا يكتب، ولماذا، وما هي الرسالة التي يريد توصيلها للقارئ أو المجتمع أو حتي المسئولين وصناع القرار؟!
ربما يظل علي هذه الحالة لساعات يحاول فض اشتباك الأفكار في ساحة معركة التساؤلات.
يقينا سيظل القلم سفير العقل، ورسوله الأنبل، ولسانه الأجمل، وترجمانه الأفضل كما يقول أحد حكماء الكلمة السابقون، وسيظل القلم كما السيف، وإن كان السيف إلي حين إلا أن القلم إلي كل حين، حيث يبقي ما يسطره أبد الدهر، في حياة صاحبه وبعد الممات وعلي مدي السنين مصداقاً لقول الحق في كتابه المبين «ن والقلم وما يسطرون».
سيظل القلم علي رسالته أداة لتقنين الحق ودحض الباطل وتصحيح الأخطاء وإصلاح الاعوجاج وبتر الفساد متي كان بين الإبهام والسبابة والوسطي في كف أمينة، ونفس صادقة تري الحق حقاً فيرزقها الله اتباعه، والباطل باطلا فيرزقها اجتنابه.
الصحافة آلة يستحيل كسرها
ما سطرته سابقاً عصارة حالة انتابتني كالعصارة الصفراوية التي يفرزها الكبد وتخزن في المرارة وتصيب المرء بارتجاع المرئ في حالة وجود خلل عضوي داهمتني الحالة بعد نقاش طويل مع أحد القراء، واستيائه مما أصاب الصحف الورقية - التي شب علي رائحة أوراقها وحبرها - كما يقول من حالات تردي و كساد؟
وجدتني أذكره بمقولة الكاتب الروائي الفرنسي الشهير بأن «الصحافة آلة يستحيل كسرها» ومقولة أحد عظماء المهنة »«إن الكتابة هي فأس الجليد الذي يكسر التجمدات القابعة حول أرواحنا».
وجدتني أخبره بأن ما تمر به الصحف الورقية الآن ما هي إلا كبوة مؤقتة فرضتها ظروف اقتصادية وأعباء مالية تعاني منها صناعة الصحافة في مصرنا والعالم نتيجة ظهور «صحافة الفيس بوك» والنت واليوتيوب والمواقع الإخبارية وغيرها من أسباب مهنية شخصها شيوخ المهنة و«اسطواتها» وأنا في حل عن ذكرها!
انهيت النقاش بأبيات من قصيدة «دموع قلم» للشاعر السعودي، الأستاذ الجامعي عبد الرحمن العشماوي:
علي قلمي تكاثرت الجروح
فما يدري بأي أسي يبُوح
كأن برأس ريشته دُوارا
وثغرا من مواجعها يصيح
إذا أمسكته لأخُط حرفاً
تلجلجَ نُطقه وهو الفصيح
كأن الحبر في قلمي دموع
علي وجنات أوراقي تسيح
ربنا يصلح الحال والأحوال.